Close ad

التعاونيات الزراعية تحت مجهر الحكومة.. منح الجمعيات صلاحيات أكبر لتسويق المحاصيل

18-9-2021 | 11:45
التعاونيات الزراعية تحت مجهر الحكومة منح الجمعيات صلاحيات أكبر لتسويق المحاصيل مقر إحدى الجمعيات الزراعية المتهالكة بالمنوفية
علاء عبد الحسيب
الأهرام التعاوني نقلاً عن

تطوير البشر مع الحجر.. يضمن للفلاحين الاستمرار الأخضر

موضوعات مقترحة
تأسيس بنك تعاونى لتمويل الجمعيات.. وإنشاء شركة «أسمدة» لسد العجز
رؤساء الإدارة: إدراجها ضمن «حياة كريمة» سينجز مهمة التطوير
المزارعون يحذرون من إعادة الهيكلة بقروض بنكية لتجنب تكرار «أزمة المتعثرين»
تعاونيون: التوسع فى فتح منافذ لبيع المنتجات الزراعية يضمن زيادة الموارد الاقتصادية

الحديث عن إجراءات إعادة النظر فى هيكلة الجمعيات التعاونية الزراعية لا يزال قيد المناقشة، بل أشعل الفترة الأخيرة حالة من الجدل الكبير بين الأوساط الزراعية والمهتمين بالشأن الزراعي، فما بين لجان شُكلّت لحصر ورصد حالات المقار، وما بين خطط عديدة وضعت لتطوير أشكال الخدمات المقدمة للمزارعين عبر هذه المنافذ.. يظل هذا الملف الأكثر تداولًا وحديثا داخل طاولة اجتماعات قيادات الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، لمناقشة آخر المستجدات الأخيرة فى ملف رفع كفاءة مقار الجمعيات البالغ عددها ما يقرب من 7 آلاف جمعية زراعية على مستوى القرى والمراكز والمحافظات.

التطرق إلى فتح ملف تطوير الجمعيات الزراعية كان على رأس الاجتماع الأخير لمجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى برئاسة ممدوح حمادة رئيس الاتحاد تزامنا مع الإعلان عن فتح باب الانتخابات لمجالس إدارة الجمعيات الزراعية، باعتبار أن هذه المقار تتبع هذا الكيان التعاونى الكبير، وقد تم خلال الاجتماع مناقشة خطوات رفع كفاءة هذه المقار، ودعمها بالخدمات المطلوبة التى تلبى احتياجات المزارعين، كما خرج بعدة توصيات مهمة، على رأسها عدم دعم الحديث عن إغلاق جمعيات بأى شكل من الأشكال، وإلزام رؤسائها بضبط الميزانيات وتحسين أدائها بما يخدم القطاع الزراعي، إضافة إلى مناقشة الخطة الخاصة بوزارة الزراعة بشأن تصفية عدد من الجمعيات الضعيفة والتى لا تقدم أى خدمات للمزارعين، وقد لاقت هذه الخطة رفضًا قاطعا لما يتردد بشأن تصفية، أو إغلاق أى من تلك الجمعيات على مستوى المحافظات، باعتبار أن القائمين على الاتحاد التعاونى يأملون فى التطوير لا الغلق.

فى الحلقة السابقة كشفت «الأهرام التعاوني» فى ملف كامل ومفصّل عن معلومات حصلت عليها من مصادرها، عن أن رئيس الوزراء كّلف بسرعة تشكيل «لجنة» من وحدة المتابعة الفنية بإعداد تقرير مفصل عن حالة الجمعيات الزراعية على مستوى قرى محافظات الجمهورية، وتوضيح نقاط دورها ونشاطها فى دعم المزارع والقطاع الزراعي، تضمن أيضًا وجود العديد من المباني الإدارية الخاصة بسكن الموظفين مجاورة للجمعيات آيلة للسقوط، وكشف عن أن هناك بعض الأراضى التابعة للجمعيات والتى كانت مقرره لتشوين المحاصيل تم استغلالها بواسطة المواطنين بشكل مخالف، كما أوضح التقرير أن الكثير من المقار تحتاج إلى استغلال أمثل خاصة بعد تراجع دورها فى تقديم الخدمات الزراعية المطلوبة، كما أن البعض منها تم إنشاؤه بأراضى تابعة لأملاك الدولة، وأراض تخضع لولايات عديدة.

