Close ad

الفريق صادق والشهيد الرفاعى!

21-10-2020 | 06:17

14 – لا يمكن لأجيال جديدة لم تعش هذه الأيام الصعبة التي عشناها بعد نكسة 5 يونيو 1967 والأيام الحلوة التى رفعت رؤوسنا إلى السماء بعد معجزة العبور العظيم يوم 6 أكتوبر عام 1973 أن تعرف وأن تدرك كيف صنعنا النصر الذى كان مستحيلا من ركام الهزيمة التى كانت قاتلة ومميتة إلا بعد إلقاء نظرة على المشهد العام فى مصر وعلى امتداد منطقة الشرق الأوسط قبل ظهر يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان.

قبل 6 أكتوبر كانت قوة العدوان هى صاحبة الكلمة فى الميدان وكان منهج القدرة على فرض الأمر الواقع بالقوة هو المنهج الذى تتعامل به إسرائيل مع الأمة العربية كلها اعتمادًا على ما تحقق لها في معارك يونيو 1967، وبالتالي كان الحديث عن السلام غائبًا، ولا شيء مطروح سوى دعوات مضللة تستهدف تكريس حالة "اللاسلم واللاحرب" لتكون إطارًا لتسوية غير عادلة تحصل من خلالها إسرائيل على كل ما تريد، وليس بمقدور العرب سوى القبول أو الاستسلام للأمر الواقع المرفوض؛ حيث تحتل إسرائيل سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية!

كانت أوهام القوة والتفوق تسيطر على إسرائيل وتدفع بها نحو غرور غير مسبوق يتمثل فى استعراض وتباه دائم لكل ما تملكه من أدوات القوة والردع لكى تزرع فى الشعوب العربية خوفًا ويأسًا وإحباطًا يشل العقل والإرادة عن مجرد التفكير فى أى عمل يشكل تحديًا لهذه القوة أو تجرؤ على مناطحتها!

كانت الأوضاع الميدانية على كل خطوط المواجهة مع إسرائيل بما فى ذلك جبهة قناة السويس توحى لغالبية المجتمع الدولى بأن أى تفكير فى تحدى الأمر الواقع والسعى إلى تغييره بالقوة – خصوصا من جانب مصر – سوف يكون بمثابة مقامرة غير مأمونة بل إنه ربما يكون استعجالا للدخول فى حرب انتحارية لن تؤدى إلى زحزحة إسرائيل من سيناء وإبعادها عن حافة قناة السويس وإنما هى تكلف مصر بأكثر مما تكلفته وخسرته فى معارك 5 يونيو 1967..

وهنا تكمن أهمية وقيمة وعظمة الدروس المستفادة من العمليات الجسورة التى تمت خلال حرب الاستنزاف تحت إشراف مباشر من الفريق محمد أحمد صادق لكسر حائط الخوف والدخول فى مواجهات مباشرة بدأت بإنشاء المجموعة 39 قتال بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي وبلغت ذروتها بتدمير ميناء إيلات الإسرائيلي مرتين بواسطة الضفادع البشرية من قوات الصاعقة وتماسيح البحرية المصرية مرتين متتاليتين عام 1969.

وفوق هذا وذاك فإن مصر بدأت تحس بأن استمرار حالة "اللاسلم واللاحرب" تمثل خطرًا شديدًا ليس فقط على معنويات الجنود الذين يتحرقون شوقًا للقتال ويخشون من إصابتهم بمرض الخنادق، وإنما أيضًا فإن هدوء الجبهات العسكرية وغياب أى أفق سياسى للحل العادل بدأ يحدث خلخلة وزعزعة فى التضامن العربى وصراعات وانشقاقات فى الساحة الفلسطينية..

ولم يكن هناك من حل للخروج من هذا النفق المظلم إلا بعمل كبير يؤدي لإفاقة إسرائيل من أوهام القوة والغرور ويعيد اللحمة إلى شعوب وحكومات الأمة العربية.
وغدا نستكمل الحديث

[email protected]

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث