فى جرأة غير مسبوقة، كما أنه فى معظم الأحيان أرجع عنف الجماعات الإسلامية إلى الفتاوى التى خرجت بها كتب التراث الإسلامى، تلك المجلدات التى تربينا عليها وكانت لغالبيتنا منهاجا نسير عليه فى تعلم أصول الدين.بداية لست هنا فى مرحلة تقييم لما قاله إسلام بحيرى، ولكن أذهب إلى زاوية أخرى غاية فى الأهمية وهى من المسئول عن الإسلام؟ الأزهر الشريف أم أنا وأنت وكل المسلمين؟فى الواقع كل منا مسئول عن نفسه أمام الله، «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره»، الآية الأخيرة من سورة الزلزلة، إذن فكل مسئول عن أفعاله ولكن هل هناك من يستطيع أن يحدد الصواب والخطأ فى الإسلام وكيف؟تعلمت وغيرى الصلاة وحفظ آيات القرآن الكريم، وتعلمنا أسس الدين من خلال المدرسة وخطيب المسجد، ثم البرامج الدينية فى الإذاعة والتليفزيون، وترسخ لدى معظمنا يقين ثابت بما هو حلال وبما هو حرام.
اليوم انتشرت الفضائيات وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى متوافرة لدى الغالبية العظمى، وهى أحد أهم روافد توافر المعلومات، كما أصبح كثيرون يطرحون رؤاهم الدينية أمام الناس، وسط كل هذا انقسم معظمنا إلى نوعين «المتشدد والمعتدل»، و لكل مرجعيته الدينية.
لذا تبدو حالة الجدل التى خلفها إسلام بحيرى منطقية، لأن لكل منا وسيلة إدراك المعلومة الدينية الصحيحة، وجزء كبير منها كتب البخارى وغيره ممن تشبعت نفوسنا من كتبهم وعلمهم، وهو الذى شكك فيما قالوه، وقطع بأن من أقوالهم ما لا علاقة له بصحيح الدين. وهنا تأثر البعض من المشاهدين بإسلام وتساءلوا حول حقيقة ما يقوله، و بعد عشرات الحلقات التى قدمها بدأ تحرك الأزهر مطالبا بوقف برنامجه، وهى خطوة أوجه فيها للأزهر عتاب المحبين، فهو القيمة و القامة الإسلامية الفريدة، وهو أحد أهم أسباب انتشار الإسلام فى كثير من بقاع الأرض بفضل رجاله وبعثاته العلمية.
لذا كان يفضل أن يكون الرد بالحجة والمنطق الإسلامى، وليس المنع من العرض، فيجب أن يخرج علماء الأزهر للناس لتوضيح وتفسير خطأ إسلام بحيرى بالدليل وليس بالمطالبة بالمنع، فالمنع يؤكد ضعف حجة الأزهر الذى ينص الدستور على أنه المرجعية الدينية للإسلام فى مصر، كما يجب أن يواكب الأزهر العصر الحديث، وأن تكون له قناة فضائية تشرح علوم الدين وتفسر للناس ما يصعب عليهم فهمه، بالإضافة إلى أهمية وجود صفحة رسمية للأزهر على الفيس بوك تستقبل تساؤلات المواطنين من كل صوب وحدب وترد عليهم.
بشكل واضح يجب أن ينفتح الأزهر على الناس، كما يجب عليه أن يفتح قنوات اتصال بينه وبينهم ، فقد أصبحنا وأمسينا على ظواهر دينية جديدة كل يوم دون وجود ملموس لمن يبين لنا الصواب والخطأ فيما نسمع ونرى، ثم كيف يخرج برنامج دينى للنور يبث على قمر النايل سات المصرى دون موافقة مسبقة من الأزهر، ولو تمت المراجعة، لما وصل الحال إلى ما وصلنا إليه الآن؟
إن غالبية المصريين يتلقون تعاليم الدين الحنيف من السلف الصالح، ومن خلالهم، ثم من خلالنا سيظل الدين ينتقل للأجيال القادمة، لذا علينا جميعا بدءًا من الأزهر أن نعيد جمع تراثنا الإسلامى بعد تدقيقه ثم ترتيبه وحفظه على وسائط إلكترونية، ليجد الناس تراثهم الإسلامى متاحا لهم بكل الطرق الحديثة، كما اقترح أن تبادر إحدى شركات الإنتاج الفنى بعرض عمل فنى ضخم عن أحد السلف الصالح، بعد موافقة الأزهر الشريف، لأن الأعمال الفنية يكون لها أثر كبير فى نفوس المشاهدين، كما تشكل وجدان البعض فى أحيان كثيرة بما تعود بالأثر الايجابى على ترسيخ مفهوم صحيح الدين الإسلامى، على أن يتكرر ذلك العمل الفنى فحيناً يكون عن أحد السلف الصالح وآخر عن أحد الصحابة وهكذا فمن خلال تلك الأعمال الفنية يمكن أن نساعد فى توضيح المفاهيم السليمة للدين الإسلامى.
نعم الأزهر مرجعية إسلامية، ويتحمل الجزء الأكبر من الالتزام بمسئوليته عن الدين الإسلامى بما يملكه من تاريخ عظيم حمل على عاتقه فيه الدفاع عنه ونشره بمفهومه الصحيح، لكن يجب على كل مسلم حقيقى أن يحافظ على إسلامه، وأن يكون قدوة لغيره فى العمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم.