Close ad

بلومبرج: الاقتصاد الأمريكي سيدفع ثمن الاضطرابات السياسية باهظا

19-1-2021 | 11:44
بلومبرج الاقتصاد الأمريكي سيدفع ثمن الاضطرابات السياسية باهظاالاقتصاد الأمريكي
الألمانية

رغم أن العنف السياسي في الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تقليل الثقة في استقرار البلاد، وارتفاع تكلفة المخاطر بالنسبة لسندات الخزانة الأمريكية التي تحدث عنها المحلل الاقتصادي الأمريكي نواه سميث قبل نحو أسبوع، فهو يرى الآن أن هذه ليست التداعيات الاقتصادية الوحيدة المحتملة للهجوم الذي شنه أنصار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب على مبنى الكونجرس (الكابيتول) يوم 6 يناير الحالي وتهديداتهم بإثارة المزيد من أعمال الفوضى احتجاجا على ما يقولون إنه تزوير لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي خسرها ترامب.

موضوعات مقترحة

وذكر سميث في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن بحثا أجراه صندوق النقد الدولي قبل سنوات كشف عن الارتباط الواضح والدائم بين عدم الاستقرار السياسي والتباطؤ الاقتصادي. ففي عام 2011 ، درس صندوق النقد أوضاع عينة كبيرة من البلدان خلال الفترة من 1960 إلى 2004، حيث وجد ارتباطا واضحا بين المقاييس المختلفة لعدم الاستقرار السياسي وانخفاض النمو الاقتصادي اللاحق لذلك. كما وجدت ورقة بحثية سابقة أعدها الخبير الاقتصادي ألبرتو أليسينا نتائج مماثلة. ففي البلدان غير المستقرة ، يكون الاستثمار أقل ونمو الإنتاجية أبطأ بشكل كبير.

وهذا كلام منطقي، لأن عدم الاستقرار يزيد من عدم اليقين. فإذا إذا كنت رجل أعمال ولا تعرف من سيكون مسئولا عن الدولة في غضون عام ، فمن المنطقي عدم القيام بأي استثمارات كبيرة فيها خوفا من أن تستولي عليها الحكومة، أو يتم إزالتها من الوجود أو تدميرها في موجة عنف.

ويحذر نواه سميث وهو أستاذ مساعد المالية في جامعة ستوني بروك الأمريكية من أنه يمكن للخوف من الفوضى أن يقلص بسهولة المشروعات الجديدة في الولايات المتحدة. فإذا نظرت إلى المستقبل بعد خمس سنوات مثلا ورأيت احتمال استمرار الاضطرابات، حتى لو لم تصل إلى درجة الحرب الأهلية، فقد تعيد التفكير في قرار إقامة مشروع اقتصادي بأمريكا. وهذا الكلام ينطبق بشكل خاص على المستثمرين المهاجرين إلى الولايات المتحدة، والذين تزيد مشروعاتهم عن مشروعات الشركات الأمريكية، والذين غالبًا ما يكون لديهم خيار العودة إلى بلدانهم الأصلية. ومعنى تراجع المشروعات الناشئة وريادة الأعمال في أمريكا، تراجع الابتكار وتباطؤ التقدم التكنولوجي وانخفاض القدرة التنافسية مقارنة بالصين.

في الوقت نفسه سيضر عدم الاستقرار أيضًا بالشركات الأمريكية بحرمانها من العمالة الماهرة القادمة من الخارج. إذ من سيريد الانتقال إلى دولة يمكن استهداف الأجانب والاعتداء عليهم فيها؟ وفي الواقع ، شهدت حقبة دونالد ترامب بالفعل انخفاضًا كبيرًا في الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة، رغم أن أغلب هؤلاء المهاجرين يكونون ممن يمتلكون مهارات متنوعة ومطلوبة.

ويشعر المستثمرون الأجانب ، أيضًا بتدهور مناخ الأعمال في الولايات المتحدة، وهو أمر شديد الخطورة. فمنذ السبعينيات، تزايد الاستثمار الأجنبي المباشر كجزء من الاقتصاد الأمريكي. ويشمل ذلك مشاريع مثل مصانع سيارات تويوتا اليابانية في كنتاكي ومصانع مكونات طائرات إيرباص الأوروبية في ألاباما ومصانع سيارات فولكس فاجن الألمانية في تينيسي. هذه الشركات الأجنبية توظف الكثير من العمال الأمريكيين، بما يصل إلى حوالي 8.5٪ من إجمالي القوة العاملة الأمريكية. وإذا نظرت هذه الشركات إلى الولايات المتحدة على أنها مكان غير مستقر ، فقد تقرر إقامة مصانعها الجديدة في دول أخرى، أو حتى تفكر في الخروج من الولايات المتحدة تماما.

كما أن النظر إلى الولايات المتحدة كدولة غير مستقرة يمكن أن يسبب المعاناة للشركات الأمريكية في الخارج. فالشركات التي تشتري الصادرات الأمريكية سواء معدات تصنيع أشباه الموصلات أو معدات البناء، أو رقائق الكمبيوتر - قد تقرر عدم الدخول في علاقات طويلة الأجل مع الموردين الأمريكيين. فهذه الشركات المستوردة لن ترغب في أن تجد نفسها غير قادرة على الحصول على احتياجاتها المهمة من الولايات المتحدة، لآن أعمال العنف أو التقلبات السياسية الحادة تضر بالأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة. وبالطبع فإن تراجع الصادرات الأمريكية يعني، مرة أخرى ، وظائف أقل وأجور أقل للأمريكيين. وهذا لا يأخذ بعين الاعتبار العواقب السياسية والمؤسسية لعدم الاستقرار. وقد أظهر تدخل الرئيس ترامب في عمل مركز السيطرة على الأمراض أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد كيف يمكن للقادة الذين يراهنون على الصراعات الأهلية وعدم الاستقرار أن يدمروا المؤسسات الحيوية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. ويمكن القول إن استيلاء الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز على شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة وانهيار هذه الشركة بعد ذلك هو المثال الأكثر دراماتيكية على ذلك.

وتعتبر المؤسسات الحكومية مكملا حاسما للقطاع الخاص. فهذه المؤسسات هي التي تحدد المناخ التنظيمي وتوفر خدمات حيوية معينة وتحافظ على البنية التحتية. وبالتالي فإن تعيين الأصدقاء والحلفاء في هذه المؤسسات، مع استبعاد المعارضين والمناوئين للسلطة منها، يقلل بشكل كبير من كفاءة عمل هذه المؤسسات ويزيد حالة من عدم اليقين التي تواجهها الشركات وهي تتعامل مع هذه المؤسسات. كما يمكن للفوضى السياسية أيضًا أن تمنع الحكومة من القيام بالاستثمارات اللازمة في البنية التحتية. فكلما شعرت الدولة أنها تخوض صراعا أهليا قلت احتمالات ضخ استثمارات جديدة في البنية التحتية.

أخيرا يمكن أن يؤدي هذا إلى نوع التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة كالذي اعتدنا على رؤيته في بلدان مضطربة مثل فنزويلا أو تايلاند أو تركيا. ومن شأن تراجع الاستثمار وتباطؤ نمو الإنتاجية وريادة الأعمال، وانخفاض الطلب على العمالة والكفاءة الحكومية أن يضر بالعمال وأصحاب الأعمال الأمريكيين على حد سواء، حتى لو تمكن النظام المالي الأمريكي من الحفاظ على استقراره.
 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: