Close ad

أنصفهن القضاء وخذلتهن النزعة الذكورية.. نساء الجيش الهندى وضياع «الأمان الوظيفى»

5-1-2021 | 11:15
أنصفهن القضاء وخذلتهن النزعة الذكورية نساء الجيش الهندى وضياع «الأمان الوظيفى نساء الجيش الهندى
هديـر الزهار
الأهرام اليومي نقلاً عن

«بعد 13 عاما من العمل فى قسم الاتصالات بالجيش الهندى تم الاستغناء عنى .. واليوم أنا عاطلة!!».. هكذا بدأت «نيدهاى راؤو»، إحدى الضابطات السابقات فى الجيش الهندي، مشيرة إلى أنها تبحث عن عمل عبر الانترنت وتقول راؤو «بعد خدمة المؤسسة أكثر من عقد من الزمان، يطلبون منا أن نذهب ونستأنف حياتنا المهنية، ففى هذا التوقيت الصعب، وما ألحقه الفيروس من اضرار بجميع المجالات.. من سيوظفنا؟! وأين سنذهب؟!».. وتلك ليست مأساة راؤو وحدها بل العشرات من نساء الجيش الهندي، اللواتى يعانين أوجه التمييز المتعددة كحصرهن فى وظائف محددة وحرمانهن من الترقيات والحصول على معاشات تقاعدية، وهو ما استدعى دخولهن فى معارك قضائية من أجل المطالبة بالمساواة فى المعاملة.

موضوعات مقترحة

وأشار تقرير نشرته صحيفة «ذا جارديان» البريطانية إلى أنه فى البداية كان يتم التعاقد مع الضابطات 5 سنوات، ثم يمكن بعدها تمديد عقودهن خمس سنوات أخري، وذلك على عكس ما يُتبع مع الرجال، الذين يتم تحرير عقود عمل دائمة لهم، وما تشتمل عليه من امتيازات ورتب.

وفى وقت لاحق، تم تغيير فترة التعاقد الأولية مع الضابطات لتبدأ بـ 10 سنوات، ثم يمكن تمديدها أربع سنوات آخرى كحد أقصي، وربما يتم الاستغناء عنهن. ولم تقتصر الأزمة لديهن على الشعور الدائم بعدم الأمان الوظيفى بل إن التمييز وصل أيضا إلى المعاشات التقاعدية، فلا يُسمح لهن بأن تصل مدة خدمتهن للمدة الخاضعة للمعاش التقاعدي، وهى 20 عاما، بل يتم تجنيدهن من خلال لجان الخدمة القصيرة، التى لا تسمح لهن بالخدمة إلا لمدة 10 إلى 14 عاما، كما يتم استبعادهن من نيل الرتب العليا.

لذا ففى محاولة للتمرد على أوضاعهن والحصول على حقوقهن، قامت مجموعة من الضابطات برفع قضيتهن أمام المحكمة العليا فى عام 2010، وقد صدر بالفعل حكم يفيد بمساواتهن مع الرجال إلا أن الحكومة الهندية طعنت على الحكم ورفضت تنفيذه بحجة أن الضابطات لسن مؤهلات جسديا ونفسيا لتقلد مناصب دائمة فى القوات المسلحة، كما صرحت بأن الضابطات لديهن مسئوليات أخري، مثل الحمل والأمومة والالتزامات المنزلية تجاه أطفالهن وعائلاتهن وهى ما قد يعوق عملهن.

وبعد معركة قانونية استمرت نحو عقد من الزمان، قضت المحكمة فى فبراير الماضى بأن حجج الحكومة استندت إلى قوالب نمطية تمييزية بين الجنسين، فرفضت التماسها وأقرت بمنح المرأة الأحقية فى الحصول على نفس الترقيات والمرتبات والمزايا والمعاشات التقاعدية مثل نظرائهن من الرجال إلا أن الحكم لم يسمح لهن بالخدمة فى الوحدات القتالية بالجيش، كسلاح المشاة أو سلاح المدفعية.

ورغم قرار المحكمة فإنه فى نوفمبر الماضي، أعلن الجيش تعيين مجلس خاص لتقييم الضابطات - اللواتى تقدمن بطلب تحويل عقودهن لدائمة - على أساس الجدارة، ومن أصل 615 ضابطة تم اختيار 422، ثم تقلص عددهن بعد الفحص الطبى إلى 277، ولم تكن منهن الضابطة نيدهاى راؤو - التى أشرت إليها فى المقدمة - والتى تعلق بأن هناك 68 امرأة سيغادرن دون معاش تقاعدي، والأدهى أن معظمهن تجاوزت أعمارهن منتصف الثلاثين ومتزوجات ولديهن أطفال يعلنهم ماديا.

من جانبه أشار براكاش باتيل، وهو من قدامى المحاربين فى الجيش، إلى أن النساء يخضعن لنفس التدريبات العسكرية التى يخضع لها الرجال، لكن يتم تفضيل الضباط الذكور فى الأدوار الدائمة وتوفر لهم فرص التقدم الوظيفي، كما يتم ترشيحهم للاشتراك فى دورات تقنية متقدمة لكن النساء لا يحصلن عليها مما يقلل من فرصهن فى العودة إلى سوق العمل.

ويقول باتيل: «عندما تم تجنيد النساء لأول مرة فى الجيش عام 1992، احتفت بهن الصحف، وتم نشر حوارات أجريت مع المنضمات حديثا للجيش آنذاك وقارنوهن بالمحاربات فى الماضي، لكن هذا أثار استعداء كثيرين داخل الجيش، الذين ببساطة لم يتقبلوا فكرة وصول النساء ومنافستهم، ومن ثم ففى كل مرحلة أجبرت النساء على إثبات انفسهن».

يذكر أنه فى سبتمبر الماضي، كتب باتيل إلى رئيس الهند، رام ناث كوفنيد، ليطلب من السلطات منح العمل الدائم أو المعاش التقاعدى للـ 68 امرأة أو مساعدتهن فى الحصول على درجة علمية متقدمة، لكنه للأسف لم يتلق أى رد.

وتعتقد الضابطات أنه أسلوب متعمد يُتبع لإبعادهن عن الجيش، فهناك نحو 1500 سيدة فقط يعملن فى الجيش الهندي، اى أقل من 4 % من إجمال القوى العاملة به، كما أنهن لا يزلن ممنوعات من الأدوار القتالية، فتقول ضابطة أخري، تدعى «إنجالى سينها»: «عندما كنت حاملا طلبوا منى الركض 5 كيلومترات وفعلت، وبعدما وضعت عدت للعمل بعد أسبوع واحد فقط، وبعد 11 عاما من الخدمة كنت خلالها لائقة وذات جدارة إلا أننى بين ليلة وضحاها تحولت لغير لائقة بعدما طالبت بحقى فى عقد دائم»،

وأضافت سينها: «لقد تم طرد معظم الضابطات الجديرات فى مجموعتنا .. فمعظمهن ليس لديهن أى قضايا تأديبية بل من بينهن البارعات فى الرماية وركوب الدراجات ومتسلقات دوليات مثلن الهند فى البطولات والمحافل الدولية».. وتختتم سينها كلماتها متسائلة: «ما سبب هذا التهميش والاضطهاد المتعمد ؟! ألهذه الدرجة يخشى الرجال أن نتفوق عليهم ونعتلى المناصب القيادية فى المستقبل؟!».

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة