على الرغم من الضغوط التى عاشها ويعيشها العاملون فى القطاع الصحى بسبب انتشار فيروس كورونا، وتأثير ذلك على باقى المرضى إلا أن مسار العمل فى منظومة التأمين الصحى، والتى تم تفعيلها فى بورسعيد، يسير بصورة ناجحة كما تظهر التقارير والبيانات، كما أن خطط تسجيل واعتماد المنشآت الطبية فى الأقصر وأسوان والإسماعيلية وباقى محافظات المرحلة الأولى تسير وفقا للخطة بفضل التنسيق الناجح بين الهيئات المختلفة المسئولة عن ملف التأمين الصحى، حيث يتم تهيئة وتطوير المستشفيات والوحدات الصحية وتدريب الكوادر الطبية واعتمادها ضمن منظومات التأمين الصحى الشامل.
بداية يقول الدكتور أشرف إسماعيل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية التابعة لرئاسة الجمهورية إن العدد الإجمالى حاليا للمؤمن عليهم فى بورسعيد 670 ألف مواطن، جميعهم يتلقون خدمات التأمين الصحى منذ بدء تفعيلها وحتى الآن، والواقع أنه رغم وباء كورونا والإجراءات الاحترازية وتقليل نسب الكثافة فى مواقع العمل وتحويل عدد من المستشفيات الطبية لمراكز عزل لعلاج المصابين بالفيروس إلا أن كل تلك المعوقات لم تؤثر على مستوى وجودة الخدمات العلاجية فى بورسعيد والموجهة لمرضى التأمين الصحى وأسرهم. وعلى العكس فلقد نجحت منظومة التأمين الشامل فى بورسعيد فى علاج كل المرضى وإنهاء كل قوائم الانتظار بعد أسابيع قليلة من تفعيل المنظومة. كما تم تطوير الخدمات الطبية واعتماد جراحات وخدمات متخصصة لم تكن متوافرة من قبل فى بورسعيد مثل علاج أورام العظام والدم والغسيل الكلوى للأطفال وغيرها، ومن خلال التقييم الكمى والنوعى فإن مستوى الخدمات الطبية تحسن بصورة كبيرة فى المحافظة بعد تفعيل نظام التأمين الصحى الشامل وتنسيق العمل بين الهيئات الثلاث وهى هيئة التأمين الصحى المسئولة عن تمويل المنظومة وهيئة الرعاية الصحية المسئولة عن تقديم الخدمة وهيئة الاعتماد والجودة المسئولة عن وضع المعايير واعتماد المنشآت الطبية ومتابعة مدى رضاء المواطنين عن الخدمة والاستجابة لحل المشكلات.
ويشير الدكتور أشرف إلى أنه فى السابق كان مرضى التأمين الصحى أو العلاج على نفقة الدولة يسافرون لأقرب محافظة توفر تلك الخدمات الطبية للحصول عليها، كما حرصنا طوال الأشهر الماضية على متابعة ردود فعل المواطنين ومدى رضائهم عن الخدمات الطبية، حيث تشير البيانات إلى أنها فى تحسن مستمر، فكل المنشآت الطبية للتأمين الصحى متصلة ببعضها البعض، كما تم إتاحة نظام للتسجيل الإلكترونى والإحالة من الوحدات لمراكز الرعاية الصحية الأساسية والمستشفيات إضافة إلى إتاحة قوائم الخدمات الطبية على اختلاف مستوياتها بدءا من الكشف والتشخيص حتى التدخل العلاجى والجراحى وحفظ كل ملفات المرضى وتاريخهم المرضى هم وعائلاتهم. باختصار ما نشهده فى بورسعيد هو التطبيق الصحيح لمفهوم طب الأسرة.
حقوق المرضي
وحول مدى استجابة مرضى التأمين الصحى لنظم الحجز لتلقى الخدمة العلاجية يقول د. أشرف إسماعيل إن مواطنى بورسعيد أثبتوا بالتجربة وعيهم الكبير بنظم التسجيل الإلكترونى ومتابعتهم لحقوقهم، ونظرا لنجاح المنظومة أصبح من النادر تلقى مشكلة متعلقة بالصحة وفقا لما أكده محافظ بورسعيد.
