Close ad
23-1-2021 | 10:50
الأهرام اليومي نقلاً عن

ثلاثة باللـه العظيم لم أكن على علم إلاّ بالأمس فقط من أن توفيق الحكيم بجلالة قدره وعلو منزلته وثُقل قيمته وسمو لغته وندرة أفكاره وفصاحة تعبيره وقوة بلاغته ورسوخ مؤلفاته كان من المؤيدين بترك الحروف العربية واتخاذ الحروف اللاتينية بدلا منها كنوع من التجديد فى اللغة العربية!! أى واللـه حتى أنه كتب لعبدالعزيز فهمى ـــ 80 سنة ـــ عضو المجمع اللغوى منذ عام 1936 وأول رئيس لحزب الأحرار الدستوريين الذى ترك الحزب يوم رأس محكمة النقض، كتب له يُؤيده فى ذلك ويُوافقه ويكتب إليه مؤازرًا ومهنئًا بقوله إنك رجل عظيم حقًا وعندما أقول عظيمًا لا أعنى المعنى المبتذل بل أعنى المعنى العميق للكلمة، ذلك أن من صفات العظمة شباب التفكير، أى الإحساس بالتجدد، أى مغالبة الزمن، أى سبق العصر، وكل العظماء بلا استثناء كانوا مجددين، أى سابقين لعصورهم مغالبين للزمن والهرم والجمود، لأن عظمة الإنسان هى فى الانتصار على الزمن، وخير مظهر للانتصار على الزمن هو شباب الفكر الدائم، وتطور التفكير المستمر.. والزمن يُحارب الإنسان فى هذا الميدان بقانون صارم، هو قانون العادة، فالناس والأمم والشعوب تستنيم إلى العادة، فيتمكن منها الزمن ويصيبها بالهرم.. إلى أن يُسعفها عظيم بإكسير التجديد»..

ويحمل عبدالعزيز فهمى مشاعر الامتنان لمؤازرة توفيق الحكيم فى دعوته المجددة بإحلال الحروف اللاتينية بدلا من حروف العربية فيذهب إليه لزيارته فى مسكنه، وكان الحكيم يومها يسكن فى غرفة بنسيون بأعلى عمارة مكونة من تسع طوابق، فيشفق الحكيم على الشيخ الجليل من الصعود ليسرع إليه فى سيارته ليركب إلى جواره ليشرح فهمى له على طول الطريق تفاصيل وفحوى نظريته ــ وأنا أؤيد وأوافق وأحسن وأزين ـ وأبدًا لم يخطر على بال الحكيم يومها أنه سيكون يومًا فى موضعه من كرسى المجمع اللغوى ليواجه الناس فى 17 مايو 1954 علنًا بمثل هذا الرأى!

فى البداية رفض توفيق الحكيم كل من أحمد أمين ود.منصور فهمى عضوى المجمع اللغوى ترشيحه للعضوية عملا بالقواعد المتبعة بأن يتقدم به اثنان من الأعضاء العاملين.. يومها ثار الحكيم ليوضح بعدها وجهة نظره «إننى فى الأدب كما فى السياسة لا أريد الانتماء إلى هيئة ترغمنى على اتباع مبادئها، فأنا حريص على أن أكون حرًا أختار لنفسى اتجاهى، ومجمع اللغة العربية وجد للمحافظة على الفصحى، وأنا أستخدم العامية أحيانًا فى كتاباتى، واصطنع فى الأدب الأسلوب الذى أراه ملائمًا لنوع الفن الذى أعالجه دون التقيد بمذهب ثابت»..

وعندما بلغ أحمد لطفى السيد رئيس المجمع أمر رفض الحكيم أظهر امتعاضًا بالغًا فى قوله: «هذا الكرسى أمل أكبر كبير».. وكانت فِكرة المجمع مُسيطرة على مشاعر توفيق الحكيم فى أن السبب من إنشائه وتشكيله فى 13 ديسمبر 1932 بمرسوم من الملك فؤاد جاء فيه: «للمحافظة على سلامة اللغة العربية وأن يؤلف من عشرين عضوًا عاملا يختارون من غير تقيد بالجنسية من بين المعروفين بتبصرهم فى اللغة العربية أو بأبحاثهم فى فقه هذه اللغة أو لهجاتها».. وقد صدر بالفعل المرسوم الأول بتعيين الأعضاء فى 6 أكتوبر 1933 على الوجه الآتى بما فيهم بعض المستشرقين: «محمد توفيق رفعت (باشا) وزير معارف سابق، وحايم نحوم أفندى (حاخام اليهود فى مصر)، والشيخ حسين والى، والدكتور فارس نمر، والدكتور منصور فهمى (عميد كلية الآداب بالجامعة المصرية)، والشيخ إبراهيم حمروش (أستاذ كلية اللغة العربية بالجامع الأزهر)، وأحمد العوامرى بك (المفتش الأول للغة العربية بوزارة المعارف العمومية)، والشاعر على الجارم أفندى (مفتش اللغة العربية بوزارة المعارف العمومية)، والشيخ أحمد على الاسكندرى (أستاذ اللغة العربية بمدرسة دار العلوم)، والأستاذ هـ. أ. ر. جب ـ لندن)، والأستاذ الدكتور أ. فيشر (جامعة ليبزج)، والأستاذ أ. نيلنو (جامعة روما)، والأستاذ م. ماسينيون (جامعة فرنسا) والأستاذ أ.ج. فتسنك (جامعة ليدن)، ومحمد كرد على والشيخ عبدالقادر المغربى والأب انستاس مارى الكرملى، وعلى اسكندر المعلوف (أفندي)، والسيد حسن حسنى عبدالوهاب (أفندي)»... وقد ذَكَرَ المرسوم الملكى أن هؤلاء الأعضاء الأوائل قد عُينوا بمرسوم، أما بعدهم فيكون بالانتخاب بأغلبية ثلثى الأعضاء العاملين، أما رئيس المجمع فكان محمد توفيق رفعت باشا، ويلاحظ من هذه الأسماء أنها كلها لرجال لغة وليس لرجال أدب، فليس من بينهم أحمد لطفى السيد ولا الشيخ مصطفى عبدالرازق ولا خليل مطران ولا طه حسين ولا العقاد ولا المازنى ولا أحمد أمين ولا عبدالعزيز البشرى وحتى لو كان أمير الشعراء أحمد شوقى أو حافظ إبراهيم مازالا على عيد الحياة وقتئذ لما عينا كذلك فى هذا المجمع!!

ويظل الحكيم مبتعدًا إلى أن يفاجأ بانتخابه عضوًا فى المجمع فى ابريل 1954 وكان أحمد أمين ومنصور فهمى هما أيضًا من قاما بالترشيح له بخلو الكرسى من بعد وفاة عبدالعزيز فهمى باشا، واعتذار واصف باشا وزير الخارجية الأسبق بأنه لم يسبق أن كتب شيئا بالعربية وأن جميع مؤلفاته بالفرنسية، وفى الكلمة التى ألقاها الحكيم يوم انتخابه قال عن عبدالعزيز فهمى إنه من أشجع رجال مصر فى التاريخ المعاصر وأن الشجاعة عنده وسيلة لغاية أسمى وأشرف هي: الحرية، والحرية عنده هى حياته، هى لحمه ودمه.. طلب الحرية للوطن وطلب الحرية للفكر وطلب الحرية للغة، فكان أحد الثلاثة الذين ذهبوا إلى المعتمد البريطانى للمطالبة باستقلال مصر: سعد زغلول وعبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى وقد تم نفيهم إلى مالطا وقامت بذلك ثورة 1919، أما تاريخ مصر الفِكرى فعبدالعزيز فهمى هو الذى ثار لُحرية الفِكر فى قضية على عبدالرازق وكتابه عن الإسلام وأصول الحكم، وقضية طه حسين وكتابه عن الشعر الجاهلى، إلى أن جاء فى المجمع اللغوى لتستيقظ فيه مرة أخرى روح الثورة ليطالب بحرية اللغة!

وحول نظرية فهمى فى حرية اللغة فدفاع الحكيم عنه جاء من مبرراته: «لم يكد عبدالعزيز فهمى يستقر فى هذا الكرسى حتى لاحظ أن اللغة العربية الجليلة فى قدمها، العريقة فى بيانها، تكاد تعتل وتمرض، لطول ما أُغلقت عليها النوافذ، خوفًا على صحتها ومحافظةً على سلامتها.. رآها كالعجوز المقيدة فى خلاخيلها ودمالجها الحبيسة فى حجرة من التقديس، لا يدخلها هواء الحياة ولا شمس العصر، خشية عليها من تقلب الجو.. فنهض فارس الحرية وأراد أن يمد يده إلى النوافذ يفتحها لنسائم التجديد، وهو يقول فى ذلك (إن اللغة العربية كائن كالكائنات الحية: ينمو ويهرم ويموت، مخلفًا ذرية متشعبةالأفراد هى أيضًا فى تطور مستمر. ولم يستطع قوم للآن أن يغالبوا هذه الظاهرة الطبيعية.. فإن التطور يكبح شراسة من غالبه..».

ويمضى عبدالعزيز فهمى فى شرحه ـ الدخيل للأسف ـ عن التجديد فى اللغة: «إن رسم الكتابة العربية هو الكارثة الحائقة بنا فى لغتنا، إنه رسم لا يتيسر معه قراءتها قراءة مسترسلة مضبوطة حتى لخير المتعلمين.. إذن فأول واجب على أهل اللغة العربية هو أن يبحثوا عن الطريقة التى يتيسر لهم كتابة هذه اللغة على وجه لا تحتمل فيه الكلمة إلا صورة واحدة من صور الأداء».. ويمضى فهمى فى بيان صعوبات اللغة العربية التى تعرقل انتشارها وتؤدى إلى ضمورها وموتها، ويؤكد الحكيم بدوره على وجود تلك الصعوبات بأن القدماء قد أدركوها بأنفسهم ويعطى مثالا لذلك فى قول عبدالملك بن مروان: «شيبنى ارتقاء المنابر وتوقع اللحن» وكانوا يقولون: «سكن تسلم»، وقول ابن الأثير فى كتابه «المثل السائر»: «إن الإعراب ليس شرطا للبلاغة، وليس اللحن قادحا فى حسن الكـلام» بل ذهب أبعد من ذلك بقوله: «إن الجهل بالنحو لا يقدح فى بلاغة ولا فصاحة»، وقال مثل ذلك ابن خلدون الذى رأى أن الوقف لا يجافى البلاغة، وهذا يدل على أن القدماء كالمحدثين قد لمسوا هذه الصعوبات وحاولوا أن يعالجوها ببعض التجوز والإباحة والتيسير فى النطق والكـلام، وها هو عبدالعزيز فهمى قد أراد أن يحل العقدة بسيف شجاعته ـ المسموم وليس المسلول ـ فكان أن قدم اقتراحه المشئوم بترك الحروف العربية، واتخاذ الحروف اللاتينية..

ذلك ما كان من أمر توفيق الحكيم بعيدًا عن كرسى المجمع، أما وقد جلس عليه فلم ينكر أن عبدالعزيز فهمى كان حقًا سيفًا من سيوف الشجاعة، أما هو «فكل ما عندى عصا: عصا تتكلم أحيانًا ولكنها لا تقطع أبدًا، ومن هنا لن أتعرض للعقدة، وخصوصًا العقدة العسيرة الحل، وهى حروف الكتابة العربية واللاتينية، ولكنى إذا لزم الأمر فأنا مستعد للدفاع عن الرأى الآخر الأبسط: وهو الخاص بتبسيط قواعد النحو واللغة إلى الحد الذى يجعل القارئ أو المتكلم يستطيع القراءة والكتابة بغير تعثر ولا تفكر.. فإن مصيبة اللغة حقًا أنها نوع من الشطرنج... يحتاج فيه المتكلم أو القارئ إلى تأمل فى موضع الكلمة من العبارة قبل النطق من حيث النحو والإعراب، كما يتأمل لاعب الشطرنج موضع الحجارة قبل التحرك.. ونحن الآن ولاشك فى عصر السرعة ـ 1954 ـ عصر لا يحتمل هذا اللون من اللعب النحوى فى مواقف الجد والحرج.. لابد إذن من أن نصنع شيئًا لتبسيط القواعد إذا أردنا للفصحى حياة باقية متطورة.. إن تطوير اللغة العربية ـ كما قال عبدالعزيز فهمى آت لا ريب فيه.. وهذا التطور سيبدأ ـ فى رأيى بداية لطيفة مقبولة، وهى أن الفصحى ستحتفظ بخير ما فيها، وستستعير من العامية خير ما فيها.. وخير ما فى العامية هو هذا التمشى مع منطق اللغات الحية فى البلاد المتحضرة: منطق الاقتصاد والبساطة والسرعة، أى منطق العصر، فتلغى من الفصحى الحركات فى أواخر الكلمات، ويكتفى بالوقوف والتسكين فى أكثر الأحوال.. وأظن أن هذا الأمر لا يحتاج فى إقراره إلى معركة عنيفة، وأنا أعاهدك إذن يا عبدالعزيز فهمي: أنى سأُدافع على الأقل عن هذا الرأى بشجاعة: شجاعة مستمدة من هذا الكرسى الذى طالما اهتز بثورتك.. سأحاول أنا أيضا أن أثور، واحتملونى أيها السادة إذا فعلت، وإن كنت أشك فى أنى سأفعل، وأظن أنكم أنتم أيضًا تشكون فى هذا الوعيد وتقولون: «أبشر بطول سلامة يا مجمع...»

والآن وبعد الاختيار لرئاسة المجمع ــ منذ شهر ـــ غزير العلم والأدب نموذج المفكر العصرى جواهرجى المعادن الفكرية النفيسة موسيقار النقد الأدبى أستاذ مختلف جامعات العالم متعدد المواهب الأدبية والفكرية والقانونية والثقافية والإنسانية شيخ النقاد العرب المناسب للمكان المناسب المصرى الأصيل القومى حتى العظم الأزهرى التعليم الإسبانى الفكر والثقافة الفرنسى الهوي.. الدكتور صلاح فضل.. من صاغ وثائق الأزهر الشريف التى توالت من بعد ثورة يناير 2011 لتضع الأزهر الشريف فى موقعه الطبيعى والطليعى لتبرز سماحة الدين وتزيل أسباب التعارض المصطنع بينه وبين الحريات العامة وحقوق الإنسان ومكانة المرأة.

