Close ad

"من الفراعنة لأباطرة اليابان".. كيف استخدم الناس القطط لحماية الغلال والكتب المقدسة من أفواه الفئران؟

14-5-2021 | 15:24
من الفراعنة لأباطرة اليابان كيف استخدم الناس القطط لحماية الغلال والكتب المقدسة من أفواه الفئران؟القط الفرعوني والقط الياباني
محمود سعد دياب

على امتداد التاريخ فى جريانه، ارتبط البشر بالعديد من الحيوانات ارتباطا وثيقا، لقد خرج هذا الارتباط فى كثير من الأحيان من دائرة الإعجاب إلى مصاف التقديس، وكانت القطط واحدة من تلك الحيوانات.

موضوعات مقترحة

ومع انبلاج فجر التاريخ قدس المصريون القدماء "القط" وجعلوا منه معبودًا، الأمر نفسه كان فى أقصى بقاع الشرق حيث اليابان القديمة، وهو ما أوضحه المحقق الياباني في شئون القطط والفلكلور"إيوازاكي إيجي" في كتابه "وانيكو نو أشيئاتو" وترجمته بالعربية "تتبع القطط اليابانية"، وهو كتاب يُقدم العديد من المعلومات حول الأضرحة والمعابد المتعلقة بالقطط في طوكيو، ويسرد الروابط العميقة بين الناس والقطط في اليابان، كما ورد في الموروث التقليدي عن القطط في جميع أنحاء البلاد.

باستيت المصرية

"باستيت" هو اسم الإلهة التي قدسها المصري القديم وترمز إلى القطة، وهي ابنة معبود الشمس "رع" والتي كانت تصورها الرسومات على هيئة امرأة برأس قطة؛ لذا تعتبر "باستيت" رمز الحنان والوداعة، لملاحظته أنها كانت تصطاد الفئران التي تدخل صوامع الغلال تأكل منها وتفسدها، والتي ارتبطت بالمرأة ارتباطًا وثيقًا واستأنس المصريون القدماء القطط واقتنوها ببيوتهم وعند موتها كان يحنطونها ويصممون لها التماثيل من الأحجار والمعادن المختلفة.

وقد عُثر في مصر على أحد المقابر الكبيرة التى تحتوي على نحو مليون قطة محنطة، تحنيطًا بالغ الدقة والإحكام.

ويُذكر أن وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع وزارة الخارجية وسفارة مصر بكندا، قد احتفلت مارس الماضي بتسَلُم السفير المصري بكندا أحمد أبو زيد، قطعة أثرية من البرونز للإلهة "باستيت".

وأُدمجت "باستيت" قديمًا مع الإلهة "سخمت" التي تتجسد في هيئة "اللبؤة المفترسة"، فعندما تغضب "باستيت" تتحول إلى "سخمت"، وتنتقم من الأعداء ومن هو ذو خلق رديء، وكان المصريون القدماء يحتفلون بعيد "باستيت"، وهو عيد يحتسون فيه النبيذ ويمرحون ويرقصون بجلساتهم، وقد ذكر هيرودوت هذا العيد في مخطوطته.

أصل قطط معبد فيلة

وتحوى جدران معبد فيلة الذى يقع فى جزيرة أجيليكا وسط مجرى نهر النيل بأسوان، نقوشا للقطط السوداء الجبلية التي يحرص السائحون على التقاط صور تذكارية معها، لكي تؤكد أن القط الفرعوني لم يغادر المعبد قط منذ وقت إنشاءه حتى الآن، وهي الظاهرة التي رصدتها "بوابة الأهرام" في وقت سابق، في تقرير أكد أن ذلك القط من السلالة الفرعونية، والذي كان يطلق عليه "باستيت" له أرجل طويلة، وجسم ممشوق ونظارات حادة مثل القط الفرعوني المرسوم على الجدران، وهو يجذب السائحين بسبب شكله وبسبب وداعته، وأيضًا لذلك الشبه بينه وبين القطط المرسومة على جدران المعابد.

التاريخ الإمبراطوري للقطط اليابانية

ووفقًا لموقع "اليابان بالعربي" فقد عاش "إيوازاكي إيجي" حياته كلها حرفيًا مع القطط، التي كانت أسرته تحتفظ بها كحيوانات أليفة من قبل ولادته، ومضى لدراسة تغذية القطط في الجامعة، لكنه بدأ في البحث عن تاريخ استئناسها مدفوعًا باهتمام شخصي بحت بالأمر، ووجد ببداية بحثه أن القطط تم استئناسها لأول مرة في مصر القديمة منذ حوالي 4000 عام، عندما كانت تعتبر مقدسة.

ويقول إيوازاكي إنه "بعد ذلك، في عام 2004، تم العثور على عظام قطة صغيرة عمرها 9500 عام في جزيرة قبرص، حيث تم دفن هذا المخلوق مع إنسان في قبر يقع ضمن أطلال شيلوروكامبوس؛ لذا فقد جرى الاعتقاد بأن استئناس القطط المنزلية يعود إلى ما قبل زمن مصر القديمة بوقت طويل.

وبالنظر إلى اليابان، موطن إيوازاكي، يقول متابًعا حديثه:"كان يُعتقد أن أسلاف القط المنزلي الياباني الشائع، أو إينيكو، قد جاءوا عبر طريق الحرير القديم في وقت ما خلال فترة نارا (710-794م) أو أوائل فترة هييان (794-1185م). وتم احضارهم على متن السفن لحماية الكتب المقدسة البوذية من الفئران".

ويستطرد قائلًا:"في عام 2011، عُثر في أطلال كاراكامي في جزيرة إيكي بمحافظة ناجازاكي التي بنيت في فترة يايوي (300 ق.م - 300 م)، على عظام تم تحديدها على أنها تنتمي إلى قطة منزلية، وجرى تصنيفها على أنها الأقدم في اليابان، ويبدو أنه تم الاحتفاظ بالقطط كحيوانات أليفة هناك منذ 2000 عام، وأعتقد أن الميزات التي تطورت منذ ذلك الحين، مثل أنماط أصداف السلحفاة أو القطط ذات الذيل القصير، يمكن أن تشير إلى بعض الاختلافات الجينية عن القطط الغربية، وأود دراسة ذلك ومعرفة ما إذا كان يمكن اعتبار وانيكو كسلالة متميزة".

ويعترف إيوازاكي أن القطط المنزلية كحيوانات أليفة كانت نادرة الانتشار في فترة هييان، وكان وجودها مقتصر على طبقة الإمبراطور وحاشيته والنبلاء.

ويوضح أن "العائلة الإمبراطورية اليابانية لديها أطول تاريخ ملكي متواصل في العالم، ولكن أيضًا تمتلك تاريخ قديم في استئناس القطط"، حيث "يمتلك الأباطرة أنفسهم علاقة عميقة بالقطط شكل خاص، وقد ورد في يوميات الإمبراطور أودا (حكم بين عامي 887-931م) وهي جزء من السجل العام، بيانات مفصلة عن القطط؛ إذ يتحدث عن تلقي قطة سوداء في سن السابعة عشرة من والده، الإمبراطور كوكو، وتكشف كتاباته عن عاطفة عميقة تجاهها.

أما الإمبراطور إيتشيجو (حكم بين عامي 980-1011م) كان معروفًا أيضًا بحبه للقطط، ويصف كتاب "الوسادة" الذي كتبه سي شوناغون كيف كان يحب قطه الأليف، حتى أنه منحه مرتبة محكمة خاصة".

«عصابة القط الأسود»

وانطلاقا من هذا التاريخ الحضارى الطويل، فقد اهتمت عدة معالجة درامية بالققط ففي ستينيات القرن الماضي، قدمت الإذاعة المصرية أقوى مسلسل بوليسى في القرن العشرين اسمه «عصابة القط الأسود»، وكانت صورة القط الممثلة على أفيش المسلسل بعد إنتاجه تليفزيونيا هي صورة قط فرعوني أسود، ما يؤكد أن ثقافة القطط والاهتمام بها عالقة في وجدان الشعب المصري.

وكانت شوارع القاهرة والإسكندرية والمدن الكبرى تخلو من المارة وقت إذاعة حلقات المسلسل الذي صُنف على أنه أحد مسلسلات الرعب البوليسية، ومن فرط قوة تأثيره تم عرضه بشكل تلفزيوني، وتدور أحداثه حول زعيم عصابة مُلقب بـ"القط الأسود"، يرتدي قناعا على وجه، تعاون هو وأفراد عصابته فى ارتكاب الجرائم ويدخل فى صراع مع رجال المباحث، وتفشل الشرطة فى القبض عليه، وفى آخر الحلقات يكشف "القط الأسود"، عن هويته أمام شقيقه، وتبين تشوه وجهه نتيجة لحريق نشب فى شقته منذ 10 أعوام.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: