22 ــ هذا الكم الهائل من الرسائل والاتصالات التى تلقيتها طوال الأسابيع الأخيرة تعليقا على إطلالة هذا العام بمناسبة الذكرى 47 لانتصار أكتوبر المجيد يؤكد معدن هذا الشعب العظيم وعمق إيمانه بالمؤسسة العسكرية المصرية ودورها المركزى فى حماية وتأمين هذا الوطن وضمان أمن وسلامة مواطنيه على طول التاريخ.
وكم كان بودى أن أنشر كل ما تلقيته من رسائل بأسماء مرسليها لولا أن الحيز لا يتسع ولأنه من الصعب أن أنتقى رسائل دون أخرى ومن ثم آثرت أن أكتفى بالتوقف أمام ما ورد من تساؤلات بشأن بعض الأمور لكى أجيب على سؤالين مهمين أولهما: ما سأجيب عليه اليوم حول سر اختيار يوم 6 أكتوبر موعدا لساعة الصفر وثانيهما: ما سأجيب عنه غدا حول قرار تطوير الهجوم يوم 14 أكتوبر وعلاقة ذلك بوقوع ثغرة الدفرسوار.
والحقيقة أن اختيار يوم السادس من أكتوبر 1973 لبدء الحرب كان فى حد ذاته حسابا بالغ الدقة لضمان تحقيق المفاجأة استنادا إلى أن إسرائيل كانت تستبعد تماما إقدام مصر على شن حرب ضدها فى شهر رمضان باعتباره شهر العبادة والاسترخاء بينما رأت مصر أن هذا اليوم الموافق العاشر من رمضان يعنى بالحساب الفلكى ليلة مقمرة تضمن التوثيق بين وجهة النظر السورية المطالبة ببدء الهجوم مع أول ضوء عند الفجر ووجهة النظر المصرية ببدء الهجوم مع آخر ضوء فكان الحل الوسط باختيار الثانية ظهرا لتسهيل مهمة بدء عبور القوات المصرية المدرعة للقناة تحت ضوء القمر بعد الانتهاء من عبور المشاة وفتح الثغرات فى الساتر الترابى وإنشاء الكبارى والمعديات.
كان ضمن حسابات هيئة العمليات بقيادة اللواء محمد عبد الغنى الجمسى ومعاونيه الأبطال فى الهيئة أن الحسابات البحرية والفلكية تؤكد أن سرعة جريان المياه فى القناة فى مثل هذا اليوم تمثل أفضل سرعة ملائمة لعبور القناة سباحة أو بواسطة القوارب المطاطية ثم إن هذا اليوم تحديدا يوافق عيد الغفران الإسرائيلى «يوم كيبور» والذى يتوقف فيه البث الإذاعى والتليفزيونى تماما فضلا عن أن الرأى العام فى إسرائيل كان مشدودا نحو انتخابات الكنيست الوشيكة.
وسوف يظل الدور الكبير الذى أداه العميد صلاح فهمى نحلة أحد معاونى اللواء الجمسى فى صياغة خطة العمليات على صفحات كراسة مدرسية للتلميذة إيمان وهى إحدى كريماته لضمان السرية وهى الكراسة التى عرضها الجمسى على الرئيس السادات وحافظ الأسد فى كينج مريوط خلال لقاء سرى جمعهما قبل الحرب بستة أشهر فقط عنوانا للمهنية العسكرية الرفيعة ناهيك عن مهمة استطلاع باب المندب جنوب البحر لبحث ترتيبات إغلاقه فى وجه السفن المتجهة إلى إسرائيل أو المغادرة لها عن طريق ميناء إيلات وهى المهمة التى شاركه فيها العميد محسن حمدى مسئول الملف البحرى بالمخابرات الحربية المصرية فى فرع المعلومات آنذاك.
وغدا نستكمل الحديث
[email protected]
* نقلًا عن صحيفة الأهرام