«المبادرة» توفر التأمين الصحى والاجتماعى للصيادين على مستوى الجمهورية
الصيادون: نتمنى تعميمها على الجميع.. وتخصيص يوم عيد أسوة بالفلاحين
صائدة سمك: هشاشة العظام والأمراض الصدرية تحاصرنا نحن وأزواجنا
متى يصل الصيادون إلى بر الأمان؟.. السؤال يبدو سهلا، لكن الإجابة عليه تحتاج للكثير من التدبر والتفكير.. الصياد الذى لا يعرف التأمين الاجتماعى والصحي، ولا يرتدى رداء مناسبا للصيد، فتتخلل المياه خلايا جسده لأيام تطول ربما لسنوات عمره وهو يعمل فى البحر.
الصياد الذى لا يرسو على الشاطئ إلى بيته إلا بعد رحلات صيد قد تمتد لأيام، وأحيانا أسابيع، ليعود محملا بالأسماك يبيعها بأسعار متضاربة للتجار، الصياد الذى تتآكل أطرافه أحيانا مع الوقت، ويتشقق وجهه بفعل الشمس، وتصيبه المياه والرطوبة بهشاشة العظام أحيانا.. أخيرا أصبح يفكر فى «بر أمان».
لمَ لا والأمل صار قريب المنال، بتوفير تأمين صحى واجتماعي، وتوفير المعدات والغزول اللازمة للصيد، وتوفير المراكب للصيادين.. هذا ما أعلنت عنه الدولة خلال الأيام الماضية، ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى وصندوق «تحيا مصر» بإعلان مبادرة «بر أمان» لـ 42 ألف صياد من منخفضى الدخل والمعيشة ممن يعيشون على الهامش.
«الأهرام التعاوني» ترصد فى السطور القادمة مطالب الصيادين وتطلعاتهم وردود أفعالهم حول المبادرة، وتتعرف على آراء الاتحاد التعاونى للثروة المائية، وتكشف لكم تفاصيل أكثر عن المبادرة وتبعاتها.
تنقسم مبادرة «بر أمان» إلى أربعة مراحل، وتتضمن المرحلة الأولى 10704 مستفيدين ببحيرات الريان، إدكو، مريوط، والمنزلة، أما المرحلة الثانية فتشمل بحيرات البرلس والمرة والتمساح وتستهدف 7416 مستفيدا، أما المرحلة الثالثة تشمل البحيرات التى يصب فيها نهر النيل ويستفيد منها 18125 صيادا، والمرحلة الرابعة تشمل بحيرة ناصر وبحيرة البردويل ويستفيد منها 7707 صيادين.
ووقعت وزارة التضامن الاجتماعى بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بهدف وضع آلية محددة لحصر وتسجيل عمال الصيد فى القطاع الرسمى وغير الرسمى، وإنشاء قاعدة بيانات وافية تشمل جميع أصحاب المراكب الآلية والشراعية والقوارب الصغيرة والعاملين عليها، بالإضافة إلى وضع آلية لمد صغار الصيادين بجميع سبل الحماية والتأكد من تغطيتهم تحت مظلة برنامج تكافل وكرامة وبصفة خاصة أثناء فترة الزريعة التى لا يُسمح فيها بالصيد.
يوضح الأمر أكثر اللواء محمد الفقي، رئيس الاتحاد التعاونى للثروة المائية، قائلا: إن مبادرة «بر أمان» انطلقت من محافظة الفيوم لكنها ستمتد إلى بحيرات الريان ومريوط والمنزلة والبرلس والتمساح والبحيرات المرة والبردويل وناصر وإدكو، والبحر الأبيض والبحر المتوسط، ما يعنى أنها ستوفر غطاء حماية حقيقى لجميع الصيادين العاملين فى المجال، مشيرا إلى أن المبادرة تعمل على توفير غطاء من الحماية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة فى مجال الصيد، حيث من المقرر أن توفر مستلزمات الصيد للصيادين من الشباك وبدل الوقاية وغيرها، كما تعيد تأهيل مراكب صغار الصيادين وضمهم لمنظومة التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي.
وأوضح أن المبادرة تستهدف أيضا تحسين ظروف الصيد، وبالتالى من المتوقع أن تمنع هذه الإجراءات الصيد الجائر مثل الصعق الكهربى ومشكلات جودة المياه وتلوث البحيرات والتعديات عليها، وإتاحة فرص اقتصادية حقيقية للصيادين للعمل فيها فترة الزريعة أو أثناء تعطلهم عن العمل أو عدم حصولهم على الرزق اللازم من الصيد خلال فترات منع الصيد، وهى إجراءات جميعها طالما طالب بها الصيادون على مدى عشرات السنين الماضية.
وقال الحاج محمد فضل الله، صياد من محافظة الفيوم إنه يعمل فى حرفة الصيد أبا عن جد منذ أكثر من 45 عاما، خلالها تدهورت صحته، آملا أن تشمل المبادرة وبسرعة توفير التأمين الصحى اللازم للصيادين.
ويقول مجدى مرعي، عضو الجمعية العمومية للاتحاد التعاونى للثروة المائية، وأحد المشاركين فى بلورة رؤية «بر أمان»: إنه بفضل وجهود المخلصين بدأت فى الفيوم التطبيق على أرض الواقع لمبادرة رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بر امان بعد مناقشات وزيارات وندوات امتدت لعام كامل بإشراف وإدارة وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج، متوقعا أن تمتد المبادرة حتى يتحقق الهدف النبيل منها.
وطالب أحمد عبده نصار، نقيب الصيادين بمحافظة كفر الشيخ، بإخضاع الصيادين لنظام التأمين الصحي، وضمهم تحت قانون المعاشات الاجتماعية، وانشاء صندوق اجتماعى لرعاية الصيادين، ودراسة عمل محمية طبيعية على السواحل المصرية أسوة بدول العالم حتى تكون مفرخا طبيعيا لتغذية السواحل المصرية بالأسماك ودراسة وقف عمليات الصيد سنويا ولمدد محدودة، ومنع عمليات الصيد الجائر نهائيا، واختيار يوم ليكون عيدا للصياد المصرى أسوة بالأخوة الفلاحين.
ويقول صبحى الرموزي، ريس مركب فى الغردقة، إن المبادرة فى جوهرها تخدم الصيادين وتحقق الصالح العام، لكن فترات منع الصيد تحرم الصيادين من خيرات البحر، مطالبا بتوفير غطاء اجتماعى للصيادين خلال فترات منع الصيد على مستوى الجمهورية وسرعة تطبيق قرارات «بر أمان».
ويقول سيد فؤاد، صياد من الفيوم، إن الجمعيات العمومية للصيادين جميعها طالبت بمنح الصيادين تعويضات ولو ضئيلة خلال فترات منع الصيد، مطالبا بأن تشمل المبادرة جميع الصيادين على مستوى الجمهورية من أصحاب الدخول المنخفضة وليس أصحاب المراكب الكبيرة.
أما صيادة كفر الشيخ، «محسنة الكلاف»، فتشكو قائلة: «نفسى حد يعرف المياه الباردة بتعمل فينا ايه.. الحياة صعبة وخدنا عليها زى ما هى كده»، مطالبة الحكومة بتوفير حياة كريمة لزوجها، وأن يشمله التأمين الصحى والاجتماعى وخفض سن المعاش للصيادين إلى 55 عاما بدلا من 65 عاما.
وعن «بر أمان»، يقول على عزت، مدرس ثانوى، أتمنى أن تنعكس هذه المبادرة على رجل الشارع، فيشعر سريعا بتحسن أسعار السمك، متسائلا: «السمك غالى ليه؟!»
وفى سوق العبور، أكبر مصدر لأسماك الجملة فى مصر؛ حيث البلطي أكثر الأسماك رواجا وشعبية فى مصر، والتي تتراوح أسعارها الآن بين 20 جنيها و24 جنيها للكيلو، وهو سعر مرتفع نوعا ما قياسا بأنه سوق الجملة، حيث يباع للمواطنين بأسعار تتراوح بين 28 و35 جنيها حسب الجودة والحجم، وفى هذا السياق يقول أحد البائعين بسوق العبور رفض ذكر اسمه، وهو تاجر أسماك متخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية: لا يوجد سبب مفهوم لارتفاع أسعار البلطى والبوري، فالسوق بالكامل يعتمد على المزارع بنسبة 100% أما البلطى القادم من بحيرة ناصر وهو الصنف البلدى الوحيد فى السوق فيباع بسعر باهظ يتراوح بين 30 و35 جنيها للكيلو جملة.
أما رومانى س، تاجر مجمدات وأسماك جملة فى سوق العبور، فيقول إن أسعار الأسماك هذه الأيام تشهد ارتفاعا ملحوظا خاصة فى أصناف الدنيس والقاروص والمجمدات، فإنتاج المزارع من الدنيس هذه الأيام قليل، ومعروف أن لدينا صنف نسميه «دنيس الحكومة» الذى يخرج من المزارع الجديدة التى أنشأتها الدولة، ولم يعد متوافرا هذه الأيام لأسباب لا نعرفها، مما ساهم فى رفع سعر الدنيس والقاروص، أما المجمدات فتشهد ارتفاعات ملحوظة تتراوح بين 5 إلى 10 جنيهات فى أصناف الجمبريات والسبيط والسلمون والكابوريا المستوردة تأثرا بالدولار، ونشاط حركة التجارة العالمية وبالتالى صعوبة الوصول لمراكب شحن البضائع بأسعار مناسبة.
ويقول محمد سيد أحمد، صاحب سوبر ماركت فى الشيخ زايد، إن أسعار الأسماك مرتفعة لأسباب لا نعرفها، وهو ما يعنى ضرورة سرعة تطبيق مبادرة «بر أمان» التى أعلن عنها الرئيس السيسى فى كافة محافظات الجمهورية، لأنه من المعلوم أن المبادرة ستعم بالخير على المواطنين.
مخاطر المهنة
على صعيد متصل قال تامر عبدالفتاح، المدير التنفيذى لصندوق تحيا مصر، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه برعاية وتمكين صغار الصيادين، وتوفير بدل الصيد حفاظا على صحتهم من مخاطر المهنة، بالإضافة إلى توفير أدوات الصيد من الشباك وإعادة تأهيل المراكب المتهالكة وتجديدها بهدف تمكينهم ودعمهم فى ممارسة مهنتهم.
وأوضح فى تصريحات صحفية سابقة أن الصندوق رصد 50 مليون جنيه مشاركة فى تنفيذ المبادرة الرئاسية «بر أمان» لرعاية صغار الصيادين، والتى سيتم من خلالها رعاية نحو 42 ألف صياد، على أن يتم تنفيذ المبادرة من خلال وزارة التضامن الاجتماعى وبالتعاون مع الهيئة العامة للثروة السمكية.
وكانت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، قد أكدت خلال إطلاق المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «بر أمان» لحماية ودعم صغار الصيادين، أنه تم حصر 400 صائدة من محافظات الصعيد لديهم رخص صيد سارية بدون مركب ليتم منحهم مراكب، مشيرة إلى أنه سيتبع مبادرة «بر أمان» العديد من التدخلات الأخرى لدعم الصيادين وأهمها إعادة تأهيل جميع المراكب الصغيرة التى تعمل حاليا بمصر، فضلا عن تقديم مشروعات متناهية الصغر لهم لدعم دخولهم بجانب العمل على تطوير آليات تسويق الانتاج السمكى لصغار الصيادين عبر ربطهم بمنافذ للتوزيع مباشرة للمواطنين وهو ما يسهم فى رفع دخول صغار الصيادين.
ترحيب برلماني
وفي السياق نفسه، قال النائب ناصر عطيه، عضو مجلس النواب بمحافظة البحر الأحمر، أن إطلاق المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية، تعتبر حماية ودعم لصغار الصيادين، بالتعاون مع صندوق «تحيا مصر» والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، حيث تغطى نحو 42 ألف صياد مصري، فى سابقة مجتمعية مهمة للغاية، مضيفا أن مبادرة بر أمان، تمثل منظومة متكاملة تنفذها الحكومة جنبا الى جنب مع صندوق تحيا مصر، تعكس اهتماما كبيرا من جانب الدولة والرئيس السيسى بقضايا الصيادين والمصايد والثروة السمكية، والعمل على استدامة وتنمية الموارد الطبيعية فى بحيرات مصر، مشيرا إلى أنه سيتم العمل عبر المبادرة الرئاسية بر أمان، لإعادة تاهيل البحيرات المصرية وإعادة تأهيل القائمين على استغلال تلك البحيرات.
وأوضح النائب أحمد مهني، وكيل لجنة القوى العاملة، فى بيان له، ان اطلاق المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «بر أمان» بمحافظة الفيوم، تحرص على تقديم كافة أوجه الدعم والتمكين والحماية الاجتماعية لفئات الصيادين ولكافة فئات العمالة غير المنتظمة كافة، مشيرا إلى أن القيادة السياسية منذ ان تولى الرئيس السيسى حكم البلاد وهى تضع ملف الحماية الاجتماعية والحفاظ على كرامة المواطن المصرى ودعمه فى التأهيل لسوق العمل والتمكين الاقتصادى على رأس أولوياتها.
وأضاف وكيل لجنة القوى العاملة، ان فئة الصيادين ستشهد ازهى عصورهم خلال الفترة المقبلة، وياتى ذلك من خلال الحفاظ على صحتهم من مخاطر المهنة، بالإضافة إلى توفير أدوات الصيد لهم مثل الشباك وإعادة تأهيل المراكب المتهالكة وتجديدها بهدف تمكينهم ودعمهم فى ممارسة مهنتهم.