Close ad

من وادى النيل إلى بلاد الحرمين.."حصاد القمح فى الصعيد" قصة غلال مدينة الوقف بقنا فى التاريخ

7-5-2021 | 14:06
من وادى النيل إلى بلاد الحرمينحصاد القمح فى الصعيد قصة غلال مدينة الوقف بقنا فى التاريخالقمح
محمود الدسوقي

للحبوب فى محافظة قنا من قمح وفول وعدس تاريخ شهير وشهرة عالية فى كتب التاريخ، فهى إحدى خيرات مصر التى تنتجها أرضها الخصبة، والتى تروى من نهرها المبارك الخالد، أما قمح وغلال مدينة الوقف المختلفة بقنا، والتى سُميت بهذا الاسم؛ لأنها كانت موقوفة بخيراتها للحرمين الشريفين حتى عهد محمد باشا، فكانت لها قصة وحكاية، ومازال التاريخ يرويها فى سطوره كما بدأ موسم الحصاد فى قنا كل عام.

موضوعات مقترحة

بدأ استلام محصول القمح بمحافظة قنا، مبكرا هذا العام 2021م، بصوامع قوص والترامسة والمراشدة بالوقف؛ نظراً للظروف الجوية، وقال حازم عمر نائب محافظ قنا:"إن السعة التخزينية الإجمالية للصوامع والشوّن بقنا بلغت ١٧٣ ألفا و٦٧٠ طنا موزعة على ٤ صوامع بسعة تخزينية تصل إلى ١٥٠ ألف طن و٧ شون بإجمالي طاقة تخزينية بلغت ٢٣ ألفا و٦٧٠ طنا"، مشيرا إلى أنه يتم استلام القمح بالمواقع التخزينية وتحديد درجة النقاوة ومن ثم سعر الأردب من خلال لجنة تضم ممثلا من مديريات "التموين، الزراعة، هيئة سلامة الغذاء" حيث بلغ سعر الأردب ٧٢٥ جنيها لدرجة النقاوة ٢٣.٥ قيراط و٧١٥ جنيها لدرجة النقاوة ٢٣ قيراطا و٧٠٥ لدرجة النقاوة ٢٢.٥ قيراط، وذلك طبقا لما حددته وزارة التموين والتجارة الداخلية في بداية موسم توريد القمح لعام ٢٠٢١م.

وتعد محافظة قنا جزءا من إقليم جنوب الصعيد وتحدها من الشمال سوهاج ومن الجنوب الاقصر، ومن الشرق محافظة البحر الأحمر، ومن الغرب محافظة الوادى الجديد، أما مدينة الوقف فهى تقع فى منتصف المسافة بين مدينتى قنا ونجع حمادى، وتقابل مدينة دشنا على النيل مباشرة، وقد كانت تتبع إداريا دشنا حتى صارت مدينة مستقلة إداريا فى تسعينيات القرن الماضي، وقد لقيت تطويرا واهتماما فى الفترة الأخيرة، حيث بها تم إنشاء صوامع خاصة بها تضم 12 صومعة بسعة تخزينية تبلغ60 ألف طن، وهي من النوع المعدني ذات القاع المخروطي.

المؤرخ محمد بن عبد المعطى بن أبى الفتح ابن أحمد بن عبدالمغنى بن على الشهير بالأسحاقى (المتوفى عام 1660 م)، أعطى لنا صورة مُثلى فى كتابه عن قري قنا الموقوفة على الحرمين الشريفين فى مدينة قنا وضواحيها، وأوضح الباحث عبد الرحمن عوض فى بحث له عن مدينة الوقف، أن الوقف كانت قرية تتبع آنذاك دشنا، واستمرت قرية حتى مابعد عصر محمد على باشا وأولاده من الأسرة العلوية.

ومدينة دشنا تعنى فى اللغة القبطية"المبقلة" أى التى تنتج البقول، وقد ثم ذكرها عدد من المؤرخين والرحالة العرب منهم ابن جبير الأندلسي، حيث أكد أنها مدينة بيضاء أنيقة المنظر ذات مبان ،وأن من عادتها ألا تخرج نساءها فى الطرقات، وقد كانت الوقف إحدى قراها، ويضيف عوض عبدالرحمن فى بحثة أن قنا كانت تسهم فى أوقاف الحرميين الشريفين بماتنتجه أراضيها الزراعية من القمح والشعير، حتى سُميت قرية فى عهد محمد على باشا، باسم الوقف لشهرتها فى انتاج الغلال، واستمرت حتى توقف توريد الغلال للحرمين الشريفين فى ثلاثينيات القرن الماضي.

وأكد عوض أن المؤرخ الأدفوى أعطانا صورة عن قنا فى القرن الثامن الهجري والقرن الرابع عشر الهجري أى قرابة 6 قرون، حيث كان صعيد مصر، هو المنطقة الوحيدة التى بها فائض غلال، وكانت أوقاف الجراكسة عشرة قراريط من أراضي مصر ثم زادت النسبة، وكانت ضرائب الصعيد تمثل 31 فى المئة من حبوب مصر، و11 من إجمالى الغلال الميري المحصلة، فكانت حوالى 360 ألف إردب غلال تجبى من الصعيد أى حوالى أكثر4 ملايين كيلو جرام.

وكانت الغلال من قمح وفول وعدس والتى تنتجها أراضي الوقف الشهيرة بخصوبتها ، تتجه مباشرة فى سفن نحو ميناء القصير بالبحر الأحمر، وهو الميناء الذي اكتسب أهميته باعتباره مستودعا لتجار مصر العليا مع الجزيرة العربية عبر قنا، وازدهر الميناء كحركة تجارية بين مصر والحجاز خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر بعد سيطرة المماليك على جمرك السويس آنذاك.

ويوضح عبدالرحمن عوض،فى بحثه المنشور بكتاب قنا عبر العصور بكلية آداب قنا، أن خراج قنا فى عام 885هجرية كان يُقدر بخمسمائة وستة آلاف دينار للأشراف الحجازية ،ومن ضمنها خراج الوقف، أما مدينة قفط لوحدها ثلاثة وثلاثون وأربعمائة وخمسمة آلاف دينار باسم أمير المدينة المنورة، وقد كان بقوص مسبكا للقصب أما دمامين فقد كانت وقفا للحرم منذ صلاح الدين الأيوبى.

ويضيف عوض أنه يقال إن "دمامل" قرية فى قوص بين قمولا البحرية ودنفيق شمال حجازة، وهى تتبع نقادة فى الوقت الحاضر، مؤكدا أن نقادة كان خراجها ألف دينار، وتم وقفها على الحرمين الشريفين فى عهد صلاح الدين الأيوبى، مضيفاً أن الوقف كانت من القري الحديثة التى كانت موقوفة للحرمين حتى عصر محمد على باشا، حيث هذه الحقائق التاريخية تعيد لنا الثقة فى الارتقاء الاقتصادى لمحافظة قنا وقراها ،عبر الزراعة ، والتجارة ، والتنمية، وذلك نحو غد أفضل بتكاتف الجهود الحكومية والمواطنين معا .

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: