Close ad

نائب رئيس "دبي الدولية للقرآن": مصر حاضرة في قلوب العرب وجميع المسلمين.. ولن يحلق الشباب إلا بالعلم والأخلاق

28-10-2018 | 22:35
نائب رئيس دبي الدولية للقرآن مصر حاضرة في قلوب العرب وجميع المسلمين ولن يحلق الشباب إلا بالعلم والأخلاقالدكتور سعيد عبدالله حارب
موسكو- محمد عدلي الحديدي

"مصر حاضرة في قلوب العرب والمسلمين"، جملة أدفأتني في برد روسيا القارس، عندما كان يرددها ومرادفاتها في أكثر من مناسبة، ليس من قبيل المجاملة، وإنما حبًا وكرامة، ولمَ لا وقد قضى – حسب تعبيره – أجمل أيام حياته في قاهرة المعز وبين أروقة الأزهر الذي تخرج فيه من كلية الشريعة والقانون، إنه نبتة طيبة غُرست في الإمارات وأزهرت في مصر، وتفرعت علمًا في كل بلد مكث فيه، ليستقر به المقام متطوعًا في خدمة كتاب الله.

الحديث عن الأستاذ الدكتور سعيد حارب نائب رئيس جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، والذي قابلته "بوابة الأهرام" على هامش مسابقة موسكو الدولية للقرآن الكريم، فسارع إليها بالحب والترحاب، تترجمه السطور التالية..

  • أعطنا نبذة عن الدكتور سعيد حارب العاشق لمصر الأزهر؟

أنا سعيد عبدالله حارب المهيري، حاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية الإسلامية، في البداية درست بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، ضمن الدفعات الأولى من الطلاب الذين أرسلتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، إلى مصر للدراسة بجامعاتها المختلفة.

وكنا مجموعة مميزة عشنا أجمل أيام العمر في قاهرة المعز، والتي كانت ومازالت مهوى قلوب العرب والمسلمين لما لها من مكانة خاصة في نفوسهم، وبخاصة وجود الأزهر الشريف بعلمه وعلمائه ودوره الرائد في العالم الإسلامي، وكل هذا يجعل من القاهرة حاضرة في قلوب المسلمين، والعرب أيضاً لا ينسون دور مصر في التعليم والعلاج وريادة العالم العربي والإسلامي خلال العقود الماضية، وسيظل هذا الدور مستمرًا؛ لأن هذا هو قدرها النابع من مكانتها عبر التاريخ.

  • كيف جاءت فكرة تأسيس جائزة دبي الدولية للقرآن التي أصبحت الآن من كبرى المسابقات القرآنية في العالم؟

جاءت فكرة التأسيس عام ١٩٩٦ بناء على توجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي؛ لإنشاء جائزة لخدمة القرآن الكريم، وتنظم الجائزة مسابقات دولية ومحلية لحفظة القرآن الكريم من شتى أنحاء العالم وفق معايير عادلة ومتميزة، كما تكرم الجائزة القراء، والشخصيات الإسلامية البارزة، والمؤسسات العلمية والدعوية، وتحرص على أن يكون تكريمها الأفضل على مستوى العالم الإسلامي، وفي السنة نفسها شارك في الجائزة ٤٥ دولة، وحظينا وقتها بتكريم عالم الأمة الإمام المجدد الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله، الذي كان الشخصية الإسلامية الأولى التي كرمتها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم.

واستمرت الجائزة على مدى هذه السنوات الطويلة تتطور فأضيف لها أقسام كثيرة كونت مجموعة مسابقات وليس مسابقة واحدة، فلدينا المسابقة الدولية "المسابقة الأم" التي تقام في شهر رمضان من كل عام، ويُكّرم فيها الحفاظ وتُختار الشخصية الإسلامية لهذا العام، وكذلك لدينا مسابقة الشيخة فاطمة بنت مبارك الدولية للقرآن الكريم للفتيات والتي بدأت منذ ثلاث سنوات ويشارك فيها أكثر من٦٠ دولة، وتنظم في شهر نوفمبر من كل عام، ولدينا أيضًا مسابقة تحمل اسم الشيخة هند بنت مكتوم للبنين والبنات؛ وهي مخصصة لمواطني الإمارات والمقيمين داخلها، وكذلك مسابقة أجمل الأصوات.

  • ما أبرز الأمور التي حققتها جائزة دبي، وترونها إنجازًا وأساسًا لإنجازات أخرى تخدم القرآن الكريم؟

عملنا على إبراز مجموعة من قراء الشباب بدخول دورات للقراءات داخل دولة الإمارات وخارجها؛ مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد سجلنا إلى الآن لأربعة قراء بعضهم كان من الفائزين بالمسابقة الدولية، وهناك فائزون آخرون أصبحوا محكَّمين دوليين في المسابقات القرآنية على مستوى العالم، وكذلك لدينا مشروع فريد ورائد، وهو تحفيظ القرآن في السجون والإفراج عمن يحفظ القرآن الكريم.

  • هل هذا يعد دورًا إصلاحيًا لجائزة دبي للقرآن الكريم تجاه المجتمع الإماراتي؟وكيف جاءت الفكرة؟

نعم، فإصلاح المجتمع من صميم أهداف الجائزة، وقد جاءت الفكرة أيضاً بناء على توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والفكرة هي أن من يحفظ القرآن الكريم كاملًا يُفرج عنه مهما كانت العقوبة، ومن يحفظ عشرين جزءًا تُخفَّض من عقوبته عشر سنوات، ومن يحفظ عشرة أجزاء تُخفَّض من عقوبته خمس سنوات، ومن يحفظ خمسة تُخفَّض من عقوبته سنة، وهذه المبادرة استفاد منها مئات الأشخاص، وهناك تجارب مررنا بها أثناء تطبيق الفكرة حيث أسلم بعض المسجونين غير المسلمين ليحفظ القرآن الكريم وتخفف عنه العقوبة، وبالفعل كثير منهم أُفرج عنه وحَسُن إسلامه، وهناك أيضًا بعض النساء بالسجن حفظن القرآن الكريم وخرجن ثم سافرن إلى بلادهن وأنشأن مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، لدرجة أن هناك امرأة غير ناطقة باللغة العربية كتبت القرآن الكريم بحروف لغتها لتستطيع حفظه، وبالفعل نجحت وأُفرج عنها وصَلُح حالها.

ولذلك تعد هذه الفكرة تجربة تربوية ليس الهدف منها حفظ القرآن الكريم فحسب؛ حيث إن السجون التي يوجد بها مراكز لتحفيظ القرآن الكريم يسودها الهدوء والتعامل السليم، لأن الناس تجد ما تنشغل به، وسبحان الله فحافظ القرآن الكريم يكون على خُلق فيتحول من مجرم شرس إلى إنسان وديع محافظ على صلاته والأخلاق الطيبة، وهذه هي رسالة القرآن الكريم.

  • وماذا عن دور الجائزة لنشر ثقافة القرآن الكريم وحفظه؟

على صعيد الحفظ لدينا مسابقة "الحافظ المواطن" وهو برنامج خاص لكبار السن من مواطني الإمارات؛ لأن بعضهم يريد أن يحفظ القرآن الكريم ويدخل المسابقة، ولا تنطبق عليهم شرط السن، وهو ٢٥ عامًا، وعلى الجانب الآخر لدينا وحدة للطبع والنشر طبعت عشرات الكتب وتجاوزنا من خلالها ١٠٠ عنوان، وبعض الكتب تصل لـ١٢ مجلدًا في التفسير وعلوم القرآن والفقه، وكذلك لدينا وحدة للإعجاز العلمي في القرآن الكريم تعقد المؤتمرات عن ذلك بالتعاون مع الهيئة العالمية للقرآن والسُّنة، كان آخرها المؤتمر الثامن، فضلًا عن الأبحاث التي ننشرها في هذا المجال؛ سواء ورقيًا أم إلكترونيًا أم على شبكة الإنترنت؛ للتعريف بهذا الجانب المهم حتى يستفيد منه المسلم وغير المسلم.

