على الرغم من تباين المواقف السياسية بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن إزاء قضايا العالم الخارجي، برز الاتفاق على استمرار خروج تركيا من برنامج إنتاج المقاتلة أف 35 كحالة نادرة فى تلاقى رؤيتي بايدن وترامب.
موضوعات مقترحة
وقالت دورية القوات الجوية الأمريكية «إيرفورس ماجازين» إن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ستستمر في تنحية تركيا من الشراكة فى برنامج إنتاج المقاتلة أف – 35 وهو الإجراء الذي كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد اتخذته حيال تركيا.
وأشارت الدورية الأمريكية إلى أن الإبقاء على تركيا خارج دائرة الشراكة فى برنامج إنتاج المقاتلة أف – 35 بدا كأول اتفاق في السياسات بين إدارة بايدن وإدارة ترامب ، فبالرغم مما بينهما من تجاذبات سياسية وانتخابية اتفقت الإدارتان على أن أنقرة باتت " شريكا دفاعيا لا يؤتمن" بعد مضى 66 عاما على انضمامها لحلف شمال الأطلنطي .
واستطردت دورية القوات الجوية الأمريكية بالقول إن مخططي الدفاع في البنتاجون يتحسبون كثيرا لعواقب استمرار تركيا في برنامج الشراكة في إنتاج المقاتلة أف – 35 بعدما قررت أنقرة المضي قدما في التزود بمنظومات أس – 400 الروسية للدفاع الجوى ، وهو ما عبر عنه جون كيبرى الناطق باسم البنتاجون عندما صرح في الخامس من الشهر الجاري بأن تركيا لن تعود إلى لعب دور الشريك في برنامج إنتاج المقاتلة أف – 35 التي يضم الولايات المتحدة و دولا غربية أخرى في حلف شمال الأطلنطي .
ووفقا لتقديرات وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية دى أى ايه ستكون أنظمة التشفير والاتصالات الأمريكية مكشوفة تماما للجانب الروسي عن طريق تركيا بحكم كونها عضوا في حلف شمال الأطلنطي إذا تحصلت أنقرة على منظومات أس – 400 الروسية.
ويؤكد الخبراء الأمريكيون أن أنظمة تشغيل أس – 400 التي بدأت أنقرة في استلامها في العام 2019 غير متوافقة في الأساس مع حواسيب المقاتلات المتطورة أف – 35 ويقولون إنها حواسيب مصممة أساسا على التعامل مع منظومات الدفاع الجوى الأمريكية الصنع باتريوت التي عاندت تركيا ورفضت شراءها من الولايات المتحدة .
وبحسب الدورية الأمريكية .. فقد اشترى سلاح الجو الأمريكي ثماني مقاتلات من طراز أف – 35 تصل قيمتها إلى 7ر861 مليون دولار كان مقررا أن تحصل عليها تركيا في حالة استمرار شراكتها في برنامج إنتاج تلك المقاتلات لكن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب وأبقت عليها إدارة بايدن حالت دون حصول تركيا على تلك المقاتلات المتطورة .
وفى ديسمبر الماضي فرضت إدارة ترامب وهى في أيامها الأخيرة عقوبات ممتدة على أنقرة بسبب مضيها قدما في التزود بمنظومات أس 400 الروسية ، ويرجح المراقبون أن يشهد العام 2021 استمرارا في نهج معاقبة أنقرة إذا استمرت في نهج سياساتها الاستفزازية لحلفائها الغربيين .
وكشف باتريك توكر خبير التكنولوجيا الدفاعية الأمريكي عن قدرة المنظومة الروسية على خرق نظم المعلومات الخاصة بتشغيل المقاتلات أف – 35 التي تقترب منها حتى وإن كان ذلك في أوقات السلم وهو ما يشكل تهديدا لسلامة تشغيل المقاتلات أف – 35 وكشف أسرارها الملاحية وربما عيوبها إذا تحصلت عليها تركيا، كما سيفشى ذلك أسرارا كثيرة من الخصائص الفنية للمقاتلة أف – 35 تعتبرها الولايات المتحدة من أسرار ترسانتها التسلحية، وللتدليل على ذلك أشار الخبير الأمريكي إلى أن إسرائيل التي حصلت على المقاتلات أف – 35 تحرص على الابتعاد عن مناطق انتشار منظومة أس – 400 في سوريا لهذا السبب .
ويرى البروفيسير دافيد ستوبلس أستاذ اللاسلكي و تطبيقات الحرب الإلكترونيات في جامعة سيتي البريطانية وعضو المنتدى الأوروبي لمحترفي حروب الرادار Old Crows أن رادارات نظام أس – 400 بمقدورها كشف الملف الملاحي للمقاتلات أف – 35 و المعروف علميا باسم flight profiles و بموجب ذلك يمكن لمشغلي نظام أس – 400 اكتشاف نقاط الضعف في المقاتلة الأمريكية ، وتابع في مقابلة أجرتها معه دورية دفنس نيوز الأمريكية بتاريخ يوليو 2019 بالقول "ليت الأمر يقف عند حد التحليق الجوى فقط .. فالأسوأ هو أن عقود الصيانة والتدريب الفني التي أبرمتها روسيا مع الأتراك ستتيح لهم مجالا كافيا للاختراق التجسسى الروسي المباشر لمنظومات تشغيل أف – 35 وربما يطور الروس طرازات دفاع جوى مستقبلا أفضل من أس – 400 بفضل ذلك".
وأكد البروفيسير البريطاني أن المزاوجة بين منظومات أس – 400 ومقاتلات الجيل الخامس الأمريكية باتت الآن مشكلة حقيقة في بلد كالهند التي اشترت المنظومات الروسية وهو ما لا يجب أن يتكرر .
وكانت تركيا – وهى عضو في حلف شمال الأطلنطي – تطمع من وراء شراكتها في برنامج تطوير المقاتلة أف – 35 في شراء مائة مقاتلة من هذا الطراز وفق أسعار تفضيلية مخفضة ، كما اعتبرت تركيا شراكتها في هذا المشروع مظهرا دعائيا لها كشريك يقف كتفا بكتف إلى جانب منتجي السلاح الكبار في العالم ، لكن خبراء في مجال الصناعات الجوية في واشنطن قالوا إن إجمالي الإسهام التركي في إنتاج مقاتلات أف – 35 متواضع جدا ولا يعادل ما تتطلع إليه تركيا من الشراء بأسعار تفضيلية كشريك في حين يرى الخبراء أن الإسهام التركي في برنامج إنتاج مقاتلات أف – 35 يعد هامشيا ولا علاقة له بتكنولوجيا تلك المقاتلة ، فمن بين 937 جزءا تتكون منه تلك المقاتلة لا تسهم الشركات التركية سوى بإنتاج مجموعة الهبوط والجزء الأوسط من بدن المقاتلة، وفى المقابل تنتج المصانع الأمريكية 400 مكون من مكونات إنتاج المقاتلة أف – 35 ذات تكنولوجيا عالية وربما محظور الكشف عنها، أما باقي مكونات المقاتلة فيتولى توريدها مصنعون من مختلف بلدان أوروبا الشريكة في البرنامج .