كما تضمن التقرير رصد عدد من المقار المتهالكة بمناطق مختلفة بالمحافظات، وغياب العديد من الخدمات المطلوبة بأماكن أخرى تزامنًا مع أزمة صرف الأسمدة التى لا زالت آثارها قائمة فى معظم المحافظات، وباعتبار أن الأسمدة هى السلعة شبه الثابتة التى توفرها الجمعيات الزراعية كخدمة للمزارع بشكل شبه منتظم، إضافة إلى رصد العديد من الحالات من مقار الجمعيات التى تحتاج على الفور إحلال وتجديد للقيام.

فى الحلقة الثانية رصدنا آراء المهتمين بالقطاع الزراعي، واستمعنا إلى أطروحات التعاونيين ورؤساء الجمعيات، إضافة إلى أزمات المزارعين باعتبارهم الطرف الأصيل فى هذه المعادلة، وقد أجمعت كل الآراء على ضرورة إحياء هذه المقار، وتقديمها منظومة الخدمات بشكل كامل وبما يخدم القطاع الزراعى وأبنائه.. وقد بدأنا الحديث مع المزارعين، ومن محافظة البحيرة قال «عماد حسين» إن الجمعيات الزراعية أصبحت خاوية على عروشها ولا تقدم أي خدمات للمزارعين، على رأسها جمعية «الـ10 آلاف» التابعة لمركز المطامير بمحافظة البحيرة، مضيفا أنالجمعية الزراعية على مر العصور كانت المسئولة عن استلام المحاصيل من المزارعين وتسويقها، والمعنية بتوفير الأسمدة والمبيدات والبذور المعتمدة والإرشاد الزراعى والميكنة الزراعية، كما يتوفر فى كل جمعية مهندس زراعى مسئول عن ملف توعية الفلاحين بالسياسات الزراعية المطلوبة، وبالتالى كانت مصر تشهد فى فترة من الزمن طفرة كبيرة فى إنتاج المحاصيل الزراعية بأعلى جودة».

وأضاف، أن دعم الجمعيات الزراعية للقيام بدورها يصب فى صالح ملف التصدير، خاصة وأن توفير المستلزمات الزراعية المعتمدة والسياسات الصحيحة فى منظومة إنتاج الحاصلات يساهم فى زيادة تسويق المنتجات المصرية عالميًا، ويؤدى إلى توفير العملة الصعبة فى مصر، خاصة وأن خدمة الإرشاد داخل هذه الجمعيات كانت توفر معلومات سليمة بشأن نسب المبيدات والأسمدة الصحيحة فى الزراعات، ومن هنا لم تكن هناك أزمة فى متبقيات المبيدات التى ظهرت خلال فترة معينة، وأثرت على حجم صادراتنا الزراعية إلى الخارج، مشيرًا إلى أن غياب دور الجمعيات ساهم فى ترك المزارع فريسة أمام الوسطاء وأسواق بيع المنتجات المغشوشة مما تسبب فى تراجع جودة المنتجات، سواء التى تم بيعها محليا أو بهدف التصدير.

أما محمد زين، مزارع بأسيوط بمركز البداري، فحذر من إعادة هيكلة الجمعيات الزراعية بقروض بنكية، قائلًا: إعادة منح القروض للقائمين على الجمعيات الزراعية سيفتح ملف «أزمة المتعثرين» مرة أخرى، وهى أزمة عانينا منها كثيرًا وتسببت فى توقيع عقوبات كثيرة على المزارعين وسط هذا الكم الكبير من المشكلات والأزمات التى تواجه القطاع الزراعى فى مصر، مطالبًا بضرورة قيام هذه الكيانات على تمويلها الخاص أو بمنح مالية محلية أو دولية، خاصة وأن جميع الجمعيات لديها رؤوس أموال بالملايين غير مستغلة، إضافة إلى حل الجمعيات الخاسرة، واستغلال مقارها فى أنشطة أخرى.

وأضاف زين، أن تطوير البشر أفضل بكثير من تطوير الحجر، وبالتالى المزارع يتمنى أن تتضمن خطة التطوير إعادة تأهيل القدرات البشرية داخل الجمعيات، ودعمها بالتقنيات والمعدات الحديثة من حصادات وجرارات وآلات رى حديثة وخدمات إرشاد ذكية، وتوفير العناصر البشرية الكافية للتعامل مع هذه التقنيات خاصة مع التطور الرقمى.

على صعيد متصل، أشار نشأت شحاته رئيس «جمعية طرباي» التابعة لمركز السنبلاوين بالدقهلية، إلى أن أى خطوة يمكن أن تتم فى ملف تطوير الجمعيات التعاونية والزراعية ورفع كفاءتها فالمزارع يرحب بها بالطبع، باعتبار أن هذه الجمعيات تحتاج هذه الخطوات منذ عشرات السنين، خاصة مع إعلان الاتحاد التعاونى الزراعى فتح باب الانتخابات بالجمعيات الزراعية، لكن هنا لابد أن نؤكد أن المزارعين يطالبون بضرورة منح القائمين على هذه الجمعيات صلاحيات أكبر، تساعدهم فى تسويق المحاصيل من المزارعين بشكل أفضل، وتوفير كل المستلزمات الزراعية للمطلوبة لأبناء القطاع الأخضر.

وأضاف شحاته، أنه على الجمعيات الزراعية التوسع فى أدوراها الفترة المقبلة، ولا يقتصر دورها على بيع الأسمدة فقط أو حتى المستلزمات الزراعية، بل من المهم أن يكون ضمن خطة التطوير التوسع فى أنشطتها الاقتصادية عن طريق فتح منافذ لبيع المنتجات الزراعية، وأماكن لإقامة خدمات التصنيع الزراعى وتسويقها للمواطنين بمقر الجمعيات، إضافة إلى بدء حصر أعمال الجمعيات خلال الفترة المقبلة وفحص ميزانياتها الموجودة على أن يتم استغلال رؤوس الأموال فى هذه الأنشطة التى يمكن أن تحقق وفرة فى المستلزمات داخل الجمعيات، وتوفير أنشطة الميكنة الزراعية بها.

«محمد فرج» رئيس جمعية العراقية التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية، قال إن الجمعيات الزراعية الذى يقترب عددها من الـ7 آلاف أصبحت بحاجة وبشكل عاجل إلى إعادة هيكلة، وتفعيل دورها الحقيقى فى خدمة القطاع الزراعى وتقديم كل الأنشطة الخاصة بالاقتصاد الزراعى لزيادة مواردها، وقد بدأت الحكومة المصرية بالفعل فى إعادة النظر فى بعض الجمعيات ودخولها ضمن مشروع تطوير الريف المصرى «حياة كريمة»، فعلى سبيل المثال بدأت الأجهزة المنفذة للمبادرة فى إدخال الجمعية الزراعية بزاوية الناعورة بمركز الشهداء، والجمعية الزراعية بكفر عاشمة بالمركز ضمن المبادرة وبدأت بالفعل أعمال التطوير.

وأضاف، أن دخول الجمعيات الزراعية ضمن المبادرة الرئاسية بأى مصدر من مصادر التمويل فرصة حقيقية لتقنين أوضاعها وتفعيل دورها الحقيقي، وقد قمنا خلال اللقاء الجماهيرى الذى تم إقامته من قبل الأجهزة المنفذة لمشروع حياة كريمة عرض ضرورة تطوير الجمعية الزراعية بمنطقة العراقية، وتم الموافقة على هذا المقترح، قائلًا: رصيد الجمعية وصل لنحو 1 مليون جنيه لا يكفى الاعتماد عليه فى أعمال التطوير أو تجديد المبنى، خاصة وأن هناك أولويات منها توفير المستلزمات المطلوبة وتوفير أجور الموظفين بالمكان.

أبناء القطاع التعاونى كان لهم أيضًا مقترحات بشأن مخطط تطوير الجمعيات التعاونية.. خالد حماد مدير عام الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، قال إن التعاونيات للأسف فقدت ما أسست عليه، فالمعروف أن هذا القطاع الكبير والمهم لديه مهام رئيسية لا ينبغى إنكارها، على رأسها تسويق منتجات أعضاء الجمعيات الزراعية والمزارعين على مستوى الجمهورية، دعم منظومة تجميع الحيازات الزراعية لإنتاج زراعات مجمعة تصب فى صالح الاقتصاد الوطنى للبلاد قبل المزارع، التمويل والإقراض الخاص بالفلاحين والمزارعين، توفير فرص التدريب اللازمة للأعضاء، توفير مستلزمات الإنتاج الزراعى للمقار، وإنشاء مشروعات زراعية اقتصادية.

واستكمل قائلًا: كل الجمعيات الزراعية فى المحافظات أصبحت بلا صلاحيات ولا تحقق أي أرباح، باستثناء جمعيات الإصلاح الزراعى التى تتبع وبشكل مباشر لوزارة الزراعة، وقد أصبحت هذه الجمعيات لا تؤدى المضمون، خاصة وإنها نموذج مصغر للاتحاد التعاونى الزراعى المركزى الذى فقد نفس الصلاحيات، وهنا الأمر أصبح يحتاج إلى العديد من الإجراءات العاجلة للارتقاء بهذه الجمعيات تزامنًا مع الحديث عن خطة تطويرها، على رأسها تعديل قانون الاتحاد التعاونى الزراعي، إدخال نماذج علمية وبحثية ضمن إدارة هذه المقار، قصر عضوية مجلس الإدارة على دورة أو دورتين بحد أقصى، باعتبار أن هذه الخطوة تساهم فى تجديد الدماء والفكر داخل مجالس الإدارات، وفتح المجال أمام تبادل الخبرات.

من جانبه أكد على عودة عضو الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى ورئيس جمعية الائتمان، أن الجمعية خلال الفترة المقبلة تميل إلى دمج العديد من الجمعيات الزراعية غير المستغلة والمتوقفة عن تقديم أى خدمات للمزارعين، وعددهم 6 جمعيات تقريبا منها على سبيل المثال، جمعية البصل والثوم والميكنة الزراعية والأرز، وذلك لأن هذه الجمعيات أصبحت أماكن لاستنزاف الموارد والأعباء المالية المختلفة، وبالتالى فإن قرار دمجها وتصفيتها أمر غاية فى الأهمية خاصة وأن العديد منها لا يمتلك مقار، بل يستأجر أماكن فى مناطق متفرقة بمبالغ مالية إضافة إلى أجور الموظفين.

وأشار عودة، إلى أن الجمعية سبق وأن منحت عددا من الجمعيات مستلزمات زراعية لبيعها على المزارعين بنظام الآجل، إلا أنها تعثرت فى السداد بحجة توزيع المبالغ على الأجور والبدلات، وهو ما يؤكد ضرورة تصحيح هذا الوضع المذرى الذى يساهم فى انتشار التلاعب والفساد داخل هذه الجمعيات الزراعية، ورغم أن قرار المنح كان بجلسة خرج بها مجلس إدارة الجمعية إلا أن رؤساء بعض هذه الجمعيات لم يتلزموا مما تسبب فى اللجوء قضائيا ضد هؤلاء، مشيرًا أن تصفية الجمعية الخاسرة ودمجها أمر مهم ترشيدًا للنفقات والتصدى لإهدار مستحقات المزارعين، وحفاظًا على ميزانيات الجمعيات الزراعية من التلاعب والفساد.

المهندس عبد العاطى الخطيب الخبير التعاوني، قال إن القطاع التعاونى فى مصر يحتاج إلى متقرحات خارج الصندوق لتطوير الجمعيات الزراعى ونجاح خطة الحكومة فى رفع كفاءتها، وربما كان أهم هذه المقترحات التى سبق وأن طالب بها المهتمين بهذا القطاع، ضرورة إنشاء بنك تعاونى زراعى يكون مسئول عن تمويل وإقراض المزارعين، والجمعيات على سواء، ويحقق المنفعة العامة التى أسس عليها الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى والذى يأتى ضمن أهم اختصاصاته «التمويل»، لافتًا إلى أن أزمة نقص الخدمات بالجمعيات يرجع إلى ضعف الموارد المالية وتراجع حجم ميزانياتها مما أثر على جودة الخدمة المقدمة للمزارعين مقارنة ببداية فترات تأسيسها.

وأوضح الخطيب أنه كان على رأس المقترحات أيضًا أهمية إنشاء شركة «أسمدة» تابعة للاتحاد التعاونى الزراعى لسد العجز، وتكون مسئولة عن تغذية الجمعيات الزراعية بالكميات والمقررات المطلوبة بالتنسيق مع وزارة الزراعة، وذلك لانتظام منظومة توزيع مقررات الأسمدة وتفادى الأزمات التى تكررت مؤخرًا، مشيرًا أن وجود منفذ توزيع أسمدة يخضع لإشراف الاتحاد التعاونى سيؤدى إلى التزام الشركات بالمقررات المتعاقد عليها.

وحسب المهندس الخطيب فإن «حل الجمعيات الضعيفة ودمجها إلى الكيانات التعاونية صاحبة رأس المال الكبير سيؤدى إلى تصحيح الوضع، ونجاح جهود التطوير» كما أنه من الضرورى دعم الموقف المالى للجمعيات وزيادة قيمة وعدد الأسهم المشاركة لرفع قيمة الميزانية الخاصة بكل كيان، إضافة إلى ضرورة أن يتم اختيار عضو الجمعية وفقًا لمعايير وضوابط تساهم فى الارتقاء بالخدمة، وتحقق المنفعة العامة للقطاع الزراعي، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون عضو الجمعية حاصلا على مؤهل متوسط على الأقل، وألا تزيد فترة العضوية على 3 دورات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة