تتبع حركات اللاعبين على أرض الملعب.. وتحليل أداءهم.. وارتداء أحذية متصلة بجهاز استشعار خطوات.. وتقنيات بديلة عن حكم الراية.. هذا هو واقع كرة القدم في المستقبل.. والتي سوف تتغير بفضل استخدامات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.. وقد بدأت بعض الفرق العالمية استخدام التقنيات الحديثة بالفعل.. والتي ستساعد الأجهزة الفنية على اتخاذ العديد من القرارات الخاصة باللاعبين سواء الاستعانة بلاعب أو شراء آخر.. وهناك تقنيات أخرى سوف تقلل معدل الإصابة.. بجانب تقنيات تتنبأ بما سيحدث داخل الملعب.. وفي مصر هناك تجربة في تحليل البيانات قد تكون بداية للحاق مصر بهذه التقنيات.. ونتعرف عليها وعلى استخدامات الذكاء الاصطناعي في كرة القدم في التحقيق التالي..
استخدامات الذكاء الاصطناعي
من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للمدرب أو مسئولي الفرق أن يمتلكوا القدرة على تحليل البيانات وتحقيق أقصى رؤية واستفادة منها، كما أنها يمكن أن تساعد على اتخاذ القرارات المستقبلية مثل اختيار لاعبي الفريق أو شراء اللاعبين الجدد.
وهناك أيضا حلول الذكاء الاصطناعي المستندة على تقنيات السحابة، والتي يمكن استخدامها لتقديم تجربة مشاهدة أكثر عمقاً للبث الحي كما تأخذ التجربة المتابع إلى آفاق مختلفة تماماً، أو الجيل الثاني للمشاهدة كما يقول الخبراء، وضمن هذه الرؤية يمكن أن يحصل الجمهور على تنبؤات في الوقت الحقيقي عن احتمالات تسجيل هدف ما ومتى يمكن أن يتحقق هذه الأمر، بالإضافة إلى تحليل وتسليط الضوء على كيفية سيطرة فريق ما على أرض الملعب والكثير من تلك اللمحات غير التقليدية.
ونشر موقع" The Conversation" البريطاني منذ عامين تقريرا تفصيليا عن الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن لمدربي كرة القدم الاستفادة منه، وقد بنى التقرير على تحليلات لبوب برادلي وهو عالم مختص في الشئون الرياضية في جامعة جون موريس بمدينة ليفربول الإنجليزية، وآندي لوز مدير البرامج في قسم علوم الحاسب بالجامعة ذاتها، بالإضافة لجاك آيد الذي يقوم بدراسات عليا في نفس الجامعة عن الذكاء الاصطناعي.
وكان الهدف الأساسي من التقرير شرح الكيفية التي يمكن من خلالها لمدربي كرة القدم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة حركة اللاعبين داخل الملعب، بشكل أكثر فاعلية.
ويقول التقرير إن الهدف من الذكاء الاصطناعي في جزئية كرة القدم، ليس فقط الاكتفاء بالكشف عن المسافة التي قطعها لاعب خلال مباراة، إنما تفسير أسباب بذل هذا المجهود، ومن ثم ستكون لدى المديرون الفنيون القدرة على معرفة هل يلتزم اللاعبون بالخطة الموضوعة أم لا.
وأشار التقرير إلى أن هذه التقنية بات مأمولا أن تفسر مجموعات المعلومات والإحصائيات البدنية والتكتيكية الخاصة باللاعبين، ومن ثم يتم الوصول إلى رؤية أفضل للمدربين واللاعبين والمديرين وعلماء الرياضة.
تقنيات حديثة
طور فريق من مهندسي الكمبيوتر في جامعة لوبورو البريطانية تقنية جديدة للذكاء الاصطناعي يمكنها تقييم أداء لاعبي كرة القدم خلال المباريات، وقد أكد الباحث بايهوا لي رئيس فريق الدراسة أن التقنية الجديدة لقياس أداء اللاعبين تعتمد على معادلات خوارزمية معقدة، ويمكن أن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في الرياضة بشكل عام، لأنها سوف تتيح للأندية سرعة التعرف على اللاعبين الموهوبين وتقييم أدائهم والتعرف على مهاراتهم المختلفة، عن طريق رصد تحركاتهم العضلية خلال المباراة وأسلوبهم في الركض والقفز والتمرير وغير ذلك.
وهناك أيضا نظام الأداء والتتبع الإلكتروني (EPTS) ويتضمن تكنولوجيا يمكن حملها، مثل: الكاميرا التي تستخدم لمراقبة وتتبع وتحليل أداء اللاعب، ويُثبت مكانها بواسطة سترة تقيس المستشعرات المضمنة على الجهاز تفاصيل، مثل: المسافة التي يغطيها اللاعب، وأجزاء الحقل التي قضى فيها اللاعب معظم وقته، ومعدل ضربات القلب وما إلى ذلك.
وكشفت دراسة بريطانية أن الذكاء الاصطناعي سوف يعزز الأداء واتخاذ القرار أثناء اللعب، وسيكون هناك تطبيقات تستخدم أجهزة استشعار في الميكانيكا الحيوية لتمثيل حركات الرياضيين بشكل ثلاثي الأبعاد، وسوف يساعد الذكاء الاصطناعي أيضا في تحديد الراتب المناسب للاعب، كما أنه سيقلل من الإصابة ووقت الشفاء، حيث يقوم علماء في جامعة فلوريدا أتلانتيك بتدريب الآلات على كيفية التنبؤ بوقت التعافي من الصدمات المرتبطة بالرياضة، الناتجة عن ضربة في الرأس، اعتمادا على الآثار الجانبية مثل الصداع النصفي والدوار والتعب.
وتتطلع شركة Boltt Sports Technologies ومقرها الهند إلى إحداث ثورة في السوق الدولية، بعلامتها التجارية للمنتجات القابلة للارتداء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتشمل منتجاتها "أحذية رياضية متصلة" ، وأجهزة تتبع اللياقة البدنية و"مستشعر الخطوات"، فقد تم تصميم الأحذية الرياضية المتصلة بجهاز استشعار خطوات يمكن مزامنته عبر البلوتوث مع تطبيق الشركة، باستخدام الذكاء الاصطناعي يتتبع التطبيق بيانات الأداء، ثم يقدم توصيات بناءً على أهداف المستخدم.
التحكيم
حتى في التحكيم سيكون هناك تقنيات متطورة، فبجانب تقنية الفار سوف تنتشر أيضا تقنية خط المرمى" Goal line Technology" أو" GLT"، والتي تعطي تقييما دقيقا لما إذا كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى أم لا.
وفي 2019، كشفت صحيفة" ميرور" البريطانية أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يدرس مقترحا لاستبدال حكم الراية المساعد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وذكر مصدر بأنه في يوم ما يمكن أن تحل الكاميرا والكمبيوتر محل الحكام المساعدين تماما لتحديد حالات التسلل والرميات الجانبية.
تجربة مصرية
وفي مصر هناك تجربة رائعة، من خلال ما قام به رائد الأعمال علي الفخراني، حيث أطلق منصة لتحليل بيانات اللاعبين، ومساعدة الأندية على التعاقد مع اللاعبين الأنسب لها، والإعداد للمباريات.
درس علي الفخراني إدارة الأعمال وريادة الأعمال في Northeastern University وتخرج في 2015، وعمل في مجالات الخدمات المصرفية وتحليل البيانات قبل أن يسافر دبي ويعمل محللا للاستثمار، ثم عاد إلى القاهرة في 2017 ليؤسس الشركة مع شركائه هشام أبو ذكري ومحمد أسامة.
وقد تمكن أثناء دراسته في بوسطن من التعرف على مجال البيانات الرياضية من خلال مؤتمر MIT Sloan للتحليلات الرياضية، وعلى الرغم من أن الفخراني لم تكن لديه خبرة سابقة في مجال التكنولوجيا، فقد تمكن من إنشاء مدونة لتحليل البيانات الخاصة بالدوري المصري الممتاز، وهي المدونة التي تحولت بعد ذلك إلى منصة أرقام، حيث تجمع المنصة بيانات كرة القدم وتحللها وتعرضها على الأندية والوكلاء والمشجعين والعلامات التجارية واللاعبين، وتجمع الشركة الناشئة أكثر من 5000 نقطة بيانات في كل مباراة بما في ذلك كل تسديدة وتمريرة ولمسة تحدث في ملعب كرة القدم.
وبدأ فريق العمل في بناء سوفت وير يدخل على كل المواقع المتخصصة في كرة القدم في العالم من أجل تجميع البيانات، وعملوا مع أندية انبي والمقاصة، وتقوم المنصة بعمل تحليل أو تقرير للمباراة التي سيلعبها الفريق، بجانب تحليل لأداء الفريق، بجانب تقرير كل أسبوع لتحليل فريق الخصم، وتحديد أحسن اللاعبين وكيف ينفذون الكرات الثابتة وغيرها من البيانات الهامة، وهناك تقرير كل شهر بالاجتماع مع المدرب لمعرفة اللاعبين الذين يمكن للنادي شرائهم.
وبعد ذلك قام فريق العمل بتطوير المنصة وتصميم البيانات بشكل يجعلهم يقيسون العديد من العوامل المفيدة، بجانب تطوير الجودة، وبدأوا يهتمون بكل فعل في المباراة سواء كان هجوميا أو دفاعيا.
تطور كبير
ويقول نبيل بهاء الدين- متخصص في الإعلام الرقمي-: لا يخفى على جمهور كرة القدم أو الرياضة بشكل عام التطور الكبير الذي طرأ على الرياضات بجميع أنواعها، فأصبح الذكاء الاصطناعي جزأ لا يتجزأ من الألعاب الرياضية المختلفة، فقد بات الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة الوسيلة الأحدث والأكثر تنظيما ووعيا، لتحليل أداء لاعبي كرة القدم داخل الملعب بشكل أفضل، بجانب وضع الاستراتيجيات والتحليل ورفع كفاءة اللاعب، واتخاذ قرارات قد تغير قواعد اللعبة، ومن خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن للمدرب أن يمتلك القدرة على تحليل البيانات وتحقيق أقصى رؤية واستفادة منها، واختيار لاعبي الفريق أو شراء لاعبين جدد، ولا يقتصر استخدام تلك التقنيات على الأندية المحترفة، حيث تم تطبيقها في نادي" ليذرهيد" الإنجليزي، وهو يلعب في دوري المناطق شبه المحترف، وقررت الإدارة استخدام التقنيات الحديثة لوضع الخطط الاستراتيجية للفريق، وفهم المنافسين بشكل أفضل، وتعاونت مع شركة IBM عملاق التكنولوجيا لاختبار أنظمة" واتسون" التي تنتجها الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتقوم هذه التقنية بفحص تقارير المباريات لجمع المعلومات وتحليل أداء الفرق المنافسة.
ويضيف قائلا: تتضمن أنظمة الأداء والتتبع الالكترونية EPTS الحديثة أجهزة تعتمد على الكاميرات، ويتم ارتداؤها ضمن الملابس الرياضية، وتستخدم لمراقبة الأداء وتحليله في الملعب، ويتم وضع هذه الأجهزة في منطقة عظام الكتف وتثبيتها في المكان من خلال السترة التي يرتديها اللاعب، وتقيس هذه المستشعرات الموجودة بالجهاز مجموعة من التفاصيل مثل المسافة التي قطعها اللاعب، وأجزاء الملعب التي قام بتغطيتها ومعدل ضربات القلب وغير ذلك.