Close ad

الولايات المتحدة لم تعد خيارا.. لماذا يعود مهاجرو كاليفورنيا إلى المكسيك مرة أخرى؟

11-1-2021 | 10:23
الولايات المتحدة لم تعد خيارا لماذا يعود مهاجرو كاليفورنيا إلى المكسيك مرة أخرى؟شخص يعبر الجسر عند الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك فى سان دييجو، بكاليفورنيا
دينا عمارة
الأهرام اليومي نقلاً عن

أدت عشرة أشهر من الوباء الذى أصاب المهاجرين بشكل غير متناسب ودمر بعض الصناعات التى تعتمد على العمالة المهاجرة، إلى جانب سنوات من السياسات المعادية من قبل إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى تفاقم حالة انعدام الأمان لدى المهاجرين الذين يعملون فى وظائف منخفضة الأجر فى جميع أنحاء الولايات المتحدة وخاصة ولاية كاليفورنيا، حيث واجه المهاجرون الأكثر ضعفا تحديات غير مسبوقة هذا العام، جعلت البعض يفكر فيما إذا كان الأمر يستحق البقاء فى الولايات المتحدة من الأساس!

موضوعات مقترحة

«الأمور ليست مثالية فى المكسيك، لكن على الأقل هناك إمكانية الحصول على رعاية صحية مناسبة وإعانة بطالة»، هكذا أوضح جافير فيرو، المهاجر المكسيكى الذى عاد إلى مسقط رأسه فى ميتشواكان، المكسيك، وذلك بعد أن عاش وعمل فى كاليفورنيا لمدة اثنى عشر عاما، حيث أكد أنه منذ تفشى فيروس كورونا فى الولايات المتحدة، اتبع العديد من أصدقائه وأفراد أسرته خطاه.

ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لبيدرو، البالغ من العمر 41 عاما، الذى يعمل فى مزرعة القرنبيط فى مقاطعة ريفرسايد، شرق لوس أنجلوس، وبسبب الوباء، فقد المواطن المكسيكى الأصل عمله فى شهر مارس الماضي، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من دفع إيجار مسكنه، وبينما تواجه كاليفورنيا ارتفاعا فى حالات الإصابة بفيروس كورونا، لا يدرى بيدرو ماذا عليه فعله إذا أصيب هو أو زوجته بفيروس كورونا، فعلى حد قوله، لا يمتلك الزوجان تأمينا صحيا، ودون وثائق قانونية يخشى كلاهما الذهاب إلى مواقع الاختبار المجانية التى تديرها المقاطعة. ورغم أن بيدرو يرى فى الأمر تمييزا كبيرا ضد المهاجرين، لكنه لا يريد ترك البلاد، فهو يرى فى فوز الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، بريق أمل لأوضاع المهاجرين المتردية والاقتصاد المتعثر، حيث قال إنه لا يفكر فى العودة إلى المكسيك، فالوظائف عبر الحدود أكثر ندرة من الولايات المتحدة.

«لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق بالنسبة للمهاجرين فى أسفل السلم الاقتصادي، وأغلبهم العمال فى المزارع الضخمة والمستودعات»، هكذا قال لوز جاليجوس، مدير المركز القانونى لتعليم المجتمعات المحلية للتدريب المهني، حيث أكد لصحيفة «الجارديان» البريطانية، أنه لطالما كانت الولايات المتحدة عامة، وكاليفورنيا خاصة، مكانا مناسبا لاحتضان المهاجرين وبناء حياة أفضل بالنسبة لهم وذلك لما تتمتع به من امكانات، لكن بعد انتشار فيروس كورونا، لم يعد الأمر كالسابق، فهناك كثير من الخوف والصدمات، وأيضا الاحساس بالتمييز ضدهم.

