Close ad

انهيار العقارات كارثة مؤجلة.. فساد المحليات المتهم الأول وعدم إزالة المباني الآيلة للسقوط يفاقم الأزمة

28-7-2021 | 19:11
انهيار العقارات كارثة مؤجلة فساد المحليات المتهم الأول وعدم إزالة المباني الآيلة للسقوط يفاقم الأزمةانهيار العقارات
إيمان فكري

انتشرت ظاهرة انهيار وسقوط العقارات بشكل كبير في الأونة الأخيرة، إذ أصبحنا نستيقظ كل يوم على خبر سقوط عقار على رأس ساكنيه ووفاة بعض السكان وإصابة البعض الآخر، وقيام أجهزة الحماية المدنية بالبحث عن مفقودين تحت الأنقاض، حتى وصل الأمر لمحلة الاعتياد، على الرغم من كونه يعتبر كارثة حقيقة تهدد أرواح آلاف المواطنين، وكان آخرها ما وقع بالأمس، حيث شهدت منطقة الوراق بالجيزة انهيار عقار مكون من 4 طوابق.

موضوعات مقترحة

أسفر انهيار العقار عن مصرع صاحبه، الذي قام منذ عام رغم انتقاد الأهالي له بإضافة طابقين على العقار القديم التي لا تتحمل قواعده هذا الارتفاع ويحتاج لترميم لأنه آيل للسقوط.

وفي مساء يوم الحادثة شعر سكان العقار باهتزاز الأساسات ما دفعهم للمغادرة باستثناء مالك المنزل الذي مكث مع أسرته رافضًا نصيحة الأهالي له بالإخلاء حتى انهار المنزل عليهم، وتبين أن العقار من المنشآت الآيلة للسقوط، وصادر له رخصة هدم منذ فترة طويلة.

وأدى سقوط العقار المنكوب بالوراق، لانهيار جزئي بعقار مجاور، وتم إخلاء العقارات المجاورة من السكان لحين معاينتها، وشكل اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، لجنة هندسية لمعاينة العقارات المجاورة لبيان مدى تأثيرها بالانهيار.

وفتح سقوط عقار الوراق ملف انهيارات العقارات الذي بات شبحا يهدد حياة آلاف من السكان إما بالموت أو التشرد في الشوارع، فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لإيجاد حلول إستراتيجية للقضاء على ظاهرة البناء المخالف، إلا أن مسلسل انهيار العقارات مازال مستمرًا، حيث أنه لم يتم تنفيذ قرارات الإزالة للمخالف.

عدد العقارات المخالفة

وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن عدد العقارات المخالفة في محافظات الجمهورية وصل إلى 3 ملايين و200 ألف مبنى مخالف وبدون ترخيص على الأراضي غير الزراعية، بينما يوجد مليون و900 ألف حالة تعدي على الأراضي الزراعية.

وفي محاولة للوقوف عن الأسباب الحقيقية وراء انهيار العقارات، والمعوقات التي تقف حائلا أمام تنفيذ قرارات الإزالة للمبانى الآيلة للسقوط، فتحت «بوابة الأهرام» مع عدد من الخبراء المتخصصين في التخطيط والتنمية المحلية ملف انهيار العقارات، حيث أكدوا أن أسباب انهيار العقارات متعددة، وبدايتها ترجع لثغرات التنفيذ من فساد المحليات، لإصدارها قرارات إزالة المباني المخالفة ولكن لم يتم تنفيذها، واستعرضوا بعض الحلول لهذه الكارثة.

أسباب وجود عقارات آيلة للسقوط

ومن جانبه، أرجع النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أسباب وجود الكثير من العقارات الآيلة للسقوط في أنحاء الجمهورية، لوجود بناءات مخالفة بارتفاعات شاهقة، ومنها من تم بنائها على أساس غير صحيح، خاصة في محافظة الإسكندرية والتي بها أكثر من 2400 عقار آيلا للسقوط، ومخالف بارتفاعات كبيرة، مع وجود مياه جوفية قريبة من مستوى سطح البحر فساعد ذلك على حدوث مثل هذه المشكلات.

وأكد رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن قرارات إزالة المنازل الآيلة للسقوط من الدولة، تعمل كرد فعل لما يحدث، وأعاد ذلك لغياب جزء كبير من المعلومات المهمة والضرورية بخصوص مثل تلك المباني، لذا تم عمل قانون للتصالح لأنه مصلحة للمواطن، وعلى مستوى طويل الأجل الدولة تحافظ على المال والروح قبل أي شئ.

