Close ad
28-2-2021 | 14:55
الأهرام اليومي نقلاً عن

ليس سهلا التخلي عن موقع رفيع في عائلة ملكية أو غيرها. لا يقدر على ذلك إلا قلة من البشر يتميزون بإدراك أن قيمة الإنسان فيه، وليست فى منصب يشغله، أو موقع اجتماعي يجد نفسه فيه، أو ثروة يملكها. هؤلاء هم القادرون على الاستغناء، والسائرون في الأرض ورءوسهم مرفوعة اعتزازًا بأنفسهم، وليس تكبرًا على غيرهم. والأصعب أن يكون هذا الاستغناء عن العائلة الملكية البريطانية العريقة بصفة خاصة.

ولكن هذا هو ما فعله الأمير هارى حفيد الملكة اليزابيث الثانية ودوق ساسكس وحامل ألقاب رسمية عدة، ومعه زوجته الأمريكية ميجان التى اقترن بها فى مايو 2018، رغم أن أصولها مختلطة إذ إن والدها قوقازى ووالدتها سمراء. كان زواجه منها مؤشرًا إلى استعداده للتخلى عن أى شىء من أجلها, بما فى ذلك موقعه فى العائلة الملكية. ولم يمض فعلاً عام ونيف حتى كانا قد اتفقا فى مارس 2020 على التخلى عن أدوارهما الملكية وإنهاء التزاماتهما الرسمية.

وقبل مرور السنة التى يمكن مراجعة هذا القرار خلالها، صار نهائيًا. وأعلن قصر باكينجهام فى بيان رسمى قبل أيام أن (دوق ودوقة ساسكس أكدا لصاحبة الجلالة أنهما لن يعودا فردين نشيطين فى العائلة الملكية)، بما يعنيه من التخلى عن أى دور أو نشاط متصل بها، وعن ألقاب رسمية ستُوزَّع على آخرين فى العائلة. ولا يُحزن هارى إلا التخلى عن لقبه العسكرى الشرفى الذى يعتز به فى البحرية البريطانية صانعة الإمبراطورية الواسعة التى كانت، ورعايته لاتحاد كرة الرُكبى.

قرار تاريخى حقًا، ولكنه ليس الأول فى هذه العائلة. فقد اتخذ الملك إدوار الثامن قبله قرارًا أصعب فى الثلاثينيات، لأنه تخلى عن العرش، وليس عن عضوية العائلة فقط. استغنى إدوارد عن عرش بريطانيا فى أوج قوتها وعنفوانها، ليتزوج من واليس سمبسون الأمريكية. فقد أحبها أكثر من عرش الدولة التى كانت الأكبر فى العالم حتى ذلك الوقت.

وفى كل مكان وزمان غير قليل من أمثال إدوارد وهارى، ولكنهم بعيدون عن أضواء لا تُغريهم, بل على العكس تُزعجهم وتقيد حريتهم الشخصية.

كلمات البحث