فالدراسات والاستطلاعات التى أجريت أخيرا، أثبتت أن الوباء قد تسبب فى خسائر غير متناسبة فى عدد السكان المهاجرين فى الولاية، أو كما قال باحثون فى جامعة كاليفورنيا، أنه على الرغم من أن الفيروس «أعمي» لا يسأل عن جنسية أو حالة تأشيرة، لكن المهاجرين يتعرضون لكل أشكال التمييز، إذ يتم الزج بهم فى الخطوط الأمامية للوباء كعاملين فى مجال الرعاية الصحية (ثلث الأطباء مهاجرون)، وموظفين لمحلات البقالة، وسائقى توصيل، ومزارعين (75% من عمال المزارع فى كاليفورنيا من المهاجرين غير الشرعيين)، وبالتالى تزيد فرصتهم فى التقاط العدوي.

وما زاد الطين بلة هو التخبط الذى أحدثه قانون «المسئول العام» لادارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى غذى مخاوف المهاجرين من أن طلبهم للخدمات الطبية الحكومية، قد يعرضهم لخطر الحرمان من البطاقة الخضراء أو التأشيرة.

فعلى الرغم من أن خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية قد أعلنت سابقا، وتحت ضغط من المشرعين وجماعات المناصرة، أن المهاجرين الذين يخضعون للاختبار أو العلاج لفيروس كورونا المستجد، لن يُحرموا من التأشيرات أو البطاقات الخضراء بموجب القانون الجديد، فإن الخوف والارتباك منع الناس من الذهاب والحصول على الرعاية الطبية التى يحتاجون إليها، وفى خضم الجائحة، وحسب رأى خبراء الصحة والقانون، فإن مثل تلك السياسات قد غذت كارثة صحية عامة.

خلال شهرى مايو ويونيو الماضيين، لم يكن المهاجرون غير المسجلين، مؤهلين للحصول على شيكات تحفيزية من الحكومة الفيدرالية، إذ سرعان ما جف صندوق قيمته 125 مليون دولار والذى كان مخصصاً لإعطاء منحة نقدية لمرة واحدة بقيمة 500 دولار، عرضت للعمال دون وضع قانوني، كما كان اعتراض جافين نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا، على مشروع قانون كان من شأنه أن يوفر للمهاجرين ذوى الدخل المنخفض 600 دولار لشراء البقالة، أثرا سيئا على وضعهم الاقتصادى المتردى أصلا. وفى حين لا توجد بيانات شاملة حول عدد المهاجرين الذين قرروا العودة إلى بلدانهم الأصلية، لكن أحد التحليلات الأخيرة لبيانات التعداد السكانى فى الولايات المتحدة من قبل باحثين، قدرت أن إجمالى السكان المهاجرين، بما فى ذلك المواطنون المتجنسون والمهاجرون الموثقون وغير المسجلين فى الولايات المتحدة، قد انخفض بنسبة 2.6% فى عام 2020، وهو أكبر انخفاض حدث منذ عقدين، وأنه فى ولاية كاليفورنيا، انخفض عدد المهاجرين بأكثر من 6%، أى من نحو 10.3 مليون شخص فى أوائل عام 2020، إلى 9.7 مليون شخص حتى الآن. وحول هذا الموضوع، يوضح علماء الديموجرافيا أن قيود السفر فى حقبة الوباء والعوائق التى حالت دون الهجرة القانونية والترحيلات، فضلا عن الظروف الاقتصادية السيئة والافتقار إلى الوصول إلى برامج شبكات الأمان للمهاجرين العاطلين عن العمل، يمكن أن يفسر هذه الأرقام، حيث أكد إدوارد فلوريس، أستاذ علم الاجتماع فى جامعة كاليفورنيا، أن السابقة الوحيدة لهذا النوع من الانخفاض فى عدد المهاجرين كانت وقت الركود العظيم فى عام 2009، حيث انخفض عدد المهاجرين بنسبة 1.6% قبل أن ينتعش مرة أخري. أما روبين جى رومباوت، عالم الاجتماع فى جامعة كاليفورنيا أكد أنه على مدى تاريخ الولايات المتحدة، كانت هناك «فترات من الإدماج وفترات من الإقصاء» ويرى أن الإدارة القادمة للرئيس الأمريكى الجديد، ستجيد إدراك ذلك الأمر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: