كان على المراسل الصحفى بناحية أبوالمطامير أن يقوم بتغطية أغرب واقعة حدثت فى زراعات البطيخ بناحية كوم الساقية التابعة لأبوالمطامير البحيرة، فى شهر أغسطس عام 1938م، وهى واقعة مصارعة المزارع أبو إسماعيل القطعانى لذئب شرس فى معركة طويلة رصدها المراسل الصحفى، وكتبت عنها الصحف تحت مانشيت "أهى حقيقة أم خيال؟".
فى البيئة المصرية القديمة كان يتواجد ابن آوى الذى رسمه المصريون القدماء على شكل أنوبيس إله الموت، بينما كانت تتواجد أنواع كثيرة من الحيوانات، ومن ضمنها الذئب، وقد حدثت الواقعة الطريفة والغريبة والتى تنشرها "بوابة الأهرام"، نقلا من صحيفة "البصير" التى كانت تُصدر من الإسكندرية، بعد رصد الصحف الأجنبية للذئب الشرس الهائج الذى أوقع ضحايا بمحافظة الشرقية بدايات ثلاثينيات القرن الماضى، لتتكرر الواقعة بعد ذئب الشرقية بسنوات، ولكن هذه المرة فى زراعات البطيخ، ووجها لوجه أمام رجل قرر المواجهة بدون خوف فى مشهد أقرب لمشاهد السينما العالمية.
بينما كان أبو إسماعل القطعانى ورفيقه رمضان القطعانى يعملان بجد فى زراعات البطيخ، يزيلان الحشائش، ويقومان بفتح خديم المسقى للري، حتى وقف أمامهما ذئب يُكشر عن أنيابه، كأنه يقول لهما: من منكما يواجهنى؟، فما كان من أبو إسماعيل إلا إن قام بحدفه بحجر، كان الوقت ظلاما، ولم تظهر سوى أنياب الذئب الحادة الذى قرر أيضا التوجه لإسماعيل القطعانى الذى ألقى حجرا عليه، لتبدأ المواجهة الحقيقة رجل أمام ذئب، وذئب أمام رجل فمن ينتصر؟.
قرر القطعانى استخدام بندقيته فوجه للذئب رصاصة، لكن الرصاصة لم تُصب الذئب حيث كانت خفيفة جدا، فقفز الذئب عليه، حاول القطعانى أن يوجه رصاصة ثانية، إلا إن البندقية لم تُطلق الرصاصة، لذا كان لابد من الرضوخ للقانون الذى قرره الذئب المصارعة بين الأثنين والأقوى هو من ينجو بحياته، إلا إن أبو سماعيل قرر عدم المواجهة، فأسرع بعيدا تاركا الذئب يقفز على الأرض دون جسده ، واستطاع أن يمسك عصا حيث استخدمها فى المشاجرة ليوجه بها ضربة قوية على رأس الذئب أدت لأن ينقب الذئب على ظهره.
صمم القطعانى على ذبح الذئب الذى أصيب من ضربة العصا، ولكن بينما يقترب منه، فوجىء بأن الذئب يقف على رجليه ويعدو مسرعا، وهو على ظهره، حيث حمله الذئب مسرعا فى مشهد غريب لرجل يمتطى ذئبا كحمار أو حصان، وقد حاول الذئب أن يوقع القطعانى من على ظهره، إلا إن أبوإسماعيل تشبث بأذن الذئب، واستمر الذئب يجري به فى الصحراء حتى أوقعه فى ترعة لتبدأ معركة ثانية مع الإثنين، ولكن هذه المرة فى الماء، وليس فى زراعات البطيخ بصحراء أبو المطامير، حيث استمر الاثنان فى المشاجرة تحت الماء واستطاع القطعانى بأعجوبة أن يُغرق الذئب.
بعد بُرهة صغيرة ظهر الذئب على وجه الماء لايُبدى حراكا فلحق به أبوإسماعيل القطعانى وقام بسحبه، وأخذه ناحية صديقه الذى كان يراقب المعركة وهو مصدوم مما حدث، كانت فكرة زميله أن يضعا الذئب على النار وقاما بأكله، فيما عقبت صحيفة "البصير" على الواقعة بقولها: نرجو من سادتنا العلماء الأفاضل بالإجابة على السؤال التالى هل أكل الذئب حلال أم حرام ؟ وهل حمل بعض عظام الذئب مع المصلى حلال أم حرام، أفيدونا أكرمكم الله لتُنهى "البصير" أغرب واقعة حدثت فى زراعات البطيخ بمزارع مصر قبل نهايات ثلاثينيات القرن الماضى.
وتقول الباحثة نعمات أحمد عثمان فى كتابها "تاريخ الصحافة السكندرية"، إن الصحافة السكندرية اهتمت منذ نشأتها فى نهايات القرن التاسع عشر بالفلاح المصري والمشكلات الزراعية، حيث كانت الصحافة السكندرية تؤكد على امتلاك الشباب المصري لطاقة كبيرة فى تحدى الصعاب، حيث تمتلك مصر أرضا خصبة؛ لذا نصحت باستغلال موارد البلاد وفتح الأبواب أمام الشباب المتعطلين للعمل فى الزراعة، كما رصدت أيضا حوادث الزراعة ووقائعها.
عدد مجلة البصير عن الحادثة عدد مجلة البصير عن الحادثة