ويقول د. إسلام أبو يوسف نائب رئيس هيئة الاعتماد إن ما يدل أيضا على نجاح الخدمة الطبية أنه لا يوجد حاليا أى قرارات علاج على نفقة الدولة فى بورسعيد لنجاح منظومة التأمين الصحى فى تغطية كل احتياجات المرضي. إضافة لذلك، فلقد تم توفير عدد من الجراحات المتخصصة والخدمات الطبية التى لم تكن موجودة من قبل فى بورسعيد وكان المرضى يضطرون للسفر لأقرب محافظة تتوافر بها تلك الخدمة. هذا الأمر تم التغلب عليه، حيث توافر على سبيل المثال الغسيل الكلوى للأطفال وجراحات العظام وتغيير المفاصل، كذلك تم توفير الاستشاريين المتخصصين فى مجالات مثل علاج أورام الدم والعظام وجراحات العيون المتقدمة. ويجب الإشارة إلى أنه عند إجراء أى جراحة ضمن مظلة التأمين الصحى فإن كل المتطلبات الطبية تكون متوفرة بفضل جهود هيئة الشراء الموحد ولا يتكلف المريض أو أسرته أى نفقات.
منظومة الشكاوى
وعن مدى تفاعل وحل شكاوى المرضى تقول الدكتورة نانسى عبد العزيز رئيس الإدارة المركزية للرقابة الصحية بهيئة الاعتماد إنه يتم متابعة عدد الشكاوى التى يتلقاها التأمين الصحى شهريا إضافة إلى درجة رضاء المواطنين عن الخدمات الطبية، ويتم القيام بعدة أنشطة لمتابعة كفاءة نظام التأمين الصحى ومدى رضاء المتعاملين عن الخدمة المقدمة، حيث نقوم بزيارات للمنشآت الطبية والتدقيق ومتابعة مستوى الخدمات المقدمة إضافة إلى دعم ومتابعة المشكلات التى يواجهها المرضى وكيف يتم التعامل معها وسرعة الاستجابة لحل المشكلات، كما نرصد أيضا مدى رضاء المواطن عن خدمات التأمين الصحى، حيث نقوم برصد رضاء عينات عشوائية من المرضى والمترددين على المنشآت الطبية، ونقوم بسؤال مئات المرضى شهريا عن معاملة الفرق الطبية لهم ومدد الانتظار ومستوى الخدمة الطبية وآليات الحجز للكشف الطبى والمعوقات التى قد يواجهها المرضى ودرجة تجاوب المستشفى مع استفسارات المرضي. كما نجرى أيضا استطلاعات الرأى عبر الهاتف.
وتضيف الدكتورة نانسى إنه بشكل عام تتلقى هيئة الرعاية الطبية 300 شكوى، ويتم حل 95% منها خلال أقل من 48 ساعة، أما باقى المشكلات التى قد تطلب مراجعة ملف المريض والرجوع للفريق الطبى فإنه يتم دراستها وحلها فى الوقت المناسب، ذلك المؤشر يظهر درجة ثقة المواطنين فى الخدمة العلاجية وسرعة حل مشكلات المواطنين، وفى بعض الحالات تكون المشكلات مرتبطة بعدم إلمام المواطنين بنظام الحجز الإلكترونى للكشف الطبى، وهو ما نقوم بعلاجه من خلال حملات التوعية بطرق التسجيل مع مراعاة الشرائح العمرية الكبيرة فى السن والتى فى كثير من الحالات يتم استثناؤهم وتقديم الخدمة العلاجية لهم بمجرد وصولهم للمستشفي، ووفقا للبيانات الدورية التى يتم تجميعها من المرضى والمترددين على المنشآت الطبية فإن متوسط رضاء المرضى عن الخدمات الصحية كان 66% أول العام، ووصل فى شهر أغسطس الماضى إلى 94%. أما عن رأى المرضى فى المنظومة على مستوى نظام التسجيل والوصول للخدمات الطبية من كشف وعلاج، ونظافة المستشفيات، وجودة خدمة الرعاية الصحية، والخدمات التشخيصية من معامل الأشعة والتحاليل فنسبة الرضاء العام تتخطى 85%.
وحول تأثير الإجراءات الاحترازية بسبب عدوى فيروس كورونا على جودة الخدمات فى مستشفيات التأمين الصحى أوضحت د. نانسى أنه مع أخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل التزاحم فى المستشفيات ونقل العدوى فلقد تم تنظيم مواعيد الكشف الطبى لأصحاب الأمراض المزمنة، بحيث يجرى الكشف الطبى ويحصلون على أدويتهم الشهرية، وبشكل عام فإن رضاء المتعاملين مع منظومة التأمين الصحى فى تصاعد منذ شهر فبراير حتى الآن، كما أن أداء المستشفيات فى تحسن.
