لم ينج المنتدى الاقتصادى العالمى (World Economic Forum) هذا العام من التدابير الاحترازية التى يشهدها العالم بسبب كوفيد-19، التى أجبرت المنتدى الشهير على هجر منتجع دافوس السويسرى الذى بات يشكو قلة زائريه الأثرياء، والتحول إلى الفضاء الافتراضى فى الفترة من 25 إلى 29 يناير المنصرم. فى مرحلة أولى افتراضية، شارك فيها المئات من نخبة العالم تحت الشعار المختار منذ الصيف المنصرم «عام حاسم لإعادة الضبط والانطلاق»، على أن تنعقد المرحلة الثانية حضورًا فى سنغافورة منتصف مايو المقبل لضمان «حماية صحة وسلامة المشاركين والمجتمع المضيف».
موضوعات مقترحة
بعيدًا عن أجواء الرفاهية والطبيعة الخلابة والإجراءات الأمنية المشددة فى دافوس الذى يتحول إلى ثكنة عسكرية عادة فى ذلك الوقت من العام، أدار المنتدى، الذى يعد منصة عالمية للحوار والتشاور بشأن قضايا الكوكب الحرجة، سلسلة «حوارات دافوس» فى مائة جلسة تم بثها من نحو 400 مدينة، بمشاركة نحو 25 رئيس دولة وحكومة من بينهم الروسى بوتين والألمانية ميركل والفرنسى ماكرون، إلى جانب مسئولى منظمات دولية من بينهم أنطونيو جوتيريش عن الأمم المتحدة، فضلًا عن 600 من المديرين التنفيذيين العالميين لكبريات الشركات، وقادة المجتمع المدنى من نحو 80 دولة، وأكاديميين، ومبدعين، وممثلى وسائل إعلام، وشباب القادة؛ بهدف الحوار بشأن مستقبل أفضل للعالم وإعادة ضبطه للانسجام مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وفقًا لكلاوس شواب، مؤسس المنتدى ورئيسه التنفيذي: «فى ظل جائحة كوفيد-19، ظهرت الحاجة إلى وضع أولويات جديدة. وتعد هذه القمة ذات أهمية خاصة لمناقشة كيفية التعافى معًا بالتعاون المنتظر بين القطاعين العام والخاص لإعادة بناء الثقة ومعالجة تداعيات عام 2020»، وذلك فى إشارة إلى الأزمة العالمية الأكبر منذ كساد عام 1929 نتيجة تبعات انتشار الوباء، وإغلاق المرافق الحيوية عالميًا، وتدهور الأوضاع فى الدول النامية والمتقدمة على حد السواء، وعلى وجه الخصوص فى مجالات التعليم والصحة وحرية التنقل. من المقرر، عودة المنتدى للانعقاد العام المقبل فى دافوس السويسرية، منتجع الأثرياء الصيفى وعاصمة الرياضات الشتوية لهواة التزلج على الجليد من الأثرياء الراغبين فى الاستمتاع بموقعها أعلى قمم جبال الألب بارتفاع 1560 مترا، وقد ارتبطت شهرة المنتجع منذ نحو خمسة عقود بأشهر قاعة للمؤتمرات والتى تحولت لقبلة لقادة العالم ونخبته وما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص، ثلثهم من قطاع الأعمال من المدعوين أو المشاركين برسوم باهظة متباينة.
ارتبطت شهرة المنتدى منذ انطلاقه عام 1971 بالمنتجع الذى ألهم الألمانى الحائز على جائزة نوبل «توماس مان» روايته الشهيرة «الجبل السحري». حمل المنتدى فى بدايته اسم «منتدى الإدارة الأوروبية» بمشاركة الاقتصاديين الأوروبيين بهدف دراسة النموذج الأمريكى فى الإدارة والاقتصاد. فى عام 1974، تمت دعوة قادة الدول لمناقشة تداعيات أزمة النفط عقب حرب أكتوبر عام 1973. فى عام 1987، رأت المنظمة غير الربحية القائمة عليه أن يحمل حدثها الاقتصادى اسم «المنتدى الاقتصادى العالمي». يتلقى المنتدى دعمًا فى صورة اشتراكات عضوية باهظة من كبرى الشركات العالمية، بالإضافة إلى رسوم التسجيل والتنقلات والإقامة التى يدفعها هؤلاء عن طيب خاطر للمشاركة فى تشكيل رؤية العالم بالقرب من أقطابه.
على صعيد آخر، خلت المدن السويسرية من مظاهرات كانت تتزامن وانعقاد المنتدى للتنديد به من جانب الناشطين وداعمى اليسار والمناهضين للرأسمالية والمدافعين عن المناخ. إذ يرى منتقدو المنتدى فيه رمزًا «للنخبة العالمية» أو «العائلة التى تسببت فى إفلاس العالم»، كما جاء على لسان أناند جريدهارادس محرر التايم المتجول.