Close ad

هل كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على فك رموز الهيروغليفية إذا لم يكتشفها شامبليون؟

27-9-2021 | 14:20
هل كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على فك رموز الهيروغليفية إذا لم يكتشفها شامبليون؟شامبليون
محمود الدسوقي

 يختلف الأثريون فيما بينهم ويطرحون السؤال، هل كان من الممكن حل رموز الهيروغليفية بمساعدة الكمبيوتر وعلوم الحاسب إذا لم يكن شامبليون قد تمكن من فك رموز حجر رشيد؟، إلا أن عملاق محرك البحث "جوجل" والذى يحتفل بعيد إنشائه الـ23 اليوم الإثنين، لم ينشغل بمثل هذه الأسئلة العويصة، وأطلق مشروعه لترجمة اللغة الهيروغليفية وسط ترحيب كبير من الأثريين وعشاق الحضارة المصرية القديمة، الذين رأوا أن مشروع "جوجل" خطوة مهمة لشيوع اللغة الهيروغليفية، خاصة لدى القارئ العادي.

موضوعات مقترحة

بدوره يقول الأثري هاني ظريف مؤسس قاموس ترجمة هيروغليفي على هواتف المحمول لــ"بوابة الأهرام" عندما بدأ عالم اللغويات شامبليون في فك رموز اللغة المصرية القديمة، كان في أشد الحاجة لما يعرف من أصول نصية (متون)، ولم يكن في متناوله وقتئذ سوى كتاب وصف مصر، ومجموعة الآثار المصرية في متحف اللوفر، وقد أمضى عالم المصريات الفرنسي إميل شاسيناه (1868 – 1948 م) نصف حياته فى نسخ النصوص (الشكل الكتابي) لمعبد إدفو، ليطبع أكثر من 3000 صفحة لنصوص المعبد في ثمانية مجلدات، بالإضافة لأربعة مجلدات للصور الفوتوغرافية ومجلدين لمناظر المعبد، وكان ذلك وقتما كانت الطباعة يدوية باستخدام ألواح الرصاص، لاسيما وأنه لم تكن هناك مطابع في مصر حينذاك قادرةً على طباعة الخط المصري القديم".

قام إميل شاسيناه بجلب ماكينات طباعة بتنقية الرصاص للمعهد الفرنسي للآثار، وهي ماكينات تقوم على إذابة الرصاص وتشكيله على شكل العلامات المراد طباعتها، وعند الطبع يتم تجميع تلك الأحرف في كلمة ثم سطر ثم ورقة ويتم طباعة ورقة اختبار على أحد تلك الماكينات وعند قبول الموافقة من الكتابة بصحة ورقة الاختبار يتم الطباعة على ماكينة مخصصة للطباعة، والتي رغم كل ذلك العمل الشاق، كانت الأفضل على مستوى العالم في طباعة النصوص الهيروغليفية بسبب دقتها، ثم استبدلت في عام 1922م بماكينات تعمل بإمكان "الأوفست".

 وأضاف ظريف أنه بين عامي 1984 و1990م، نشرت سيلفي كوفيل و ديدير ديفاوشل طبعة منقحة من المجلدين الأولين، وتم نشر المجلد الخامس عشر الذي يجمع النصوص والصور التي تم تجاهلها من قبل شاسيناه.

 وعلى الرغم من النشر الممتاز لشاسيناه، إلا أنه حتى سبعينيات القرن الماضي، تمت ترجمة 10 إلى 15 ٪ فقط من نقوش معبد إدفو إلى لغات مختلفة، وتم العمل عليها بدرجات متفاوتة من الدقة.

 وقد نُشرت نصوص إدفو لعقود قبل أن يتم العمل عليها بشكل مناسب والكم الهائل من النصوص يمكننا من حل معظم المشكلات اللغوية والوقائعية من خلال البحث في بقية المواد عن حالات مماثلة، حيث أن تكرارات الكلمة في النص الهائل الحجم يساعد على ترجمتها بدقة.   

وفي عام 1986، بدأ الأستاذ الدكتور ديتر كورت من جامعة هامبورج مشروعاً طويل المدى مخصصاً للترجمة الكاملة لنقوش إدفو التي تلبي متطلبات كل من علماء اللغة وعلماء الدراسات الدينية، حيث يعد معبد إدفو أكبر موسوعة دينية، و كان ذلك المشروع لتغطية قصورنا و لزيادة معرفتنا بهذه النواحي. لكن الشيء المحبط هو أنه كان على الباحثين دائمًا البدء من الصفر إذا حاولوا البحث عن معنى كلمة وسط هذا الكم الهائل من النصوص.

ومن هنا انطلق مشروع إدفو جامعة هامبورج الذي يهدف إلى توفير ترجمة موثوقة لجميع نقوش المعبد، بالإضافة إلى ذلك، يشتمل البحث عن جميع أوجه التشابه الداخلية والأدبيات ذات الصلة وتحليل النظم وراء الزخرفة. ويتم أيضًا تجميع مؤشرات تحليلية شاملة - مفيدة للباحثين في التخصصات ذات الصلة - وقواعد من نقوش المعابد اليونانية الرومانية.

ويقول هاني ظريف إن ما أنجزه إميل شاسيناه بعدد قليل من الأجهزة التقنية المتاحة وقتئذ مثيراً للإعجاب، حيث تفوق نسخه إلى حد بعيد أعمال أسلافه في ذات المجال.

ولكن عندما قورنت جميع الصور المتاحة بنصوص شاسيناه، اتضح أن ما نشره يحتوي على أخطاء أكثر مما كان متوقعاً، وكان لابد من تصحيح أو استكمال العلامات الهيروغليفية والمقاطع النصية لمنشورات شاسيناه، خاصة إذا كانت النقوش على أجزاء من الجدار يتعذر الوصول إليها أو تالفة، وعلاوة على ذلك، تم مؤخراً نشر القواعد النحوية لنقوش المعابد من العصر اليوناني الروماني التي تتضمن نظام الكتابة والصوتيات وقائمة شاملة بالعلامات.

ونظراً لكل ما سبق فقد تم الاعتماد على الكمبيوتر في تخزين تلك النصوص الهائلة الحجم لسهوله البحث والتصنيف والمقارنة وغيرها من التحليلات الإحصائية ذات الدلالة اللغوية.

وهكذا دخل الكمبيوتر في مجال اللغة وآدابها ونحوها وصرفها من أوسع الأبواب. وأكد أنه بالاستعانة بخبرات مبرمجي ومطوري برمجياته يمكننا الحصول على قواميس إلكترونية يتم توليدها من هذا الكم الهائل من النصوص باستخدام الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، وهو المشروع فابريسيوس الذي أطلقته عملاق التقنية البرمجية جوجل للفنون والثقافة ضمن مشاريع الحفاظ على التراث في ذكرى مرور قرنين من الزمان على فك رموز اللغة المصرية القديمة على يد عالم اللغويات شامبليون.

وهو متاح فقط باللغتين العربية والإنجليزية على موقع جوجل ، واستخدام الموقع للغة العربية هو اعتراف صريح منها بمدى إسهامات علماء اللغة المصريين في هذا المشروع العملاق، والذي كان ينقصه فقط وجود تطبيق قاموس عربي هيروغليفي والعكس على متجرها .

 وأضاف هانى ظريف أن مشروع جوجل خطوة رغم عدم الوصول للترجمة الكاملة ، حيث المشاريع العملاقة تبدء بخطوة، مؤكدا أن القواميس الموضوعة على الهواتف الذكية لها دورها أيضا في شيوع اللغة الهيروغليفية، التى تمتاز بسحرها الغامض وكذلك صعوبتها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: