Close ad

مفتي الجمهورية يحسم الجدل حول "تجديد الخطاب الديني" ويعتبر مروجي الشائعات والإرهاب عملة واحدة | حوار

10-10-2019 | 11:31
مفتي الجمهورية يحسم الجدل حول تجديد الخطاب الديني ويعتبر مروجي الشائعات والإرهاب عملة واحدة | حوارالدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية
حوار: شيماء عبد الهادي

بحالة من الهدوء وابتسامة لا تفارق وجهه يستقبل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، القضايا الشائكة والجدلية وحتى الانتقادات مهما بلغت حدتها التي قد تتعرض لها دار الإفتاء المصرية كواحدة من أهم المؤسسات الدينية.. يفندها ويجيب عليها.

وفي الوقت الذي قفزت فيه دار الإفتاء من الدور النمطي في إيضاح الأمور الدينية والشرعية إلى تفنيد وتحليل فكر الإرهاب الأمر الذي ألقي عليه مزيدا من الأعباء الداخلية والخارجية، يجد مفتي الجمهورية، دائما وقتا لمتابعة كل ما يكتب عن الشأن الديني وبخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" والتي يجد أن ترويج الشائعات من خلالها خطرا محدقا بالأوطان ولا يقل أهمية عن خطر الإرهاب المسلح.


الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية

وفي حواره مع "بوابة الأهرام" يجيب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، عن السؤال الصعب حول اعتبار الإرهاب مرادفا لقصور دور المؤسسات الدينية، كما يحسم الجدل حول مفهوم مصطلح تجديد الخطاب الديني وغيرها من القضايا الهامة.


في البداية سألناه عن المؤتمر السنوي لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والذي يعقد منتصف الأسبوع القادم تحت مظلة دار الإفتاء وما أعد له؟.


فقال : نعمل على قدم وساق ونضع اللمسات الأخيرة لخروج مؤتمرنا العالمي الخامس بشكل مشرف وبناء منتصف هذا الشهر، حيث يتابع فريق عمل المؤتمر تنفيذ الأهداف المرجوة منه من خلال التحضير لموضوعات المؤتمر وورش العمل والأوراق البحثية المقدمة، وكذلك التواصل مع المشاركين من أعضاء الأمانة العامة، ومن المنتظر أن يأتي مؤتمر هذا العام ليمثل لؤلؤة تالية في العقد الناظم الذي يسعى نحو الأهداف السابقة، فيعالج قضية إفتائية كبرى في طريق الاستقرار والتنمية والمشاركة الإنسانية الفاعلة.

وسيكون على رأس أجندة مؤتمر "إدارة الخلاف الفقهى" عدد من الأهداف والمحاور وورش العمل والمبادرات التي نسعى لخلق إطار عام يمهد الإتيان بثمار الفكرة والطرح، كما نسعى إلى إبراز الريادة المصرية وتجربتها في العيش المشترك والتسامح الفقهي، إضافة إلى تجديد النظر إلى الخلاف الفقهي ليكون بداية حل للمشكلات المعاصرة بدلًا من أن يكون جزءًا منها، وتحديد الأصول الحضارية والاتجاهات المعاصرة للتعامل مع مسائل الخلاف وقضاياه، فضلا عن تنشيط التعارف بين العاملين في المجال الإفتائي على اختلاف مذاهبهم، والخروج بمبادرات إفتائية رسمية تدعم الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي.

إلى جانب إعلان وثيقة: "التسامح الفقهي والإفتائي"، وكذلك الإعلان عن تحديد يوم عالمي للإفتاء، وتدشين جائزة باسم الإمام القرافي للتميز الإفتائي، وكذلك طرح عدد من الإصدارات الإفتائية الهامة، فضلا عن الإعلان عن مشروع إنشاء "وحدة للاستشارات الإدارية للمؤسسات الإفتائية"، وإعلان آلية لإفادة مؤسسات المجتمع المدني للاستثمار من الخلاف الفقهي في مجال حقوق الإنسان وكافة المجالات الاجتماعية والإنسانية، وكذلك تطوير طائفة من الأفكار التي تتبنى إنشاء برامج إعلامية ونشاطات اجتماعية يتشارك فيها علماء المذاهب المختلفة تكون مرشدة لأتباع هذه المذاهب وداعمة للتسامح.

الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية

- المتابع لما يحدث علي المستوي الداخلي والخارجي يعلم أن للمؤسسات الدينية دورًا كبيرًا في الدفاع عن الدين والأوطان ضد الإرهاب الغاشم، فما هي آليات دار الإفتاء للقيام بهذا الدور؟!

تسعى دار الإفتاء إلى بناء استراتيجية وطنية للتواصل مع العالم الخارجي وهي جزء من خطة دار الإفتاء للتواصل مع العالم، تستهدف تعزيز الصورة الذهنية للإسلام وتعزيز قوة مصر الدينية الناعمة بين الأمم والشعوب، وقد دأبت دار الإفتاء المصرية على التواصل مع المسلمين كافة في الداخل والخارج، ولا تهدأ جولاتنا الخارجية للتواصل مع العالم وتصحيح صورة الإسلام وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في الخارج من منطلق دور الدار في الدفاع عن الدين وإظهار الحقائق أمام الرأي العام في الخارج في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجمات.

فضلا عن تسيير عدد من الجولات الخارجية للتواصل مع الأقليات الإسلامية في الخارج التي لها قضاياها الدينية تريد الإجابة عنها، من واقع الدور المنوط للدار في هذا الشأن، وكذلك لتقديم الدعم العلمي و الشرعي للمسلمين في مختلف الدول، هذا إلى جانب مجموعة لقاءات بعدد من زعماء العالم وقادة الرأي والفكر وصناع القرار حرصا من جانبنا على مد جسور التواصل مع أصحاب الثقافات والحضارات المختلفة، ولا شك أن للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، دورا كبيرا في تنفيذ هذا التواصل الذي يأتي جنبا إلى جنب مع التواصل بمراكز الأبحاث حول العالم، ووسائل الإعلام العالمية، واستثمار المراكز الثقافية والإسلامية، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية في مجال الحوار والمشاركة الإنسانية والاستفادة من الدبلوماسية الشعبية لدعم قوة مصر الناعمة، ويأتي ذلك بالتنسيق مع المؤسسات الدينية المصرية، ووزارة الخارجية، واللجنة الدينية بمجلس النواب، ومجموعة من مؤسسات المجتمع المدني.

بالإضافة إلى وسائل الإعلام المختلفة والصحف، وتتضمن استراتيجيتنا سياسات تنفيذية، وتحديد القائم بتنفيذ كل دور والمسئول عن المتابعة، والمدى الزمني لتحقيق كل هدف رئيسي، ومؤشرات قياس الأداء.

الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية خلال حواره لبوابة الأهرام

- كيف استطاعت دار الإفتاء القفز من الدور النمطي في إيضاح الأمور الدينية والشرعية إلى تفنيد وتحليل فكر الإرهاب والرد عليه؟!

أدركنا أهمية الدخول إلى العالم الرقمي لمواكبة التطورات الحادثة في الداخل المصرى وكذلك العالم اجمع، فكانت الدار سباقة في اتخاذ مجموعة من التدابير التكنولوجية فدشنا موقعا إلكترونيًا معنيًا بجميع خدمات الدار، وانبثقت عنه مجموعة أخرى من المواقع المتخصصة المعنية بإدارات الدار وأمانتها العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وكذلك اخترقنا مواقع التواصل الاجتماعي ودشنا مجموعة حسابات رسمية بعدة لغات للتواصل مع جميع الفئات والجنسيات.

ونهدف من خلال تواجدنا عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى مواجهة المتطرفين والمتشددين من أعضاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، والتي تعمل بكثافة ولديها القدرة على اختراق مواقع السوشيال ميديا نظرًا لسرعتها في محاولات التجنيد والاستقطاب لعدد من الفئات العمرية التي تتواجد بكثره عبر هذه الوسائل، هذا فضلًا عن امتلاك الدار حسابات أخرى لمراكز دار الإفتاء البحثية والإعلامية والحسابات الأخرى مثل صفحة المركز الإعلامي، ومرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، مرصد الإسلاموفوبيا، وصفحة داعش تحت المجهر باللغة العربية، وكذلك داعش تحت المجهر باللغة الإنجليزية.

هذا بالإضافة إلى تدشين وحدة للرسوم المتحركة "موشن جرافيك" للرد على دعاة الغلو والتطرف بأساليب تقنية تجذب المتابعين لمشاهدتها، حيث تعتمد الوحدة على الوسائط المرئية المتعددة، ونشرها من خلال السوشيال ميديا لعرض الأفكار المغلوطة التي ترددها جماعات الظلام والرد عليها ودحضها بطريقة ميسرة، الأمر الذي يساهم في جذب فئات عمرية مختلفة، ويخلق شكلا تفاعليا إيجابيا لردم الفجوة بين المعاني المراد توصيلها والمتلقي.


- مصطلح تجديد الخطاب الديني، يتردد في مناسبات دينية وسياسية عديدة، فما هي رؤية فضيلتكم لمعناه وماهي آلية تحقيقه؟

قضية تجديد الخطاب الديني، قضية قديمة قدم الرسالة المحمدية بدليل أن الرسول عبر عن هذا المعنى وقال إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل 100 عام من يجدد لها أمر دينها، والتجديد مأمور به شرعًا في كل وقت فعلى الإنسان مراعاة قضايا وتطورات العصر واختلاف الزمان والمكان في بناء بعض الأحكام، ونعني بتجديد الخطاب الديني إيصال الدين لكافة أفراد المجتمع بوسائل عصرية حتى يُفهم الحكم الشرعي فهما صحيحًا لائقا بالشريعة، فجزءًا من الأحكام مستقر وباقٍ لا يتغير بأي من الأحوال لكنه يحتاج للوصول إلى الآخرين بوسائل عصرية، فمن أديبات الفتوى تغيرها بتغير الزمان والمكان والحال والشخص.
وباختصار فإن تجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الـ 4 «الزمان والمكان والأشخاص والأحوال»، بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه، وفي إطار من منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.


- من الأشد خطرًا علي الأوطان، الإرهابي بشكله التقليدي الذي يحمل السلاح أم مروجو الشائعات والمفاهيم المغلوطة؟!

لا شك أن الاثنين يشكلان خطرًا محدقًا على الأوطان، فالتنظيمات الإرهابية تجعل من الدولة الوطنية نقيضًا للدولة الإسلامية وتجعل من الوطن مجرد حفنة تراب، فمثلهم مثل الخوارج وتنطبق عليهم المعايير التي وضعها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في وصفه للخوارج الذين سيخرجون في زمان بعد وفاته تنطبق على كل من يتبني هذه الأفكار، أم مروجو الشائعات فهؤلاء أعداء الوطن يستخدمون سلاحًا خبيثًا للتأثير على الروح المعنوية وزرع بذور الشك، وتعمّد المبالغة أو التهويل والتشويه بقصد التأثير النفسي على الرأي العام لأهداف اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو عسكرية، وتعد أحد أساليب الحرب النفسية.

وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم فى الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل!.

- هل انتشار الإرهاب مرادف لقصور دور المؤسسات الدينية؟

الإرهاب ناتج من أفكار متطرفة لا يجب إلصاقها بقصور في دور المؤسسات الدينية، فهناك مسئولية مجتمعية يجب تعزيزها لتصبح معيارًا مهمًّا ومؤشرًا على تطور المجتمع ونموه وتفعيل دور أبنائه، وهى مهمة يجب أن تقوم بها المؤسسات التثقيفية والتعليمية المسئولة عن تنشئة المجتمع وخاصة فئة الشباب، فجماعات التطرف تسعى لنشر سمومها وفسادها فى الأرض وهو ما يتطلب تضافر جهود الجميع فى المجتمع للقضاء على هذه الظاهرة لتحصين النشء ضد الأفكار المسمومة، ومحاربة الإرهاب واجب وطنى ودينى، ومسئولية تبدأ من الأسرة التى ينشأ فيها الأطفال وتعد المدرسة الأولى التى يتعلم فيها النشء تحمل المسئولية تجاه الوطن والمجتمع.

ودار الإفتاء أخذت على عاتقها أداء هذه المسئولية المهمة، من أجل إرساء المفاهيم التى تزيد من التماسك المجتمعى، وتعزز المسئولية بين كافة أبناء الوطن، واعتمدت فى ذلك على عدة آليات وطرق للوصول إلى أكبر قطاع من الناس، وضمن مجهوداتها عملت على تفكيك الأفكار المتطرفة عبر الفضاء الإلكتروني وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي التى يتابعها ما يزيد عن 7 ملايين ونصف متابع، وكذلك عبر إصدار الكتب ونشر المقالات وإصدار فيديوهات الرسوم المتحركة وغيرها من المجهودات، فضلًا عن التواصل المباشر مع الشباب من خلال مجالس الإفتاء التي تعقدها الدار بشكل دوري في مراكز الشباب على مستوى محافظات الجمهورية بالتعاون مع وزارة الشباب.

كلمات البحث
الأكثر قراءة