بداية لابد أن أسجل أن قبول طلب مصر عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لبحث أزمة سد النهضة يمثل نجاحا باهرا للسياسة والدبلوماسية المصرية رغم أن إشارات كثيرة كانت توحى بصعوبة الاستجابة للطلب المصرى فى ضوء اعتراض إثيوبيا وسعيها لحشد تأييد إفريقى ودولى بدعوى أن المفاوضات لم تنته بعد وأن جهود الاتحاد الإفريقى مازالت مستمرة.
وثانيا: فإن بمقدورى أن أقول: إن الكلمة التى ألقاها الوزير سامح شكرى أمام مجلس الأمن كانت وبحق كلمة فى حجم ووزن مصر شكلا ومضمونا ولسوف تبقى هذه الكلمة فى مجال التقديم والعرض بمثابة درس بليغ فى كيفية التعاطى مع الأزمات على الصعيد العالمي.
كانت كلمة مصر هى طريقها لإعادة تأكيد حقوقها القانونية والتاريخية بصراحة وأمانة ووضوح مما أدى إلى إغلاق الطريق أمام أى محاولات لطمس الحقيقة وخلط الأوراق ومن ثم يضيع أصل وسبب الأزمة مثلما تفقد فروع الأشجار صلتها بالجذور عند أى تقليم جائر!
فى كلمة سامح شكرى تأكيد لا يقبل الشك فى مدى التطابق بين المواقف السياسية التى تعبر عنها كلمات وبيانات رئيس الدولة وبين مفردات اللغة الدبلوماسية التى تستخدمها وزارة الخارجية لخدمة الأهداف الاستراتيجية العليا للوطن والتى هى فى الواقع بمثابة التعبير التاريخى والاجتماعى والسياسى عن مجمل الظروف المحيطة فى الداخل المحلى والفضاء الإقليمى والأفق الدولي.
وربما كان أصدق تعبير عن وضوح واستقامة الخط السياسى لكلمة مصر هو لفت الانتباه إلى أن مصر مازالت عند موقفها الداعم والمساند لإثيوبيا من أجل تحقيق أهدافها التنموية التى تبتغيها من وراء سد النهضة لكن دون إغفال مسئولية الدولة المصرية فى تأمين المصالح العليا للشعب المصرى وتأمينها باعتبارها قضية حياة وهنا يكون الدفاع عن الوجود وعن البقاء ليس محض اختيار وإنما هو مسألة حتمية تفرضها طبيعة البشر!
ولم يغب عن كلمة مصر أن تحيط مجلس الأمن علما بأنها تحملت الكثير والكثير على مدى 10 سنوات من التفاوض وإنه قد آن الأوان لكى يتحمل مجلس الأمن مسئوليته وإدراك المخاطر الجسيمة التى يمكن أن تترتب على إقدام إثيوبيا بملء سد النهضة بشكل أحادى ودون اتفاق مع مصر والسودان لأن ذلك يمثل تهديدا خطيرا للأمن والسلم الدوليين!
وبصراحة فإننى أشفقت على مندوب إثيوبيا الذى جاءت كلمته خلوا من أى أسانيد سياسية أو قانونية حيث راح يلف ويدور فى دوامة الحديث عن عدم الحاجة لعرض الأزمة على مجلس الأمن فجاءه الرد حاسما وموجزا على لسان الوزير سامح شكرى.
خير الكلام:
<< الحقيقة أعظم سلاح والحق أفضل مدافع عن نفسه!
نقلا عن صحيفة الأهرام