شهدت الأيام القليلة الماضية، توحد الحكومة المركزية العراقية، وحكومة إقليم كردستان، على موقف واحد مؤيد لقرار البرلمان الصادر الأسبوع المنصرم بضرورة خروج القوات الأجنبية المتواجدة على أراضي البلاد، وذلك بعد التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، واتخاذ كل من الدولتين الأراضي العراقية مكانًا لتصفية الحسابات بينهما، بداية من الاستهداف الأمريكي لموكب الجنرال قاسم سليماني نهاية بالرد الإيراني بقصف قاعدتي عين الأسد وأربيل اللتان تضمان قوات أمريكية.
موضوعات مقترحة
بالأمس عقد عادل عبد المهدى رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال بالعراق؛ اجتماعًا مع قادة إقليم كردستان ودارت مباحثات ثنائية في عاصمة الإقليم أربيل؛ أسفرت عن الإجماع على رفض التدخلات الخارجية في العراق وسعى قوى إقليمية إلى تحويله لساحة صراع مسلح، مشددين على ضرورة احترام كافة القوى سيادة أراضيه ومؤسساته.
واستقبل الزعيم الكردى مسعود بارزاني؛ الدكتور عادل عبد المهدي الذي وصل إلى أربيل في زيارة رسمية هي الأولى منذ توليه منصبه أواخر العام 2018، لمناقشة آخر التطورات في العراق والمنطقة والعلاقات بين بغداد وأربيل.
كما استقبل رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، رئيس وزراء العراق، وأكدا خلال اللقاء على أن قوة العراق هي قوة لجميع مناطقه وأبنائه، بما فيهم الإقليم، وأن قوة الإقليم هي قوة للعراق كله، مشددين على استمرار التشاور بين الحكومة الاتحادية والإقليم حول سبل حفظ مصالح ومستقبل العراق وسيادته والتصدي لعصابة داعش الإرهابية، والتعاون في جميع المجالات لتجاوز الصعاب والتحديات الداخلية والخارجية المشتركة تحت سقف الدستور .
واستعرض رئيس مجلس الوزراء سياسة الحكومة الثابتة في إقامة أفضل العلاقات مع الجميع، وتطورات الأحداث في العراق وموقف الحكومة من الصراع الذي تشهده المنطقة ومخاطره على الأمن والاستقرار، وقرار الحكومة والبرلمان بانسحاب القوات الأجنبية من العراق ورؤية الحكومة لاستمرار العلاقات مع الجميع بما يحفظ وحدة واستقرار وسيادة العراق والوقوف ضد الإرهاب.
ورحب رئيس إقليم كردستان برئيس مجلس الوزراء العراقي، وتم التباحث حول الجوانب الأمنية ومواجهة بقايا داعش؛ وحل القضايا الاقتصادية والمالية وتطورات الأزمة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الامريكية وآثارها على العراق.
وقال رئيس مجلس الوزراء "بدأنا منذ تشكيل هذه الحكومة بوضع أسس صحيحة لحل المشاكل العالقة ومن الطبيعي أن نعمل بشكل مستمر على بحث التفاصيل وإزالة كل العقبات، ونعتقد أن جميعها قابلة للحل لصالح العراق والطرفين معا في جميع الجوانب المتعلقة بالأمن ومواجهة داعش وبالحدود والمنافذ وغيرها وفقًا للدستور".
واستعرض رئيس مجلس الوزراء التطورات التي شهدها العراق في علاقاته الخارجية والاتفاقات التي عقدها لتحقيق النهوض الاقتصادي، إلى جانب الحديث عن آخر التطورات التي تشهدها بغداد وعدد من المحافظات، موضحًا أن الحكومة واجهت الأزمة الإقليمية والدولية الحالية وتحملت مسؤولياتها رغم كل الصعوبات والتعقيدات، وتابع قائلا: "نحن حريصون على البلاد واتخاذ القرارات اللازمة بعيدا عن الخطابات المتشنجة ونكون واضحين ونمسك الأمور بثقة متبادلة مع جميع أبناء شعبنا ومع جيراننا وأصدقائنا"، وأضاف: "هناك أساس جيدة للتفاهم وحل المشاكل؛ وثمة فرصة تصب في مصلحة العراقيين جميعاً".
فيما شدد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، على ضرورة حسم جميع المشاكل العالقة مع الحكومة الاتحادية عبر تطبيق الاتفاقات المبرمة بين الجانبين ، وقال إن "تنفيذ ذلك يحتاج إلى قرار وإرادة حازمة وجدية ليتم البت في جميع القضايا الخلافية"، وتابع؛ أن "تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً جدياً على العراق"، داعياً إلى "زيادة التنسيق بين الجانبين بمساعدة التحالف الدولي".
وقال مسئول مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقاهرة شيركو حبيب؛ إن حكومة عادل عبد المهدي، واجهت ظروفا غير عادية منذ توليه منصبه، لكن إصرار قوى بعينها على تغييب الدستور وراء التظاهرات المطلبية ضدها، والتي تطورت بعدها الأحداث في العراق كافة لتصل إلى هذا المشهد الذي نرفض جميعا معه تحويل البلد لساحة صراع بين القوى الدولية والإقليمية.
وتابع حبيب قائلا: "حكومة الإقليم تحتفظ برؤية متوازنة تجاه علاقات مع كافة المحبين للعراق والشعب الكردي؛ ودفعنا من الدماء ما يكفى لإنقاذ العراق والمنطقة من خطر داعش؛ الذي لا نتمنى عودته ونرحب بكل تعاون حقيقي معنا للقضاء على جيوبه".
واختتم حبيب: "على كافة القوى العراقية تحمل مسئولياتها تجاه حماية أمن وسيادة الوطن بمختلف مكوناته، ولا تزال قضايانا الداخلية محل نقاش بين بغداد وأربيل؛ لكن نتوقع تطورها للأفضل بعد زيارة عبد المهدي".
التحركات العراقية وضعت الإدارة الأمريكية في الصورة، حيث تلقى عبد المهدي اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تناول التطورات الأخيرة ورغبة مختلف الأطراف بمنع التصعيد والذهاب إلى حرب مفتوحة.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن العراق رفض ويرفض كافة العمليات التي تنتهك سيادته، بما في ذلك العملية الأخيرة التي استهدفت عين الأسد وأربيل، وأن العراق يبذل جهودا حثيثة ويتصل بكافة الأطراف لمنع تحوله إلى ساحة حرب، كما طلب من وزير الخارجية الأمريكي إرسال مندوبين إلى العراق لوضع آليات تطبيق قرار مجلس النواب بالانسحاب الآمن للقوات من العراق، وإن العراق حريص على العلاقات الجيدة بجيرانه وأصدقائه في المجتمع الدولي وعلى حماية الممثليات والمصالح الأجنبية، وكل المتواجدين على الأراضي العراقية وأن أولوياته تنحصر بمحاربة الإرهاب وداعش والعنف من جهة ، وإعمار العراق وتحقيق النمو الاقتصادي وحماية سيادة البلد واستقلاله والوحدة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار للعراق والمنطقة من جهة أخرى.
وفي بيان رسمي صادر عن مكتبه، أشار عبد المهدي إلى أن هناك قوات أمريكية تدخل للعراق ومسيّرات أمريكية تحلق في سمائه بدون إذن من الحكومة العراقية، وان هذا مخالف للاتفاقات النافذة، ووعد الوزير الأمريكي بمتابعة الأمر وأكد احترام بلاده لسيادة العراق.