Close ad
9-7-2020 | 13:55

يبدو أن الرئيس إيمانويل ماكرون لم يقرأ جيدا محتوى الرسالة المتضمنة فى صناديق الاقتراع فى الجولة الثانية للانتخابات البلدية التى أُجريت فى 28 يونيو الماضى. فقد اكتفى بعنوان الرسالة الذى يفيد بأن حزبه تلقى ضربة مؤلمة. لم يستهن ماكرون بهذا العنوان، أو يفسره مثلا بضعف المشاركة فى الانتخابات (40% فقط). وليس هناك ما يدل على أنه يراهن على تحويل رئيس الحكومة المستقيل إدوارد فيليب إلى كبش فداء، لأن غضب الناخبين سبق أزمة كورونا وأداء الحكومة فى مواجهتها. كما فهم أن الرسالة موجهة إليه أيضا، وليس إلى حزبه وحكومته فقط. ولم يحاول طمأنة نفسه بأن المسئولية لا تقع على رئيس الجمهورية حين يتعلق الأمر بانتخابات بلدية يهتم الناخبون فيها بقضايا محلية معظمها صغيرة. فقد أصبح هذا النوع من القضايا أكثر أهمية لدى كثير من الناخبين مقارنة بأكبر قضايا العالم.

قرأ ماكرون، إذن، عنوان الرسالة جيدا. ولكن الأرجح أنه لم يُحسن قراءة محتواها، فتصور أن نتيجة الانتخابات تعود إلى إهمال قضايا المناخ، انطلاقا من أن حزب البيئة حقق فيها أكبر فوز فى تاريخه، وأصبح قوة مركزية تُحسب لها كل الحسابات، وصار فى إمكانه جمع شتات اليسار الفرنسى فى إطار جبهة اجتماعية-بيئية قوية. ركز ماكرون سعيه إلى ترميم سياسته, التى أظهرت الانتخابات تصدعها، فى منح اهتمام غير مسبوق لقضايا البيئة. وواضحة تماماً دلالة هذا التوجه. يريد ماكرون سحب البساط من تحت أقدام الخُضر وحزبهم الصاعد بقوة، وكأنه يسعى إلى تفكيك قنبلة موقوتة معدة للانفجار فى وجهه فى الانتخابات المقبلة عام 2022. غير أن قراءة محتوى رسالة الناخبين والغضب المتضمن فيها، على هذا النحو, تبدو جزئية لأن عوامل هذا الغضب أوسع بكثير. الناخبون غاضبون لأسباب اقتصادية-اجتماعية وسياسية، وليست بيئية فقط. ولعل الرئيس الفرنسى نسى أن النصف الأول فى عهده شهد احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة كما ونوعا منذ انتفاضة الطلاب والعمال فى عهد الرئيس الراحل شارل ديجول عام 1968. إن الرسائل لا تُقرأ من عناوينها فقط، بل يُدرس محتواها ويوضع تحت مجهر البحث.

نقلا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
الأكثر قراءة