وأوضح أن قانون التصالح في مخالفات البناء، يلزم مقدم الطلب أن يحصل على إفادة من لجنة تفيد بسلامة العقار الإنشائية، حيث أن عدد المباني التي تحتاج للحصول على ذلك الطلب أكبر بكثير من أن يتحمله قطاع واحد على مستوى الجمهورية، لإصدار بيان بالسلامة الإنشائية للمباني والعقارات.

أسباب انهيار العقارات

واتفق مع هذا الرأي الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير المناطق العشوائية، الذي أكد أن أسباب انهيار العقارات يرجع إلى المباني الحديثة التي لم تلتزم بأصول البناء فتكون معرضة للسقوط في أي وقت، في حالة حدوث هبوط في التربة أو تسرب مصادر مياه إليها، بالإضافة إلى سوء إدارة ملف العقارات المخالفة من قبل المحليات في المحافظات المختلفة، والذي آثر بطريقة واضحة على زيادة المباني المخالفة وانهيار العقارات وارتفاع الأدوار المخالفة للعقارات.

مطالب بتعديل قوانين خاصة بالبناء

واقترح أستاذ الإدارة المحلية، عدة استراتيجيات تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية في 27 محافظة والمديريات التابعة لها تجاه ملف البناء لعدم انهيار المباني، بدايتها أن يتم تعديل بقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 البيروقراطي والذي يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، ويؤدي إلى تدهور التخطيط العمراني في البلاد.

وشدد على أنه يجب على المحافظين الجدد والقدامي تطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من بعض الفاسدين في الإدارات الهندسية، وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة كمرحلة مؤقتة إلى حين نقل الإدارات الهندسية إلى وزارة الإسكان، منوها أن هناك علاقة قوية بين ملف البناء المخالف وزيادة العشوائيات بشكل كبير.

حل الأزمة

وللخروج من الأزمة، أوضح الدكتور حمدي عرفة، أنه يجب أيضًا تعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف وهو ما لم تفعل وزارة الإسكان حتى الآن، ولابد من سرعة تعديل قانون البناء رقم 58 لسنة 1979 الذي له علاقة مباشرة بتقسيم المحافظات الجديدة والذي يؤدي إلى انخفاض عدد المناطق العشوائية التي تتزايد يوما بعد يوم.

ثغرات قانون البناء الموحد

كما أكد أن قانون البناء الموحد به ثغرات عديدة تؤدي إلى وجود فساد من جميع الأطراف سواء من بعض العاملين في الإدارات الهندسية بالوحدات المختلفة، ومن بعض المواطنين الذي يعجزون على الحصول على تراخيص البناء المختلفة نظرا لصعوبة الإجراءات من جانب آخر، وأن الحل يكمن في تعديل قانون البناء الموحد، ولابد من تشريع قانون جديد يسمح بحبس كل من المقاول أو المهندس الذي ينفذ أي إنشاءات مخالفة، علاوة على حبس صاحب العقار المخالف.

مواصفات البناء

وأكد الدكتور عبد الرحيم القناوي رئيس قسم التخطيط العمراني بكلية الهندسة، أن العقارات لابد أن تتم بمواصفات معينة تتم مع معايير البناء، وهذا لم يحدث في العقارات الآيلة للسقوط فهي غير مطابقة للمعايير السليمة للبناء وخارج الحدود البنائية، فاستغل البعض فترة الانفلات الأمني الذي عاشتها الدولة لبناء العديد من العقارات والتي تنهار بشكل يومي الآن.

حوكمة العمران

ويشير رئيس قسم التخطيط العمراني بكلية الهندسة، إلى أن الدولة تقوم بالوقت الحالي بالدراسة لتطبيق حوكمة العمران، والذي يعتبر اتجاه جديد للدولة للقضاء على الفساد وإنهاء التجمعات العمرانية والعقارات الآيلة للسقوط، فهو يجعل لكل عقار كود خاص ومواصفات وبيانات يتم تسجيلها ومتابعتها من خلال الدولة، وهو مطبق أمر مطبق في جميع دول العالم، ويمنع انهيار العقارات، فلم يصبح هناك عقارات آيلة للسقوط.

ويضيف أن الحوكمة العمرانية تقوم بعمل قواعد معلومات لجميع العقارات بالدولة، وتوضح لكل هيئة المهام التي يجب تنفيذها، ويتم وضع مواصفات العقار والعمر الزمني له، كما أن هناك عملية صيانة دورية على العقارات للتأكد من سلامته الإنشائية، لذا يرى أن حوكمة العمران هي الحل السليم للتخلص من الصداع المذمن بسبب انهيار العقارات، الذي نعاني منه بسبب فساد المحليات ولكن الدولة تدخلت لحل الأزمة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: