أكدت الدكتورة مهجة غالب العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر أن العفة طهارة للعرض وصيانة للدين.. وأشارت إلى أن المسلم حريص على دينه ودنياه. وأشارت فى حوارها مع «الأهرام المسائى» إلى أن المسلم حريص على دينه ودنياه وإلى نص الحوار:
كيف نقى شبابنا وفتياتنا من عواصف الفتنة والشهوة المحرمة؟
معلوم أنه إذا عَجَ الزمن بالفتن وكثرت دواعى الانحراف لزم الشباب الاستعفاف عن مواقعة الحرام والاستعلاء عن مقارفة الفواحش والاستعصام عن نوازع الشهوة واللذة المحرمة فالعفّة برهان على صدق الإيمان وطهارة النفس وشرفها وكرامتها فيا سعادة من عَفَّ ويا فوز من كَفَّ ويا هَنَاءَة من غضّ الطرف طوبى لمن حفظ فرجه، وصان عِرضه وأحصن نفسه، (لقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إنى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغني) (ويقول صلى الله عليه وسلم «من يَضْمَنُ لى ما بين لَحْيَيْهِ وما بين رِجْلَيْهِ أَضْمَن له الجنة) ولحييه وما بين رجليه أى : لسانه وفرجه (قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (وعن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «يا شباب قريش: احفظوا فروجكم، لا تزنوا، ألا من حفظ فرجه فله الجنة») ( بل قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله»، فعدّ منهم: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنى أخاف الله»).
وإطلاق البصر وإرسال النظر للمحرمات عدو العفّة ورائد الفجور ورسول الشرّ وبذرة الشهوة فى القلب والسعادة فى غضه، والنجاة فى كسره فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافة لله أبدله الله إيمانًا يجد حلاوته فى قلبه فمن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه سُئل النبى عن نظرة الفجأة فقال: «اصرف بصرك» قال -جل فى علاه: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ).
ما الأعمال الصالحة التى يتضاعف أجرها غير رمضان؟ وهل السيئة يعظم وزرها فى مواسم الطاعات؟
بوسع المسلم فى أى زمان ومكان أن يسعى لاكتساب الحسنات والأجر الجزيل وذلك من خلال أعمال الخير الكثيرة المضاعف أجرها وهى كثيرة ومن أعظمها الإتيان بما فرض الله تعالى فهو أفضل الطاعات والقربات كما فى الحديث القدسى الذى أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه (وما تقرب إلى عبدى بمثل ما افترضته عليه) وقد ذكر العلماء أن من أفضل العبادات بعد الفرائض العلم والجهاد، والصلاة وإن من فضل الله تعالى على هذه الأمة أن دلها على أعمال كثيرة ثوابها مضاعف أضعافًا عديدة على أعمال أخرى نظيرة لها كمثل القيام بالأعمال التى ثوابها يعدل الحج وقيام ليلة القدر والترديد وراء المؤذن وقضاء حوائج الناس والاستغفار المضاعف والأعمال الجارى ثوابها إلى ما بعد الممات والذكر عامة وقبل الشروق خاصة وعند الجمعة وقبل المنام وبعده والصدقة وغير ذلك من أعمال تعمل فى الزمن القصير.
كيف يستغل الشباب نعمة الصحة والفراغ فيما يرضى الله تعالى؟
لا شك أن من النعم التى يغبن فيهما كثير من الناس ولا يقدرونها حق تقديرها الصحة والفراغ ذلك أن الإنسان إذا كان صحيحًا كان قادرًا على ما أمر به الله منتهيا عما عنه نهاه وكذلك الفراغ فإذا كان عند الإنسان ما يُؤويه ويكفيه من مُؤنة العيش أصبح متفرِّغا إلا أن كثيرًا من أوقات شبابنا بل وشيبتنا تضيع بلا فائدة ونحن فى صحة وعافية وفراغ ومع ذلك تضيع علينا كثيرًا ولكننا لا نعرف هذا الغبن فى الدنيا إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضَره أجلُه قال تعالى حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ فعلى الشباب أن يغتنم أخصب فترات عمره حيث القوة والفراغ فمن وصاياه صلى الله عليه وسلم (اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ وذكرمنهم.. صِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ)
هناك أقلام مأجورة وصفحات مشبوهة وقنوات موتورة تقلل من قيمة علماء الأزهر بالداخل والخارج فكيف نرد على هؤلاء؟
الأزهر الشريف بمصر هو بمثابة كعبة العلم وهو حصن أهل السنة وهو أقدم جامعة نظامية للعلوم الشرعية لأهل السنة على وجه الأرض والذى جاوز تاريخه الألف عام وقد ملأ خلالها بقاع الأرض علمًا ونورًا. والأزهر الشريف هو نور العلم الحق والوسطية الحقيقة للإسلام ولولا الأزهر الشريف بمصر وعلماؤه المنتشرون فى بقاع الأرض لماجت بلاد المسلمين وغيرها بالتطرف والتنطع والإلحاد...
ولقد حظى الأزهر الشريف بمكانة عالية وسط قلوب المسلمين فى شتى بقاع الأرض حتى أوفدوا أبناءهم للتعليم فى أروقته المباركة وتحت نظر شيوخه الأجلاء الذين جاوزوا الملوك مهابة وفضلًا. ولقد ظل الوافدون الدارسون فى الأزهر الشريف مظهرا أساسيا من مظاهره اعترافًا بعالميته وفضله على الأمة الإسلامية كلها.
كيف يواجه المسلم الشدائد والأزمات التى تقابله فى دنياه؟
لقد فهم المسلمون طبيعة الحياة بصورتها المكشوفة فى كتاب الله فأيقنوا أنّها حياة متقلبة بين الشدة والرخاء وأنها فى الحالين اختبار وابتلاء لتربية النفوس وليميز الله الصابرين والشاكرين فكانوا إذا أصابتهم شدة أو أزمة صبروا لإيمانهم بأنّ بعد الشدة فرجاً وما أكثر الشدائد والأزمات التى ابْتُلِى بها الرعيل الأوّل من أبناء الإسلام فقد كان فيهم من لا يجد طعاماً يشبع جوعته وكان فيهم المحروم الذى يقف فى ميدان القتال شامخاً وهو طاو من شدة الجوع لأنّهم أدركوا بحسهم الإيمانى أنّ الشدائد مع الصبر تصنع الرجال وتبنى الأُمم وأنّ الضعف فى مواجهة الأزمات لا يصنع شعباً ولا يبنى حضارة ولا يقيم أمة وحسب أوائلنا الأخيار أنهم كانوا فى أوقات الشدة يتراحمون وربما تقاسموا فيما بينهم لقيمات لا يقنع بها اليوم فقير ولا محروم ومع تلك الأزمات والشدائد التى واجهوها لم يضعفوا ولم يستكينوا ولم نسمع عن هؤلاء الأخيار فى شدائدهم وأزماتهم أنهم ضعفوا أو استكانوا أو هزموا نفسيا أوحتى تعلقوا بغير الله أو شكوا حالهم لغير الله لإيمانهم بأنّ المخلوق لا يملك لهم رزقاً ولا يدفع عنهم شدة ولا بأساً.
هل التفكير عبادة؟ وهل هناك افكار نحن كمسلمين ممنوعون منها ؟
وقال سبحانه داعيا للتفكر فى مخلوقاته : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِى أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ) بل إن الله تعالى عاب على أهل النار أنهم لم ينتفعوا بعقولهم فحكى عنهم قولهم : (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) وقال : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ). والتفكر عبادة نبه الله عليها فى قوله : (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِى الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) والايات القرآنية والأحاديث النبوية فى هذا المجال أكثر من أن تحصي...وللأديب والمفكر الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد كتاب حول هذه المسألة عنوانه: «التفكير فريضة إسلامية» يمكن الاستفادة منه.