لا تزال أزمة قانون التقاعد المبكر، في الكويت، في تصاعد مستمر، وسط إصرار كل من الحكومة الكويتية من جانب، ومجلس الأمة من جانب آخر على موقفهما، وسط تكهنات بصدور قرار أميري يحسم الجدل في الأمر، قد يصل إلى حل البرلمان أو إقناع الحكومة بالرضوخ لرغباته، لاسيما بعد اكتساب مرزوق الغانم رئيس المجلس، شعبية على المستوىين العربي والدولي مؤخرًا، بسبب قراره الجريء والمشرف، بطرد وفد يمثل دولة الاحتلال الإسرائيلي، من قاعة اجتماعات المؤتمر الـ137 للاتحاد البرلماني الدولي، الذي انعقد سبتمبر الماضي بمدينة سانت بطرسبورج الروسية.
موضوعات مقترحة
ويتمثل قانون التقاعد المبكر الجديد، في تخفيض السن المقررة لاستحقاق المعاش التقاعدي، ويدور جدل مجتمعي حوله، تدخلت فيه أطراف سياسية ورسمية كويتية لحل الخلاف القائم بين الطرفين حول القانون الذي يمس حياة شريحة كبيرة في المجتمع الكويتي.
وتضاربت الآراء حول قرار موحد بخصوص أزمة القانون على ما ورد بالمادة الرابعة، والتي تقضي بسحب حق السلطة التنفيذية في استخدام التقاعد القسري أو الإجباري لمن استوفوا شروط التقاعد، حيث إن هذه المادة "وحدها كفيلة برفض الحكومة للقانون وتشددها في طلب التعديل، بخلاف إسقاط تعديلها القاضي بإضافة نسبة 1% على استقطاع المؤمّن عليهم، على أن تتحمل هي نسبة مماثلة، بعد أن كانت تستهدف إضافة 2%".
وكان تقرير اللجنة أكد رفض مقترح الحكومة زيادة الاشتراكات التي يؤديها المؤمَّن عليهم على التأمين الأساسي بواقع 1 في المئة لتصبح 6 في المئة بدلا من 5 في المئة، وذلك لمواجهة العجز في صندوق التأمين الأساسي الذي سيترتب على المزايا المقررة بموجب التعديل المقترح.
تحفظات النواب من موقف الحكومة
وفي تطور جديد ينذر بمواجهة بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة بهدف بناء موقف نيابي موحد ورافض لإقرار الميزانية العامة للدولة لتسجيل اعتراضهم لعدم تعاون الحكومة على قانون تخفيض سن التقاعد.
ووسط تحفظات للنواب من موقف الحكومة الرافض لقانون التقاعد المبكر الذي أقره المجلس منتصف مايو الماضي ولا يزال مصيره معلقا وسط توقعات متزايدة بأن يرد إلى المجلس.
وكان النائب أسامة الشاهين، عضو مجلس الأمة الكويتي، قال في تصريحات صحفية، إن التأخر في إحالة القانون إلى مجلس الأمة خطأ جسيم، معتبراً أن الخطأ هو ما يتردد عن نية الحكومة رد هذا القانون، مشيرا إلى أن دستور 1962 أعطى الحق للحكومة رد القوانين بعد مداولتها الثانية، مطالباً بعدم التعسف في استخدام الحقوق.
وتوقع النائب علي الدقباسي أن ترد الحكومة قانون التقاعد المبكر خلال العطلة الصيفية، معتبرا أن ذلك بادرة غير طيبة لمستقبل التعاون بين السلطتين، متعهدًا، متابعة القانون والعمل على إقراره بالأغلبية العادية في دور الانعقاد المقبل.
الضغط الشعبي
فيما دشن رواد موقع التدوينات المصغرة "تويتر" بالكويت، هاشتاج "خفض سن التقاعد مطلب شعبي"، للضغط على الحكومة للعدول عن موقفها حيال القانون، مشيرا، إلى أن خفض سن التقاعد سيفسح المجال لتشغيل العديد من الشباب، ومنحهم الخبرة الكافية في الحياة العملية.
وكان مجلس الأمة قد وافق في 15 مايو الماضي في جلسة عادية، على تعديلات قانون التأمينات الاجتماعية، بشأن خفض سن التقاعد بموافقة 43 عضوا ورفض 16 من إجمالي الحضور وعددهم 59 عضوا، وأحاله إلى الحكومة، حيث سبق ذلك رفض المجلس تعديلا حكوميا بشأن زيادة نسبة الاستقطاع للتأمينات برفض 29 عضوا وموافقة 17 عضوا من إجمالي الحضور وعددهم 17.
تضارب آراء الخبراء
في الوقت نفسه، أبرزت جريدة السياسة الكويتية أراء قطاع كبير من الاقتصاديين حول تبعات القانون، حيث يرى البعض أن القانون سيحقق وفراً للدولة لأنها ستدفع معاشًا مؤقتًا أقل من الراتب الذي يتقاضاه الفرد، بسبب الخصم وانخفاض سنوات الخدمة للعديد من الذين يتقاعدون باختيارهم، وفي الوقت ذاته لن تسبب خسائر للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولن تكون هناك حاجة لزيادة الاشتراكات أو تخفيض المزايا، كما أن القانون سيعمل على خفض معدلات البطالة من خلال تعيين الشباب محل المتقاعدين وهو ما يسمح بدخول دماء جديدة الى قطاع العمل ما يعزز من الطاقة الإنتاجية فى الاقتصاد الوطني.
من ناحية أخرى، يرى قطاع مضاد، أن الآثار السلبية للتقاعد المبكر تمتد لتشمل القوى العاملة والتركيبة السكانية، بما يترتب عليه تعطيل الطاقات المنتجة وفقدان الدولة مبكرا للكفاءات المؤهلة، حيث تزداد هذه الآثار السلبية بالمجالات التي تعاني الدولة فيها نقصا بالأيدي الوطنية العاملة، ما يضطرها لتعويضها بغير المواطنين ما يتعارض مع الخطط التنموية، وسياسة الإحلال وتعديل التركيبة السكانية، ويفوت فرصة الاستفادة مما أنفقته الدولة على تدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية للقيام بدورها بالتنمية والبناء، وقتل الخبرات ولن يحل مشكلة البطالة.