Close ad

منهج دراسي مزور في الأراضي الفلسطينية المحتلة يهدد هوية القدس

9-12-2018 | 16:03
منهج دراسي مزور في الأراضي الفلسطينية المحتلة يهدد هوية القدس القدس

يختلف التعليم في القدس عن أي مكان آخر في العالم، فهي مدينة مقسمة إداريا وجغرافيا، ويحيط بها جدار عازل وحواجز عسكرية، وفي أحيائها تدور واحدة من أشرس المعارك الثقافية، وكفاح مرير على الهوية في مجال التعليم والثقافة.

موضوعات مقترحة

ونشرت "وفا" وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد، أن الطالب في الصف العاشر محمد سعيد ينطلق من حي كفر عقب شمالا، منذ الساعة السادسة والنصف صباحا باتجاه حاجز قلنديا الذي يفصل الحي عن مدينة القدس المحتلة، ويصطف مع آلاف العمال والمارة الذين يعبرون الحاجز بعد إجراءات تفتيش إسرائيلية دقيقة.

ويتوجب على محمد يوميا فتح حقائبه المدرسية للتفتيش، وكذلك المرور في بوابات خاصة بالتفتيش الجسدي قبل الوصول إلى مدرسته في حي بيت حنينا المجاور، ويشتكي محمد الذي يبلغ من العمر 15 عاما، من صعوبة التنقل إلى مدرسته ذهابا وإيابا، ولا يخفي غضبه من هذا الواقع الصعب، ونيته ترك الدراسة والذهاب للعمل في "إسرائيل"، بعد حصوله على بطاقة الهوية المقدسية.

وتشير إحصاءات فلسطينية إلى أن نحو 20% من طلبة محافظة القدس يضطرون للعبور يوميا عبر جدار الفصل العنصري، ما يزيد من معاناتهم، ويتحول تدريجيا إلى أحد أبرز أسباب التسرب من المدارس.

وتبين الإحصائيات أن 40% من الطلبة لا ينهون تعليمهم الثانوي، ويلتحقون في سوق العمل الإسرائيلية بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.

وأكدت مدير عام وحدة شئون القدس في وزارة التربية والتعليم العالي ديمة السمان، أن التعليم في القدس مستهدف منذ العام 1967، وفي كل عام يلجأ الاحتلال إلى أسلوب جديد للسيطرة على التعليم في المدينة المحتلة.

وقالت "ما يجري هو استهداف لعقول الطلبة ووعيهم، ومحاولات لتجريدهم من هويتهم المقدسية، واستبدال بها مفاهيم غير وطنية تتعارض مع القيم الوطنية والعربية والإسلامية وتخدم أهداف الاحتلال.

وأوضحت السمان أن ما يجري مدروس وممنهج ويهدف إلى فرض منهج دراسي المزور والمحرّف على المدارس التابعة للاحتلال إداريا وماليا، ويدرس فيها مع مدارس "المقاولات" 54% من طلبة القدس، فيما تشكّل المدارس الخاصة 32% وتتعرض للابتزاز لفرض المناهج المحرفة والمزورة عليها.

وقالت "نطبع عددا كافيا من الكتب، ونقوم بإدخالها لطلبتنا ويجري توزيعها على أولياء الامور من أجل تدريسها للطلبة في المنازل".

في المقابل، أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن كل من ينهي الثانوية العامة الفلسطينية من البلدة القديمة في القدس، يحصل على منح كاملة في الجامعات الفلسطينية.

وشغل صبري صيدم هو وزير التربية والتعليم الفلسطيني، شغل المنصب في 30 يونيو 2015، بعد التعديل الوزاري في حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني.

وفي سياق متصل، قال رئيس اتحاد مجالس أولياء أمور الطلبة في القدس زياد شمالي، إن الاحتلال يستهدف عقول الطلبة في الصفوف الدنيا والعليا، من خلال استهداف المناهج، وأسرلة التعليم وتغيير المناهج وفرض المنهج الإسرائيلي، يتأثر الطلبة بهذه الرواية، ويقعون في صراع بين الانتماء والجذور من جهة، وبين ما حصلوا عليه في المؤسسات التعليمية، من جهة أخرى.

