Close ad

واجه الإنجليز ورفض إقامة أى سدود على النيل.. سيرة صاحب فيلا "الراية البيضاء"| صور

28-5-2021 | 14:20
واجه الإنجليز ورفض إقامة أى سدود على النيل سيرة صاحب فيلا الراية البيضاء| صورسيرة البطل الحقيقى لمسلسل "الراية البيضاء"
محمود الدسوقي

عرض التلفزيون المصري فى عام 1988م مسلسل "الراية البيضاء"، تأليف أسامة أنور عكاشة الذي نحتفل بذكرى وفاته مثل هذا اليوم، والمسلسل بطولة جميل راتب وسناء جميل وإخراج محمد فاضل، ويتناول المسلسل مصير الفيلات الأثرية التى تعرضت للهدم والتدمير، وتم تصوير مشاهد المسلسل فى فيلا عثمان محرم باشا شيخ المهندسين المصريين، والتى تعرضت للهدم لاحقا بعد قيام رجل أعمال بشرائها، بعد سنوات قليلة من عرض المسلسل الدرامى.

موضوعات مقترحة

وتنشر"بوابة الأهرام" مقتطفات من خطبة نادرة لشيخ المهندسين المصريين والعرب عثمان محرم باشا، الذي تم تصوير مشاهد المسلسل فى فيلته، حيث تُظهر خطبته المنشورة فى كُتيب لجمعية المهندسين الملكية المصرية، وعُرف عن محرم وطنيته الشديدة وحرصه على منابع نهر النيل، مؤكدا أن وحدة النيل من الناحية الهندسية هى معركة الحياة بالنسبة لشطري الوادى مصر والسودان على حد سواء.

وُلد عثمان محرم الذي تولى وزارة الأشغال العمومية 1881م وتوفى فى نوفمبر 1958م بعد دخوله مستشفى لإجراء عملية جراحية، بعد أن ساهم مساهمة حقيقية فى الكثير من الأعمال التى مازلت باقية سواء فى الدلتا أو الصعيد.

كانت له مواقف خالدة بصفته وزيرا للأشغال العمومية، حيث وقف مع الحبشة فى حربها مع إيطاليا، مؤكدا أن الحبشة "إثيوبيا الحالية" مادامت لم تعبث بمياة نهر النيل وتسير على اتفاقية عام 1902م، فالوقوف معها واجب، وفي نهاية حياته عاش مع أسرته في فيلته الأثرية علي شاطئ الإسكندرية، وهي نفسها التى شهدت تصوير مسلسل "الراية البيضا"، وقد تم هدمها كنموذج لتدمير جميع ملامح المدينة الأثرية والفنية والتراثية والثقافية.

وقد تناول عثمان محرم باشا فى محاضرته التى وجهها للمهندسين المصرين عام 1947م ، اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا التى اعترفت بالحقوق التاريخية لمصر فى نهر النيل، كما تناول المشروعات التى أقامتها الري سواء فى مصر أو السودان، مؤكدا على أن التوسع الزراعى وكذلك الصناعى فى مصر والسودان، مكفول بالموارد الطبيعية لنهر النيل، وأنه لا تقدم ولا حياة بدون النيل.

لم تكن أعمال عثمان محرم باشا، البطل الحقيقى لمسلسل "الراية البيضاء" منصبة على أعمال الري فقط فى الفيوم، ونجع حمادى، وأسوان، فقد امتدت للفنون، حيث تولى وزارات عدة، وأسهم في تعمير مدينة القاهرة ، وتوسيع وتمهيد شارع الهرم، وإقامة تمثال نهضة مصر، وتمثالي سعد زغلول في القاهرة والإسكندرية، وضريح مصطفى كامل، وغيرها من الأعمال التى يذكرها التاريخ.

وأكد محرم باشا فى خطبته النادرة، أنه لا حلول سوى الاتحاد بين شطري نهر النيل مصر والسودان، مؤكدا أن كلا البلدين يعيشان من مصدر واحد وهو الماء، واعتمادهما على نهر واحد، وأن إقامة أى سدود تؤثر بالسلب على كليهما، مضيفا أن الاستعمار البريطانى صمم على إقامة مشروعات على النيل بغرض استعماري، مطالبا أبناء مصر والسودان من تخليص أنفسهم من ذلك المستعمر وهو أمر ليس بالمستحيل، مادام الكفاح موجودا

وأضاف محرم فى خطبته أن السياسة البريطانية الاستعمارية  تقوم على التقسيم، ليس فقط بين أبناء الوادى مصر والسودان وحسب، بل حتى بين أبناء أقاليم الوطن الواحد، ففى مصر يوجد تباين ملحوظ بين أهل الدلتا وأهل الصعيد، كما يوجد تباين بين أهل الصعيد وأبناء النوبة، حيث يسعد الإنجليز حين يرون  نظرات السخط من أبناء الجنوب فى مصر إلى الشمال، كما جعلوا النوبة عن عمد أفقر من أسوان، وجعلوا أسوان أفقر من قنا التى بدورها أفقر من جرجا، وكذلك الحال فى السودان ، ومن هنا لا يختلف اثنان فى أن بريطانيا كأى دولة استعمارية لاتبغى خيرا لأهل البلاد.

وتحدث عثمان محرم باشا فى خطبته، عن أهمية قناطر نجع حمادى بقنا؛ لتعديل نظام الري المستديم الحوضي فى الصعيد، كما تحدث عن تعلية خزان أسوان الثانية، ونقل ملكية شركة نجع حمادى والبلينا ومحطتى ري أرمنت للحكومة بدلا من شركات السكر، كما هاجم السياسية البريطانية فى الصعيد، حيث استغل الإنجليز المشروعات المائية بالصعيد، فمنحوا شركة أرنست كاسل الإنجليزية امتيازا بامتلاك وري 60 ألف فدان فى سهل كومبو ليزرعوها زراعة صيفية ونيلية، بينما لاينعم "الأهالى المساكين" التى تقع أراضيهم على جانبى النيل بالري الحوضي سوى مرة واحدة كل عشرة أعوام، وكان من نتيجة ذلك أن تسربت إليها الأملاح من مياه الصرف.

وحذر عثمان محرم باشا من قيام الاستعمار بعمل سدود على بحيرة فيكتوريا والمنابع مستقبلا، مطالبا الدولة بالانتباه والحذر وسرعة التدخل لوقف هذه المحاولات ، وإحباط المؤامرات، حتى لاتري البلاد نفسها فى وقت قريب أمام الأمر الواقع الذي يؤثر تأثيرا مباشرا فى حياتها

الجدير بالذكر أن المخرج الكبير محمد فاضل، مخرج مسلسل "الراية البيضاء"، أكد فى تصريحات صحفية عقب هدم فيلا عثمان محرم باشا، والتى كانت فى المسلسل فيلا أبو الغار  أن دور الفن هو التنبؤ بالمستقبل، وليس رصد الواقع فقط، وأضاف:" كانت رؤيتي، أنا والراحل أسامة أنور عكاشة، أنه سيتم هدم هذه الفيلات والقصور الأثرية عاجلاً أم أجلاً، وهذا ما نعيشه من وقتها وحتى اليوم".


فيلا عثمان باشا محرمفيلا عثمان باشا محرم

فيلا عثمان باشا محرمفيلا عثمان باشا محرم

محاضرة النيل لعثمان باشا محرممحاضرة النيل لعثمان باشا محرم

محاضرة النيل لعثمان باشا محرممحاضرة النيل لعثمان باشا محرم

أسامة أنور عكاشةأسامة أنور عكاشة
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة