الخبراء يرون قرار إيقافه قد يلحق الخسائر بالجهاز المالي للدولة
الإعفاء يساوي الشركات الكبرى بصغار المزارعين
أكثر من 800 شركة للاستثمار الزراعي في مصر يملكها أشهر رجال الأعمال والمستثمرين، لن تدفع ضريبة الأطيان الزراعية، كى تتساوى مع الفلاح الفقير الذى يكافح لزراعة فدان أو سداد إيجار مساحة أخرى يعيش من ريعها البسيط، وذلك بعد مد فترة إيقاف العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان بشكل نهائي، والذى أصبح طوق نجاة للفلاح المصرى، الذى عانى طويلا من ارتفاع تكاليف ومدخلات الزراعة ومازال يكافح لزراعة أرضه، رغم زيادة أسعار الأسمدة والتقاوى والطاقة، مع ضعف سعر توريد العديد من المحاصيل الزراعية، خاصة الإستراتيجية كالقمح والذرة وغيرها..
ويستفيد بشكل أكبر من قرار وقف دفع ضريبة الأطيان الزراعية، من يملكون مئات وآلاف الأفدنة سواء من رجال الأعمال أو المستثمرين بالقطاع الزراعى، وهم الذين يملكون الشركات الزراعية العملاقة التى تجنى الملايين من تصدير الحاصلات الزراعية وتباع فى الأسواق العالمية بالدولار، فى حين يخسر الفلاح يوميا بعد جنى محصوله وفشله فى تسويقه بالسوق المحلي، رغم أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بوقف تحصيل الضريبة هدفها التيسير على المزارعين البسطاء.
وأكد تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات، أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، خصصت مساحات كبيرة لشركات عملاقة للاستثمار بالقطاع الزراعى، منها 10 آلاف فدان لإحدى شركات الاستثمار الزراعى التى يملك صاحبها قناة فضائية، فى حين استولى صاحب أشهر وكالات الإعلان على مساحة 805 أفدنة بطريق «القاهرة - الإسكندرية» الصحراوى، وتحديدا فى الكيلو 80، وكان ذلك عام 1991 وهى منزرعة بالكامل بالمحاصيل الزراعية المتنوعة بغرض التصدير.
وترى الدكتورة هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية ومديرة المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، أنه كان يجب عند إقرار وقف دفع الضريبة الزراعية تحديد من المستحق بالدفع، ومن لا يستطيع من فئات الفلاحين، أى تحويلها لنظام شرائح فلا يعقل أن يتساوى فى دفع الضريبة الزراعية من يملك فدانا مع من يملك 2000 فدان.
وقالت الخبيرة الاقتصادية، إن الجهة المنوط بها إصدار التشريعات وافقت على إرجاء دفع الضريبة أو استمرار عدم دفعها بناء على توجيهات رئاسية بدون أن يدرسوا كم الخسائر التى قد تلحق بالجهاز المالى للدولة من عدم دفع العمالقة الكبار من مستثمرى القطاع الزراعي، وكان يجب مساندة صغار المزارعين برفع الضريبة عنهم، مع استمرار دفعها للكيانات الزراعية الكبيرة التى تخصص محاصيلها الزراعية للتصدير ولا تساهم فى دفع الاقتصاد الزراعى للأمام، مشيرة إلى أن رجال الأعمال والشركات العملاقة العاملة بالقطاع الزراعى اشترت الأراضى بأسعار رخيصة جدا بهدف دعم الإنتاج الزراعى ولكن للأسف معظم محاصيلها يتم تصديرها للخارج ولا تؤثر مع خطط الدولة التنموية.
وأشارت الدكتورة هدى، إلى أن اقتصاد البلاد يجب أن يعتمد على الإنتاج بعيدا عن الاقتصاد الريعى، الذى يساند الدولة لفترة مؤقتة، ولكنه لا يعمل على نهضتها الحقيقية، بحيث يكون إيراد ميزانية الدولة متنوع بالرغم من كون الضرائب هى العمود الفقرى للدولة، ولكن التغول فيها يؤدى لازدواجية الضريبة سواء فى القطاع الزراعى أو فى أى قطاع آخر، لافتة إلى أن الضريبة الزراعية كان يمكن استغلال إعفائها فى تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الإستراتيجية والتى يتم استيراد مصنعاتها من الخارج مثل الذرة وعباد الشمس وغيرها.
وشددت الخبيرة الاقتصادية، على أن موافقة مجلس النواب على قانون إيقاف العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان الزراعية، تم قبل إجراء الدراسات المستفيضة حتى لا يكون المواطن فخا لها، فهناك القادر على الدفع وهناك من لا يستطيع ولابد من التفريق بينهما بحيث تكون الضريبة بنظام الشرائح، مشيرة إلى أن الفلاح هو عمود الاقتصاد المصري، وخزانة الدولة لا تزال تعتمد على الضريبة فيمكن أن يدفع القادر من شركات التنمية الزراعية وإعفاء صغار المزارعين، أو تخفيف الضريبة على الكيانات العملاقة التى تزرع أكبر كمية من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة وإعفاء صغار المزارعين منها لمساندتهم فى دعم مدخلات الزراعة خاصة الأسمدة والتقاوى والطاقة.
أما الدكتور نبيه عبد الحميد، خبير الهيئة العامة لسلامة الغذاء، فأكد أن نشاط عدد كبير من الشركات الاستثمارية الكبرى يعتمد على زراعات الأعلاف وتصديرها للخارج، لافتا إلى معظم الشركات التى يملكها بعض رجال الأعمال العرب والمصريين تستثمر بزراعة الأعلاف أو محاصيل الأورجانيك من الفاكهة والخضراوات التى تتهافت عليها أسواق العالم، وهم يربحون من عمليات التصدير لأن منتجاتهم مطلوبة بكثرة فى أسواق أوروبا والعالم.
وأوضح خبير سلامة الغذاء، أن الدولة تعمل فى إنشاء المشروعات الزراعية العملاقة لضمان سلامة الغذاء محليا قبل تصديره، وهى مشروعات تخدم الاقتصاد القومى مثل مشروع الـ 1.5 مليون فدان ومشروع مستقبل مصر الزراعى، على مساحة 500 ألف فدان، وأول بورصة سلعية فى الشرق الأوسط، والتى تهدف لخدمة المزارع المصرى وتضمن تسويق إنتاجه بسعر عادل بالإضافة لـ «مشروع الصوب الزراعية العملاق»، والمشروع الزراعى فى بئر العبد والفرافرة، وغيرها من المشروعات التى تساعد فى تخفيف العبء عن كاهل المواطن وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية والخضروات والفاكهة وتصدير الفائض، لافتا إلى أن كل هذه المشروعات تساعد جنبا إلى جنب مع إنتاج صغار الفلاحين من الخضر والفاكهة والمحاصيل الإستراتيجية خاصة فى أراضى الدلتا، وهم من أكثر الفئات التى تكافح لزراعة أراضيهم والمستحقة لرفع ضريبة الأطيان الزراعية لتحقيق أعلى إنتاجية.
وشدد خبير سلامة الغذاء، إلى أن معظم زراعات الشركات الكبرى، والتى أصبحت تشارك الفلاح البسيط فى ميزة عدم دفع ضريبة الأطيان الزراعية، تعتمد على الزراعات الأورجانيك والتى تخصص معظمها للتصدير بخلاف زراعات الأعلاف وغيرها والتى لا يستفيد منها الاقتصاد المصرى.
وقال المستشار هشام عيسى، ان القانون رقم 143 لسنة 2017 كان ينص على إيقاف العمل بأحكام القانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1/8/2017 بهدف تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين فى المجال الزراعى، ولم يحدد شرائح للإعفاءات وانما خص كل العاملين بالقطاع الزراعى لتشجيعهم على زيادة الإنتاج الزراعى، ولم يضع شروطا للإعفاء الضريبى، وسوف تنتهى مدة الوقف المنصوص عليها فى القانون بنهاية شهر يوليو القادم ، ولذلك اسرع الرئيس عبد الفتاح السيسى بدعم اعفاء المزارعين من ريبة الأطيان لمساندة القطاع الزراعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية خاصة الإستراتيجية مثل القمح والذرة ، ولذلك أعدت وزارة المالية قانون إيقاف العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان ووافق عليه مجلس النواب.
وأشار المستشار هشام عيسى، إلى أن ضريبة الأطيان الزراعية، عبارة عن مبالغ نقدية بنسبة 14% من القيمة الإيجارية للفدان الواحد فى السنة، بالنسبة للأراضى المؤجرة ويلتزم صاحب الأرض بسدادها للدولة سنويا ويتم تحصيلها بحسب المواسم الزراعية.
وقال مصطفى حسين بكرى مزارع من المنيا، إن ضريبة الأطيان الزراعية لم تتجاوز 300 جنيه على الفدان وكنا ندفعها، بالرغم من ارتفاع أعباء ومدخلات الزراعة، وخسائر المزارع الدائمة خاصة عند زراعة المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والذرة والقطن، لافتا إلى أن قانون سنة 2017 أكد إعفاء المزارعين من دفع الضريبة، ودخل فيه كل شركات الاستثمار الزراعى، التى تزرع الأورجانيك وتصدر منتجاتها بالملايين إلى كل أسواق العالم، لافتا إلى أن عدد كبير من الشركات الزراعية تعتمد على زراعة الأعلاف وتصديرها أو الزراعة بنظام التعاقد مع الأسواق الخارجية خاصة فى أوروبا.
وأضاف بكرى أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمد وقف قانون الضريبة على الأطيان الزراعية، سوف يسهم بشكل كبير في تخفيض تكلفة الزراعة على صغار المزارعين ومستأجري الأراضي الزراعية، خاصة أن معظم المزارعين يعانون من تأثير فيروس كورونا على تحديد أسعار مناسبة للمحاصيل الزراعية، مثل الطماطم والخضراوات والفاكهة، لافتا إلى أهمية تشجيع الفلاح بوضع سعر مناسب لتوريد المحاصيل الاستراتيجية خاصة القمح والذرة والقطن.
وقال أبو عوف درويش مزارع بالأقصر، إن موافقة مجلس النواب على تمديد العمل بقانون 2017 للإعفاء من ضريبة الأطيان الزراعية فى ظل ظروف إجراءات وتأثيرات فيروس كورونا، تعد نصرًا للمزارع والفلاح المصرى، ولكن يتم تنفيذها على أصحاب المشروعات الزراعية العملاقة، مثل شركات الاستثمار الزراعى التى تملك الواحدة على الأقل 2000 فدان، وهناك من يملك 100 ألف فدان و500 ألف وغيرها، لافتا إلى أن الدولة تخسر الملايين من جراء تطبيق القانون على القادرين من شركات التنمية الزراعية.
ودعا أبو عوف لمناقشة قانون رفع ضريبة الأطيان الزراعية وتحويله إلى شرائح فلا يعقل أن يتساوى فى الإعفاء من يملك فدانًا أو 5 أفدنة بمن يملك 100 فدان و850 فدانًا وأكثر مثل بعض شركات المستثمرين الأجانب والعرب والمصريين، ومعظمها زراعات تصديرية لا تدخل إلى الأسواق المحلية.
وقال حميدو رشدى مزارع بالقليوبية، إن جموع الفلاحين كانت تنتظر عودة دفع ضريبة الأطيان الزراعية فى يوليو من هذا العام، وسط معاناتهم من جراء تأثيرات فيروس كورونا اللعين إلى أن أصر على تسويق المنتجات والمحاصيل الزراعية، لافتا إلى أن الفلاحين طالبوا الرئيس بوقف العمل بهذا القانون فى أغسطس 2019، واستجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لطلبات ملايين الفلاحين لشعوره الدائم بما يعانى منه الفلاحون.
وأوضح رشدى أن ضريبة الأطيان الزراعية، لا تتعدى 300 جنيه للفدان، ويعاد تقييمها كل 10 سنوات، ويستفيد منها كل من يؤجر أرضه أو يمتلك من فدان إلى 50 فدانًا، ولكن أن تشمل هذا القانون كل العاملين بقطاع الزراعة، فهذا يهدر على الدولة الملايين، لافتًا إلى وجود شركات عملاقة، تربح أموالًا طائلة لتصدير منتجاتهم الزراعية والغذائية، رغم تداعيات كورونا وضعف القوة الشرائية، لأنهم يزرعون بنظام الأورجانيك وهى الأكثر إقبالًا ورواجًا فى العالم.
وقال رمضان طنطاوي مزارع وتاجر فاكهة، إن عددًا كبيرًا من المزارعين تأثروا بتداعيات فيروس كورونا وتأثيره السيئ على الأسواق، كما اشتكى المصدرون من تأثر حركة التصدير بأزمة كورونا وغلق كثير من الأسواق، لافتًا إلى أن إعفاء المزارعين من ضريبة الأطيان الزراعية، يخفف عبئًا كبيرا عن كاهل صغار المزارعين، الذين يعانون من تقلبات المناخ وأثرها على إنتاجية المحاصيل بجانب تأثيرات كورونا، بالإضافة لزيادة أسعار مدخلات الزراعة، لافتا إلى أن ضريبة الأطيان هى جزء مهم من دخل الدولة، ولذلك لابد من دراسة طرق الإعفاء حتى تصل الفائدة لمن يستحقها من المزارعين، فى نفس الوقت الذى يتم تحصيل جزء من الضريبة لصالح الدولة من شركات الاستثمار الزراعى العملاقة التى تستحوذ على نسبة كبيرة من أسواق الدول العربية والأوروبية.