يؤكد الأثريون أن الاستيطان البشرى لسيناء بدأ منذ العصر الحجري، ويقول الدكتور محمود الحصري أستاذ الآثار بجامعة الوادى الجديد لــ"بوابة الأهرام" إن شواهد الاستيطان في العصر الحجري الحديث، والعصر الحجري النحاسي والعصر البرونزي كثيرة، مؤكدا أن الأدوات النحاسية التي ترجع للعصر الحجري النحاسي (والتي عُثر عليها في حضارات هذه الفترة) تثبت نشاط المصريين في استخراج النحاس في هذه الفترة المبكرة من تاريخ مصر، من خلال أرض سيناء.
وأوضح محمود الحصري أن الأسرة الفرعونية الأولى اهتمت بالنشاط التعدينى في سيناء لاستخراج النحاس والفيروز، ووالدليل على ذلك قطعة العاج التي عُثر عليها في أبيدوس بسوهاج، والتي تخص الملك "عج إيب" من ملوك الأسرة الأولى، مضيفاَ أن الدولة القديمة فى وادى النيل كانت تربطها صلة وثيقة بسيناء، حيث لعبت سيناء في ذلك التاريخ دوراً مهما، كما يتضح من نقوش وادي المغارة وسرابيط الخادم، فكانت سيناء بالفعل "منجماً" للمواد الخام كالنحاس والفيروز الذي يستخرجه المصريون القدماء؛ لتلبية احتياجات الصناعة، وأبدت الأاسرة الفرعونية الثالثة اهتمامًا واضحًا بها، وعُثر على نقشين يخصان الملك "سانخت" أول ملوك الأسرة الثالثة، وعُثر كذلك على نقش من عهد الملك "زوسر"، وتزايد اهتمام ملوك الأسرة الرابعة بمناجم ومحاجر سيناء، وهو ما يُعبر عن الرغبة في الحصول على مزيد من النحاس والفيروز ومعادن أخرى، أما فى الدولة الوسطي فقد بدأ اهتمام ملوك الدولة الوسطى واضحاً في سيناء، فعندما استردت مصر وحدتها وكيانها في الأسرة الحادية عشرة، واستأنفت نشاطها في سيناء، كان من بين أهداف الملك "منتوحتب نب حبت رع" استرداد هيبة مصر في هذه المنطقة، وخطا ملوك الأسرة الثانية عشر خطوة أخرى نحو التأمين، تمثلت في إقامة الحصون والقلاع ونقاط المراقبة، وهكذا فعل الملك أمنمحات الأول الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بحدود مصر الشرقية.
ويؤكد الأثري محمود الحصري أن ملوك الدولة الحديثة من أبناء الأسرة الثامنة عشر أدركوا أهمية سيناء الاستراتيجية بعد محنة الغزو الهكسوسي، ورأوا أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وأنه لابد من تأمين حدود مصر، وإشعار الدول المجاورة بأن مصر قادرة على الدفاع عن حدودها، ولم يعد لسيناء مجرد الدور الاقتصادي المتمثل في التجارة عبر أراضيها، أو في استغلال مناجمها ومحاجرها، وإنما أصبح محتمًا أن تلعب دورًا عسكريًا يتناسب مع ما يجري على مسرح الأحداث في منطقة الشرق القديم، ومع زحف الجيوش المصرية لتكوين إمبراطورية مترامية الأطراف، ولهذا ظهر ذلك الطريق الشهير الذي يعرف بطريق حورس الحربي، والذي سهل كثيرًا من تحركات الجيش المصري.
وفى العصر المتأخر والعصرين اليوناني والروماني ظلت سيناء تلعب دورها كجزء من أرض مصر طوال العصور المتأخرة، ورغم انحسار المد العسكري المصري، وبين الحين والآخر كان الجيش المصري في فترات الصحوة يجتاز سيناء للتعامل مع الدول المجاورة إذا ما فكرت في الاعتداء على مصر.
أما فى العصر البيزنطي فقد كانت سيناء معبرا للعائلة المقدسة التي تحركت من بيت لحم إلى الخليل ثم بئر سبع حتى الوصول لسيناء عبر الطريق الساحلي بشمال سيناء، كما أن حركة الرهبنة في القرن الثالث الميلادي بدأت من سيناء، ونشأت عدة مجتمعات رهبانية في منطقة الجبل المقدس جبل سيناء (منطقة سانت كاترين حاليا).
وفى العصر الإسلامي وعند دخول الإسلام مصر كان لسيناء دور كبير أيضًا؛ فقد دخل "عمرو بن العاص" مصر عبر الطريق الذي سلكه قبله قمبيز والإسكندر، مُجتازًا سيناء مارًا بِالعريش والفرما. ثُمَّ توجَّه إلى بلبيس فحصن بابليون الذي كان أقوى حُصون مصر الروميَّة، وما أن سقط حتَّى تهاوت باقي الحُصون في الدلتا والصعيد أمام الجُيوش الإسلاميَّة. وقد تمَّ لعمرو بن العاص الاستيلاء على مصر بسقوط الإسكندريَّة في يده سنة 21هـ المُوافقة لِسنة 642م. وعقد مع الروم مُعاهدة انسحبوا على إثرها من البلاد وانتهى العهد البيزنطي في مصر
ويوضح الحصري أن صلاح الدين الأيوبي قام بتعمير وإصلاح ميناء الطور عام 580هـ/1184م، فعمر المراكب والميناء، وتمكن أيضا من انتزاع ميناء إيلات من أيدي الصليبين، ومن ثم صار البحر الأحمر تحت سيطرته.، أما فى عهد الحملة الفرنسية فقد كانت سيناء بداية الاتصال بين الحملة وسيناء في إطار الأطماع التوسعية لنابليون عقب دخوله مصر، فقد كان يطمح في فتح الشام، من خلال سيطرته على سيناء