وأوضح أن هذه الخطوات تستهدف انتزاع الانتماء من عقول الطلبة، وبث معلومات مغلوطة ومشوّهة عن القدس وعن الرواية التاريخية الفلسطينية.

وتستهدف سلطات الاحتلال المؤسسات التعليمية والتربوية، بتضييق الخناق عليها، ومحاولة أسرلة المنهج الفلسطيني في مدارس القدس لتشويه الوعي لدى الطلبة.

وقال مدير التربية والتعليم في القدس سمير جبريل "ضمن ممارسات التضييق على المؤسسات التعليمية والتربوية، تقوم بلدية الاحتلال بفرض ضريبة الأملاك (الأرنونا) على المدارس التابعة لدولة فلسطين بمبالغ خيالية، حيث تراكمت على هذه المدارس ديون تصل إلى أكثر من 150 مليون شيقل (أكثر من 40 مليون دولار).

وطبقا لإحصائية أعدتها مديرية التربية والتعليم في القدس، هناك 46 مدرسة تابعة لمديرية التربية والتعليم الفلسطينية، وعدد طلبتها 12 ألفا و420.

كما تشير الإحصائية، إلى وجود 79 مدرسة خاصة، عدد طلبتها 28 ألفا، في حين توجد 7 مدارس تابعة للأونروا، يدرس فيها ألف و541 طالبا.

في المقابل، توجد في مدينة القدس 52 مدرسة تابعة لبلدية الاحتلال، يزيد عدد طلبتها عن 41 ألفا، فضلا عن وجود 19 مدرسة مقاولات، التي تنشأ على أساس تجاري بحت بدعم من جهات إسرائيلية حكومية.

ولم تسلم المؤسسات الثقافية والأهلية والدينية في القدس من استهداف الاحتلال أيضًا، وفي هذا السياق يرى الكاتب تحسين يقين أن محاربة الاحتلال للثقافة بالقدس، لا يبعد كثيرًا عن سياسة الترحيل.

وتشير دراسة نشرتها الباحثة شيماء منير، حول المؤسسات المقدسية، إلى أن إسرائيل تعاملت مع الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية باعتباره عائقًا أمام مخططات توحيد القدس؛ فعملت على ضرب هوية الوجود المقدسي، وربط المقدسيين بشكل كامل بمنظومة إسرائيل الاقتصادية والمعيشية والحياتية.

وفي هذا الإطار، تم استهداف العمل المؤسسي والمدني والاجتماعي الفلسطيني من أجل بسط سلطة الاحتلال على القدس، وتغيير الهوية العربية والإسلامية للمدينة، واستبدالها بهوية يهودية من الناحيتين التاريخية والدينية.

وبين ممثل منظمة التعاون الإسلامي لدى فلسطين المحامي أحمد الرويضي، أن الاحتلال يعمل على عدة محاور، أولها تغيير الوجه الحضاري الإسلامي لمدينة القدس والحالة الثقافية كمدينة عربية إسلامية، وخلق إرث يهودي مصطنع، وهنا يستهدف الاحتلال إنهاء الارتباط الثقافي التاريخي للقدس بالإسلام والعروبة.

وأشار إلى محاصرة النشاطات الثقافية في القدس، حيث منع الاحتلال إطلاق فعالية القدس عاصمة الثقافة العربية في العام 2009، كما منع الحفل الختامي.

ودعا إلى الحفاظ على التاريخ الفلسطيني بالاعتماد على المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم، بدعم المؤسسات الثقافية وإصدار كتيبات ونشرات تشرح الرواية الثقافية للقدس، وإبراز القدس في السينما العربية وفي العقل العربي والعالمي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: