تعيشي .. وتفتكري..
'تعيشى وتفتكرى.. قالتها لى قريبتي في سياق عابر لم يستغرق ثوان بمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاة الوالدة.. ومن بعدها أكملت ما جاء من قبل جملتها الاعتراضية خلال حديث الزيارة التليفونية الروتينية التى لابد فيها أن شكت وبكت وقطّعت فراوى الخلق ونقدت وحللت وتجاوزت وعظّمت وقزّمت وحسبنت وقاضت وحكمت وأقسمت وحنثت وتملصت وخلّصت وسلّمت.. و..قفلت.. وهى لا تدرى ماذا فعلت بى عبارتها المقتضبة وسط سيلها الهادر.. أعيش وأفتكر؟! وهو أنا كنت نسيت.. أنا ابنة الأمس.. أنا عجينة ذكريات.. أنا أمى ماتت من خمسين سنة ومن يومها للآن شاعرة باليُتم.. أنا.. لم أبك على أمى حتى الآن كما ينبغي.. أنا.. لم أصرخ حتى اللحظة من هول الفراق بمثل حجم الألم.. أنا أمى واحشانى موت.. الموت يا أمى علينا حق وحقك علىّ يا ابني إذا ما حان الأجل، ولو كان بخاطرى أو مِلك أمرى ما كان غالبية الأحبة والصحاب من حولى يتساقطون بفعل المكتوب الذى دنا إلى حد الباب والشباك بفعل درجة حرارة زائدة وعطسة كورونا تخرج معها الروح المتعبة لبارئها.'