وكذلك مصحف الشيخ خليفة من المشروعات التي نعتز بها، فعندما اُختير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات العربية المتحدة - حفظه الله - الشخصية الإسلامية في الدورة الخامسة عشرة للجائزة عام ١٤٣٢هـ، أُعلن عن طباعة المصحف لتوزيع ملايين النسخ منه، والحمد لله قد اكتمل المصحف وسيظهر نوره قريبًا.

وعندنا أيضًا موسم المحاضرات الذي يرافق المسابقة الدولية في شهر رمضان، بحضور العلماء والشيوخ من العالم العربي والإسلامي لإلقاء المحاضرات، وهذا مجمل البرامج التثقيفية التي تقدمها جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم.

  • هل لجائزة دبي دور تجاه السُّنة النبوية، وسيرة نبينا الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم"؟

حقيقةً، تركيزنا الأساس على القرآن الكريم ومجالاته، ولكن لدينا اهتمام آخر بنشر الكتب عن السُّنة النبوية وسيرة الرسول "صلى الله عليه وسلم" وحياته، بالإضافة إلى نشر كتب للأطفال عنه "صلى الله عليه وسلم"؛ حتى يتعرفوا سيرة خاتم الرسل، وكذلك لدينا معرض دائم كامل عن حياة النبي "صلى الله عليه وسلم" منذ ولادته وحتى وفاته، وهذا المعرض مجهز إلكترونيًا فإذا أراد الزائر أن يرى مكان بيت النبي "صلى الله عليه وسلم" أو مسجده، أو بيت أبي بكر أو عمر أو أي من الصحابة رضي الله عنهم، يضغط على زر يظهر له نماذج تجسد له ما يريد، بالإضافة إلى البيانات التي تشرح تفاصيل الأثر، وهذا المعرض يزوره المئات وهو مسجل بدائرة السياحة في دبي كونه من المعالم السياحية، ولعل في المستقبل تخصص جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم فرعًا جديدًا لمسابقة في السنة النبوية.

  • كيف ترشدون المشاركين في المسابقة، ليكون لهم دور مجتمعي بنّاء في دولهم؟

بدايةً نحن نختار المشاركين بالمسابقة من خلال سفاراتهم والوزارات الدينية والمراكز الإسلامية الرسمية والمعترف بها، وبعد انتهاء المسابقة نظل على تواصل مع الجهات والمراكز التي رشحت المتسابقين، وهناك فكرة لإنشاء نادي المشاركين في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم حتى يتواصلوا فيما بينهم للاطلاع ونقل تجاربهم في حفظ القرآن الكريم وتجارب حياتهم، مستفيدين في ذلك بكثرة وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، لعله يحدث شيء من الاستفادة للشباب.

  • برأيكم هل هناك شخصيات في العالم العربي الإسلامي، ترون أن لها دورًا كبيرًا في إرساء دعائم الجائزة؟

بالطبع، ونحن نعتز بهذا، فرغم أن الجائزة مقرها دبي؛ ولكن القائمين عليها من داخل الإمارات وخارجها، فمن داخل الإمارات هناك ما يقرب من ٥٠ شخصية، من أول رئيس الجائزة إلى مجلس الأمناء وأعضاء اللجنة المنظمة كلهم متطوعون؛ حيث إن عدد موظفي الجائزة لا يتعدى ١١ فردًا، أما لجنة التحكيم فمعظمهم من خارج البلاد، ومنذ نشأة الجائزة إلى الآن يوجد كرسيان دائمان لمصر والسعودية وثلاثة كراسٍ تتناوب عليها بقية البلدان الإسلامية، وفي السنوات الأخيرة بدأ يشارك محكَّمون من الإمارات، وفي مسابقة موسكو للقرآن كان الشيخ علي آل علي من الإمارات ضمن لجنة التحكيم.

  • تتعدد المسابقات الدولية للقرآن الكريم في العالم العربي والإسلامي، فما الدور الذي تقومون به تجاه تلك المسابقات، وما أشكال التعاون فيما بينكم؟

نحن على صلة وتعاون مع معظم المسابقات الدولية للقرآن الكريم، وتعد الهيئة العالمية للكتاب والسُّنة المظلة التي تلتقي تحتها كل المسابقات القرآنية، كذلك عندهم مكتب تنسيقي بين هذه الجوائز؛ مثلا للتنسيق في أيام المسابقات حتى لا تتعارض مواعيدها مع بعضها بعضًا، بالإضافة إلى أننا لدينا لوائح ومعايير للتحكيم إلكترونية متقدمة يجري تبادلها مع المسابقات الأخرى، فضلاً عن التزاور فيما بيننا لترشيح المتسابقين في المنافسات المختلفة، وكان آخرها مشاركة الوفد الإماراتي في مسابقة موسكو للقرآن الكريم التي ينظمها مجلس شورى المفتين في روسيا الاتحادية، وحصلت فيها الإمارات على المركز الثالث.

  • في رأيكم ما الاستفادة الحقيقية والغاية من تنظيم المسابقات القرآنية في العالم العربي والإسلامي؟

انطلاقًا من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلق النبي "صلى الله عليه وسلم" قالت "كان خلقه القرآن"، واليوم نحن نريد من الشباب الواعي أن يأخذ هذه الكلمات ويجعلها دستورًا في حياته، ويجعل القرآن الكريم المسار الصحيح الذي يسير فيها، والمصدر الذي يستقي منه قيمه وأخلاقه، فالمسلم وغير المسلم عندما يقرأ القرآن الكريم يجد فيه قيم التسامح والمحبة والعفو والتعاون مع الآخر، يقرأ فيه التعايش مع المختلف في المعتقد والمذهب والعرق، يقرأ فيه إفشاء السلام والأمن بين الناس، ومثل هذا الشخص يقرأ القرآن الكريم ويفهمه، بعكس آخرين بفهمهم الخاطئ له يندفعون إلى هاوية التشدد والتطرف، ويستندون إلى هذا الفهم الخاطئ في ارتكاب جرائمهم.

لذلك يجب أن نعرّف أبناء المسلمين بالقرآن الكريم ودلالاته الصحيحة ومقاصده، حتى لا تزل قدمهم نحو المضللين الذين يوظفون القرآن الكريم في غير موضعه؛ ومن ثم تعد المسابقات القرآنية فرصة لتعليم الشباب قيم القرآن الصحيحة، وهي ليست جائزة فقط أو هدفها الحفظ فحسب، وإنما عندما يحفظ الإنسان القرآن الكريم ويفهم معانيه سينشأ مواطنًا صالحًا مخلصًا لدينه ووطنه، وهذا ما نريده من حافظ القرآن الكريم.

  • كلمة توجهونها للشباب العربي والمسلم؟

أقول للشباب يجب أن تتعلم العلم؛ فالأمم المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه من فراغ، وإنما بالعلم، إلى جانب ذلك يجب أن يتحلى الشباب بالأخلاق الحميدة، فالحضارة الإنسانية طائر يطير بجناحين جناح العلم وجناح الأخلاق، وما نراه اليوم في العالم هو أن الغرب يملك العلم، ونحن نملك الأخلاق، ولا يوجد أحد يطير بيننا.


الدكتور سعيد حارب يلقى كلمته في حفل ختام مسابقة موسكو الدولية للقرآن الكريمالدكتور سعيد حارب يلقى كلمته في حفل ختام مسابقة موسكو الدولية للقرآن الكريم

نائب رئيس جائزة دبي للقرآن أثناء لقائه المفتي راوي عين الديننائب رئيس جائزة دبي للقرآن أثناء لقائه المفتي راوي عين الدين

دكتور سعيد حارب مع المحرر أمام جامعة موسكو الحكوميةدكتور سعيد حارب مع المحرر أمام جامعة موسكو الحكومية

د. سعيد حارب بصحبة د. روشان عباسوف ود. وليد الشعيب أثناء إلقائه كلمة للجمهور الروسيد. سعيد حارب بصحبة د. روشان عباسوف ود. وليد الشعيب أثناء إلقائه كلمة للجمهور الروسي

محرر "بوابة الأهرام" مع الدكتور سعيد حاربمحرر "بوابة الأهرام" مع الدكتور سعيد حارب
كلمات البحث
الأكثر قراءة