دكتور صلاح... فى عامنا الذى نحتفل فيه باليوم العالمى للعربية لغة القرآن الذى يُدين به نحو 22٪ من سكان الأرض.. لغة يستخدمها 420 مليونا. دعاؤنا لك بفضل صلاح وإصلاح لمجمع الخالدين.. فلا تبشرنا بطول سلامة يا مجمع!.
 

ماتيس.. الباريسى الذى وقع فى غرام فاطمة

فوجئت به يعرف إلى أين تقوده فرشاته.. فوجئت به صاحب رؤية مستقبلية لألوانه.. فوجئت به يسير بفنه تبعًا لخطة موضوعة مسبقًا.. الفنان الفرنسى هنرى ماتيس (1869 ـ 1954)، الذى ورث استعداده الفنى عن والدته التى كانت من الهواة الموهوبات فى فن التصوير.. ونادرًا ما وجدت فنانًا يضع خطة تفصيلية كالخريطة للوحته الفنية القادمة.. لقد عايشت أجواء الفنانين التشكيليين الحميمة، ودخلت مراسمهم، وعاصرت إنتاج لوحاتهم وأمضيت عمرى شريكة لفنان رائد مجرِّب، وشاهدت وقرأت الكثير عن عالم الخلق الفنى ولحظات الإبداع والإلهام، لكنه وحده من كان يثير خيالى ودهشتي.. هو تحديدًا.. الرسام الشهير هنرى ماتيس من وجدته يرسم خرائط تشريحية للوحاته القادمة رسما كروكيا بالقلم الرصاص، يمد من كل جزء فيها سهمًا يشير إلى اللون الذى سيستخدمه وجميع درجاته، وذلك فى تخيل مسبق للوحته إذا ما اكتمل رونقها فوق القماش.. ما أعرفه فى عالم الرسم، وأيضًا فى التأليف أن هناك اسكتشات تحضيرية قبل الاندماج الفعلى فى اللوحة، أو أن هناك خطوطًا مبدئية يقوم الرسام بالعمل تبعًا لتوجيهاتها، كما رأيت بنفسى فى لوحة «الجارنيكا» لبيكاسو فى متحف مدريد، حيث كانت بعض هذه الخطوط تظهر واضحة خارج الرسم الذى قد لا يلتزم بحدودها، كما فى حال الكتابة عندما يضع المؤلف هيكـلا للرواية أو المقال، ثم يحلق بعدها فاردًا أجنحته، ربما على هُدى خياله المسبق، أو نازعًا السياج الذى خططه شارخًا فى سماوات الإلهام الجديد الذى طرأ فجأة.. كلهم.. كلهم إلا هو.. ماتيس الذى جَمَع بين التلقائية والالتزام.. هذا إلى جانب تأثره بالتراث على حد قوله: «إننا نحن الرسامين محاصرون بمشاعر الذين سبقونا فى هذا المجال، حيث تتناغم عناصر اللوحة بمزيج من القديم والحديث».. ودائمًا ما كان يُثنى على غالبية رسامى عصره الذين كانوا يعكفون على تقليد أساتذة متحف اللوفر مثل «سيزان»، الذى كان يقضى وقتا طويلا فى تقليد بورتريهات اللوفر، وقد بدأ ماتيس شخصيًا حياته هو الآخر بنسخ لوحات الرواد فى متحف اللوفر، موضحًا أن الرسام الحقيقى فى بداية حياته لن يستطيع أن ينزع إلهام الأجيال التى سبقته من شرايين إلهامه، وإلا فإنه سيقف وحده متورطًا فى العراء بلا جذور،

كان ماتيس معروفًا بالنزاهة والخلق الرفيع والصدق والصراحة، وظل حتى آخر أيامه محتفظًا بهيئته الأنيقة ومظهره الرسمى، ولحيته المشذبة وشعره المصفف بعناية بالغة.. لقد حرص طيلة حياته أن يعيش داخل إطار الجمال والنظافة واللمعان، على عكس صديقه «اللدود» المعاصر له «بابلو بيكاسو» المعتد بأسلوبه البوهيمى فى جميع أوجه حياته، حيث ترعرع فى أجواء الفوضى والارتباك ـ كغالبية الرسامين ـ والتراكمات والاستوديوهات المكتظة بأكداس الصور والتماثيل الملقاة دون اكتراث، والأرضية المغطاة بأعقاب السجائر والفرش المتيبسة وعلاقات نسائية مشوشة تعكس حياة شخصية مباحة لاختراقات الآخرين، التى كان يفضى لهم بيكاسو بأقوال متناقضة حول رؤيته للفن.. هذا على عكس «ماتيس» الكتوم إلى حد الانغلاق حول شئونه الخاصة، وإن أبدى رأيه فى الفن بصراحة.

كان ماتيس مهموما بالبحث عن خصوصية الفن الشرقى المميزة واللـهث وراء وحى جديد لأعماله، والإمساك بأطراف خفية لعالم محبب إليه، رغم عدم انتسابه لحضارته، مما جعله يسافر فى البدء إلى الجزائر عام 1906م ليرى ويلاحظ ويدوّن، ولا يرسم إلا لوحة واحدة لمنظر طبيعى، لكنه يحمل معه إلى بلده السجاجيد وقطع الخزف والنحاس تعبيرًا عن ولعه بفنون الشرق، حيث كان مهتمًا بمجموعة السجاد فى «اللوفر»، وزار غالبية أجنحة الشرق ومجموعة الفن القبطى فى المعرض العالمى بباريس عام 1910، وعقد صداقات عميقة مع المهتمين بالفن الإسلامى، واقتنى العديد من إنتاجه، وكان السؤال المحير لماتيس والمحرك له فى الوقت نفسه هو: «كيف نخلق فنا زخرفيا كما الحال فى التقاليد الشرقية، محتفظين تماما بوضعية الرسام الأوروبى ونظرته الخاصة؟!.. وهذا ما جعل ماتيس يرحل إلى المغرب عام 1912م للبحث عن منطق خاص لسحر الألوان فى العالم ممتزجًا متوحدًا فى بوتقة الشرق والغرب، وفى مدينة «طنجة» التقى بكلمة السر الفنية أو مفتاح شخصية أعماله، رغم ما قاله عن هذه المرحلة التى عانى منها كثيرًا: «ما كان يمكن للوحات التى رسمتها هناك أن تنسى أو تلغى العذاب الذى كنت أعانيه للتعبير عن أحاسيسى فى الرسم.. كان عليّ أن أكون اثنين أو أن أترك واحدًا منهما مذعورًا مليئا بالأشواك والشكوك، كى أستطيع أن أنعم بلحظات من السكينة تسمح لى بالعمل والرسم بعمق».. وهكذا استمرت رحلة ماتيس المورقة والمؤرقة حوالى أربعة أشهر قضاها فى التفاعل مع «موتيفات» و«تيمات» و«نماذج» الفن الشرقى والتعمق فيما تحمله من مؤثرات للدلالات التشكيلية، عاد بعدها إلى فرنسا ليلحق بركب الحركة التشكيلية المزدهرة وقتها، حيث كانت باريس تشهد نشاطا ملحوظا وتطورا للتكعيبية..

ولأن الرحلة الشرقية بداخله لم تنته مع عدم ارتياحه للأعمال التى قدمها فى خدمة المزج الحقيقى بين الشرق والغرب، عاود ماتيس الترحال مرة أخرى للمغرب وقام بزيارة مدنها المختلفة والأماكن التى سكنت مخيلته منذ زيارته السابقة.. وأتت الرحلة مثمرة مليئة بالارتياح والبهجة ليقول عنها: «ما لم أكن أظنه موجودا فيما سبق داخل لوحاتى استطعت الاستحواذ عليه أخيرا».. لقد عاش ماتيس فى أجواء المغرب داخل غلالة من السحر الخاص والصفاء والسكون بعد العاصفة، وخلال تلك الرحلة المعطية خرجت أروع لوحاته مثل «على الشرفة» و«باب القصبة» و«ميموزا» و«نافذة مفتوحة على طنجة» و«فاطمة الخلاسية» و«زهرة واقفة» و«زهرة جالسة» و«المقهى المغربي» وغيرها... وبعدها وكأن ماتيس قد قرر الدخول فى مرحلة أخرى يعتمد فيها على الموديل وذلك مع بدايات عام 1916 مُستخدمًا الإيطالية «لوريت» لتجلس أمامه، إلا أن لمسات الشرق ظلت مُسيطرة على اللوحة، فنجد «لوريت» ترتدى قفطانا مغربيًا أو تضع على رأسها العمامة، وتجولت فرشاته وألوانه «الشرقية الغربية» ترسم مجموعة من اللوحات تحمل اسم «الجارية» وبطلاتها نساء يحملن سمات الشرق داخل إطار من الأصداف والمشربيات والسجاجيد والأرابيسك، ولم يسلم ماتيس من النقد اللاذع حول «جواريه» واتـُّهِم فنه بأنه من الاستشراق الجديد وعودة إلى الوراء، ومثل هذا الاتهام قد وُجـِّه إلى عدد من معاصريه الذين قدموا أعمالا مشابهة وحيها من الشرق.

ولا يأتى ذكر هنرى ماتيس دون الانتهاء ببابلو بيكاسو حتى أن قاعة «جراند باليه» فى باريس قدمت منذ خمس سنوات معرضًا لهما معا عنوانه «نصف قرن من العلاقة الشائكة».. كانا الصديقين «اللدودين» اللذين اقتسما العالم واستحوذا على عناصره المتناقضة، لقد جسد «ماتيس» الضوء واللون والتناغم فيما حطم «بيكاسو» المرئى ليكتشف وحشيته، وأشاح ماتيس بنظره إلى الخارج وتأمل الطبيعة قائلا: «إن ما أحلم به هو التوازن والنقاء والصفاء مجردًا من المواضيع المقلقة والمثيرة للكآبة» بينما فضل بيكاسو النظر إلى الداخل فى تصويره للطبيعة من خلال نفسه المتصارعة مع ذاتها، فوصف عملية الرسم بأنها «نوع من النضال بين النزعات الداخلية والعالم الخارجى الظاهر لغالبية البشر»، وفى أعماله فضل بيكاسو استخدام الأدوات الشائعة كموضوع للوحاته ليوصل رسالته، ينتزعها من حوله كالإبريق وكأس الشراب والغليون، وكان يقول عنها إنها الأدوات التى أُغلف بها أفكاري.. ولقد ظل هذا التصادم الجوهرى قائما حتى النهاية حول هدف الفن عند كـلا الفنانين العظيمين، حتى أن ماتيس قال عن بيكاسو ذات مرة: «إننا بعيدان كل منا عن الآخر كبعد القطب الجنوبى عن القطب الشمالي».

ورغم هذا البُعد فقد كانا أيضًا أكبر معجبين بأعمال بعضهما، حتى أن لوحة لماتيس كانت أبرز المعلقات فى استوديو بيكاسو، وقد قال ماتيس لبيكاسو قبل وفاته: «حين سيموت أحدنا فهناك أمور لن يستطيع من

يظل على قيد الحياة مناقشتها بعدئذ مع كائن ما كان..» وأيضا فى عالم العباقرة لا يخلو الأمر من الاقتباس أو المنافسة التى تقارب السرقة، فحين زار ماتيس الجزائر العاصمة اهتم بجمع الأقنعة وعند عودته عرض لوحته «العارية الزرقاء» ذات العضلات المفتولة، فقام بيكاسو بالرد عليها فى لوحته «آنسات أفينيون» عام 1907 التى تحمل سماتهن أشكال الأقنعة القبـَلية، وكتب ماتيس لابنته واصفا بيكاسو بقوله: «يجب أن نحذر من اللص الذى يتربص فى مكمن»، هذا بينما كان قول بيكاسو: «يجب أن نتمكن من وضع كل ما عملناه ـ ماتيس وأنا ـ جنبا إلى جنب، لأنه لم ينظر أحد أبدا لأعمال ماتيس كما نظرت، وإلى أعمالى كما نظر هو»..

وكان بيكاسو على الدوام على لسان ماتيس حيث قال ذات مرة: «بيكاسو يحطم الأشكال بينما أنا فى خدمتها».. ويجيب بيكاسو: «إنه أمر أقوى منى أن أضيف وأختزل وأغير المكان، بينما ماتيس يعكس حظ كل منا على الآخر وإن تظاهر بغير ذلك».

ويعبث بيكاسو بقوله: «إذا أردت أن يدعم ماتيس أى مشروع ما فاذكر أمامه أن بيكاسو يقف مع المشروع أو العكس المهم أن يأتى ذكر بيكاسو مرتبطا بالمشروع»..
ويعترف ماتيس: «إن بيكاسو هو الشخص الوحيد المخول لأن يتحدث عنى بسوء».. ويبلغ بيكاسو درجة من الشفافية لم يصلها إلا نادرا فى قوله: «إن ماتيس يعرف جيدا أنه من المستحيل عليّ ألا أفكر فيه»..

وتـُحدِث الأصالة تجاوبا ليعبر ماتيس عن بيكاسو بقوله له: «أريدك أن تقوم بهذا العمل لأنه من المستحيل عليّ أن أقوم به بنفسى وستنجزه أنت أفضل مني».. ويهدر بيكاسو بالحقيقة التى ليس لها منازع فى رأيه: «إن ماتيس لم يرسم لوحة قبيحة أبدا أبدا»..

ويرحل ماتيس ليعترف بيكاسو: «لقد ترك ماتيس لوحات نسائه إرثًا فى ذمتى والآن لم يعد بيننا، وأبدًا ليس هناك أحد يستطيع أن يواصل ما كان يقوم به»..

كانت وفاة ماتيس فى 3 نوفمبر 1954 إشارة إلى المشاعر المركبة التى جمعت بينه وبين بيكاسو.. مشاعر من التقدير والإعجاب الذى قد يصل إلى مرتبة الحسد.. كان رد فعل بيكاسو المباشر عند سماعه الخبر شبه نوبة من الرعب رفض معها الاقتراب من التليفون للرد على عائلة ماتيس، التى كانت تأمل سماع كلمات التعاطف فى مصابها، ومواساة من صديقه بيكاسو الذى لم يشترك حتى فى تشييع الجنازة.. وحول تلك المشاعر المتضاربة عند بيكاسو إزاء موت ماتيس كتبت صديقته فرانسواز جيلو: «اعتبر بيكاسو وفاة صديقه نوعا من الخيانة، فقد شعر فجأة بأنه تعرى، وأنه قد أصبح وحيدًا بل اعتقد أنه هو الآخر مريض، وتحول هذا الاعتقاد إلى وسواس مصحوب بالخوف من المجهول المتربص، حتى أنه اعتزل الناس، وبعد 18 يومًا من وفاة ماتيس قام بالمرور عليه صديقه «رونالد بتروز» ليتناول معه العشاء فوجده طريح الفراش واهنًا حزينا متغضن الوجه، يزداد شحوبا كلما مر الوقت، ولا يستجيب لأى حديث حتى فى الفن.. لقد كانت لوفاة ماتيس على بيكاسو تأثير بالغ القتامة جعله يمر بأطوار متعددة.. فى البداية تلبـَّسه إحساس بالمسئولية الفنية والأخلاقية إزاء صديقه وتراثه الفنى، وقد بلغ مدى تأثير الوفاة على بيكاسو نوعا نادرا وفريدا من التقمص، حتى أنه قام مباشرة بعد موت ماتيس برسم العديد من الاسكتشات تشبه كثيرا تخطيطات ماتيس وعندما أبدى أحد الأصدقاء ملاحظته حول هذا التشابه، لم يشعر بيكاسو بأى نوع من الإهانة، ولم يعتبر تلك الملاحظة تجريحا، بل لقد كانت إجابته مذهلة فى تاريخ الفن قاطبة: «نعم أنت على حق ولكن الآن بينما لم يعد ماتيس بيننا فإن أحدا ما يجب أن يواصل ما كان يقوم به.. ألا تعتقد ذلك؟!»..

ويمتد خيط التقمص لتظهر بوضوح المؤثرات الشرقية ـ التى نسجت أعمال ماتيس ـ إلى لوحات بيكاسو بعد ستة أسابيع على وفاة الفنان الراحل ويأتى رد بيكاسو على ملاحظة صديق: «لقد ترك ماتيس بعد وفاته لوحات نسائية إرثا فى ذمتي. أما لوحاتى هذه فتمثل رؤيتى الخاصة للشرق، حيث لم أذهب إلى هناك قط».

وتتضارب آراء النقاد فى ذلك الاتجاه الذى سلكه بيكاسو بعد وفاة ماتيس فالبعض يقول إنه نوع من الوفاء والبعض قال مرددًا المثل الشعبي: «إن غاب القط العب يا فار» فقد غاب صاحب الاتجاه وأصبح الميدان متسعا ليجرّب بيكاسو لهوا بلا رقيب أو ناظر وإن ظل ماتيس متغلغلا فى أعمال بيكاسو بعد وفاته، ولم يكن هذا التأثير الفنى فقط هو الذى أصابه بل لقد دخل فى طور آخر من أطوار تأثير موت ماتيس عليه إذ أصبح يتمثله أمامه، وغدا يحاوره ويجادله كما لو كان حيًا يقف قبالته.. وفى الأشهر اللاحقة للوفاة اكتشف بيكاسو ضخامة خسارته فكان يصرخ متألما: «كان يجب أن نتحدث إلى بعضنا بأكثر مما نستطيع فعندما مات أحدنا توقف الكـلام فى ممرات الهواء».. من قبلها فى حياة ماتيس وبالتحديد فى منتصف ليلة الثامن من سبتمبر كتب لبيكاسو يقول وقد تعذَّر عليه النوم: «الليلة أشعر بقناعة تامة بأنك يجب أن ترسم جدارية ضخمة بالموزاييك فأنا واثق أنك ستنجز عملا مهما ضخما ببساطة شديدة.. أنت جدير بهذا العمل.. وأريدك أن تقوم به لأنه من المستحيل عليّ أن أقوم به بنفسى وستقوم به أنت أفضل مني.. أرجو أن تفكر بالأمر.. إن هذا شيء مهم للجميع وأرجوك أن تقبل عذرى فى إلحاحى عليك، لكنى هنا والآن وفى تلك الساعة المتأخرة من الليل أؤدى واجبى تجاهك وتجاه الفن».

إن الإعجاب والغيرة المهنية جمعت بين القطبين المتنافرين.. وكان بيكاسو أشد غيرة.. وكان بيكاسو أشد ألما عندما رحل عنه ماتيس الذى يكبره بفارق 21 سنة ممــا أتاح لماتيس سبقا فى النضج وأيضا فى التجديد.

رحل ماتيس رائد البساطة الفنية كما تنبأ له أستاذه «جوستاف مورو» فى مدرسة الفنون بقوله: «سوف تعمل يا ماتيس على تبسيط الرسم» وذلك لأن الأستاذ قد لاحظ شريان البساطة الفنية الذى يجرى فى عروق المبدع الجديد!
 

تغريدات لم يكتبها ترامب

{ يغادر مجروحا بعدما وصل الأمر بخصومه حد حرمانه من القدرة على التغريد. صعب على المغرد الكبير أن يتحمل خسارتين: البيت الأبيض وشرفة «تويتر» ويفترض أنه يعرف أن الدنيا جولات وفصول وأن حزبه على «تويتر» قد يتصدع ويتفكك، فتغريدات حامل الأختام شيء وتغريدات الرئيس السابق شيء آخر!
{ كل وداع قاس فكيف يكون وداعا للبيت الأبيض، أى مقر قيادة الإمبراطورية (القرية الكونية)!

{ لم يشارك الرجل فى الوليمة المسمومة.. حفل التسلم والتسليم!

{ الرجل لا يريد مصافحة الذى دفعه إلى التقاعد!

{ مشكلته أنه صنع من الأعداء خلال أربع سنوات ما تعجز عنه كتيبة من الرؤساء.

{ رئيس يخرج معزولا بلا وداع من أحد وآخر يدخل خائفا بلا استقبال تقليدي.

{ كان رئيسا غاضبا من كل شيء كأنه خارج من معركة وداخل إلى أخرى.

{ حفنة من رؤساء كبريات شركات التكنولوجيا والإعلام الجديد «تويتر»،«فيسبوك»، «أمازون»، «جوجل»، «ابل» تبارزوا لإسكات ترامب ومنعه من حقه فى التعبير عن رأيه.. القرار اتخذه القطاع الخاص بلا تفويض من دافع الضرائب الأمريكى وبلا مسوغ قانونى من القضاء وبتجاوز كامل لكل مؤسسات النظام السياسى الأمريكي. لم يقو حتى جاك دورسى «رئيس تويتر» على التغافل عن أى ما حدث «سابقة خطيرة» بحسب تعبيره رغم موافقته عليها!

{ من المفارقات أن يتجاوز عدد القوات المسلحة المنشورة فى العاصمة الأمريكية «واشنطن» هذه الأيام أكبر من العدد المتبقى للقوات الأمريكية فى أفغانستان «2500 جندى فقط»!

{ أخطر ما يمكن أن يصاب به القوى هو العجز عن تصديق ما يجب تصديقه.

{ بايدن لم يستطع الفوز بالضربة القاضية بل فاز بالنقاط!

{ إنها أمريكا تتظاهر بالتسامح ثم تنشب أظافرها دفاعا عن ملامحها!

{ أزال الرئيس الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو صورة تجمعه بالرئيس الأمريكى ترامب كان يضعها فى صدر حسابه على تويتر بيوم كامل قبل مساءلة مجلس النواب لترامب عن حادث اقتحام الكونجرس!

{ سلطات الإدانة قررت الانتظار حتى خروج الرجل من البيت الأبيض لكيلا تمنحه فرصة العفو عن نفسه!

{ «ميلانيا» تعمدت ارتداء زى من دار «شانيل» وحقيبة من دار «هيرمس» الفرنسيتين عند خروجها من البيت الأبيض فى رسالة واضحة للمصممين الأمريكيين الذين رفضوا التعامل معها طوال سنوات رئاسة زوجها خوفا من أن تتأثر مبيعاتهم.

{ قال ترامب بدون «تويتر»: ليس وداعا أخيرا ولسوف نلتقى قريبا.. وسأقاتل دائما من أجلكم..سأراقب وسأسمع.. و..سنعود بشكل ما»!


 «فاطمة» حسناء طنجة المغربية بريشة «ماتيس» «فاطمة» حسناء طنجة المغربية بريشة «ماتيس»
كلمات البحث
ربيــع العمر!

مكثت أحمل سنين عمرى بلا معاناة بمفهوم أكبر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة، وأبدًا لم أقل يومًا ليوم مولدى جئت أيها الشقى، وإنما ألقاه دومًا بترحاب قد يكون

مايسترو الحياة!

لحظة أنجبت ابنى شعرت بعدها بمدى أهمية الطبيب فى حياتى.. أصبح يمثل لى مركز الكون ونافذة النور وموسوعة المعارف وباب الفرج ومفتاح السعادة وقبطان القيادة وترنيمة

في زمن الكورونا

إلى متى سيظل يرفع كفه الحانية عن بُعد فى رسالة قاطعة كافية لردع الحنان المنذر بالتدفق من حنايا شوقى الدائم إليه؟!.. إلى متى لن أستطيع ضم ابنى إلى صدرى؟!..