تجربة بورسعيد
وأوضح د. أشرف إسماعيل أننا كهيئات مسئولة عن التأمين الصحى اكتسبنا خبرة كبيرة من واقع تجربة بورسعيد على مدى الأشهر الماضية وهو ما يتم الاستفادة به لتطبيق المنظومة فى باقى محافظات المرحلة الأولى، فعلى سبيل المثال من المهم أن تسير كل مراحل بالتوازى من تجهيز للمبانى وشراء الأجهزة الطبية وتدريب وإعداد القوى البشرية ووضع البروتوكولات وسياسات العمل لتقديم الخدمة الطبية. كما يتم أيضا تفعيل عقود الصيانة الدورية للأجهزة الطبية، ويتم التقييم المبدئى للمنشآت الطبية قبل استلامها للحد من هدر الأموال وتنفيذ الخطط المقررة من الدولة فى التوقيتات المحددة .
وعن تحديات تطبيق منظومات التأمين الصحى فى المحافظات الريفية يقول د. إسلام أبو يوسف نائب رئيس هيئة الاعتماد إن معايير الخدمات الطبية التى وضعناها قابلة للتطبيق على كل المحافظات، أما فيما يتعلق بالتفاوت التكنولوجى ونقص الكوادر والخبرات الطبية فى بعض المحافظات أوضح أن الدولة تعمل حاليا على تطوير خدمات البنية التحتية وإتاحة الأجهزة الطبية الحديثة. كما أننا نعمل على تدريب الكوادر الطبية وفرق التمريض لفهم معايير جودة الخدمة الطبية. ويجب ألا ننسى أن هناك نماذج لمستشفيات كثيرة ناجحة فى صعيد مصر والفرق الطبية، وكوادر التمريض بها على كفاءة عالية مثل مستشفى د. مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب بأسوان ومستشفى شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالأقصر، إلى جانب جودة الخدمات والكوادر العاملة فى مستشفيات أرمنت والعديسات وإسنا الحكومية والتى تقدم خدمات طبية جيدة بل أفضل من مستشفيات القاهرة لحرص ورغبة الكوادر فى التعلم والتطوير.
خطوات على الطريق
ويضيف د. أشرف إسماعيل إنهم يعملون فى باقى محافظات المرحلة الأولى ومنها الأقصر والإسماعيلية وجنوب سيناء والسويس وأسوان، حيث يقومون بتدريب وإعداد الكوادر الطبية وتسجيل المنشآت ووحدات الرعاية الصحية. كما يتم تهيئة وتدريب الكوادر وتفعيل نظم الإحالة من الوحدات الصحية إلى المستشفيات. وحتى الآن هناك 281 منشأة طبية متقدمة للتسجيل و48 منشأة مسجلة بالفعل و16 منشأة معتمدة إضافة إلى تسجيل 2415 من أعضاء المهن الطبية والاستشاريين بمنظومة التأمين الصحى الشامل هذا بخلاف التعاقد مع المستشفيات الخاصة والأهلية ومعامل الأشعة والتحاليل ،أما ما نهدف له فى المرحلة المقبلة فهو أن نفعل فى مصر معايير الطب المبنى على الدليل، هذا المسار سيسهم فى تعزيز قرار الطبيب لاختيار المسار العلاجى الأمثل لكل مريض وفقا لمعطيات كثيرة منها أن يكون العلاج المقترح هو الأفضل للمريض والأكثر فاعلية فى التغلب على المشكلة الصحية، وهو ما سيسهم فى تطوير الخدمات الطبية دوريا ورفع جودة المنشآت الطبية على مستوى كل محافظات مصر.
عمره 95 عاما ويستبدل صماما بنجاح
بصوت يملؤه التفاؤل وحب الحياة رد عم فهمى على مكالمتى مرحبا وسعيدا بالحديث ل"الأهرام" عن تجربته مع التأمين الصحي. فقبل عدة أشهر كان فهمى يعقوب (95 سنة) يعانى من مضاعفات صحية شديدة وصعوبة فى التنفس، الأمر الذى دفع ابنته منى إلى عرض حالته على الأطباء والاستشاريين الذين اكتشفوا ضيقا شديدا فى الصمام الأورطى ما يستدعى تدخلا طبيا عاجلا. ولخطورة إجراء جراحة قلب مفتوح وضعف النتائج من إصلاح الانسداد لم يكن أمام عم فهمى سوى تغيير الصمام من خلال القسطرة العلاجية. ذلك التدخل العلاجى كان يمثل خطورة على الرجل الكهل، وتتذكر ابنته منى معاناتها مع والدها عم فهمى، ومع إعلان الدولة البدء فى تنفيذ منظومة التأمين الصحى الشامل فى بورسعيد وافتتاح مستشفى النصر التخصصى شهدت المدينة توافر مستوى مميز من الخدمات الطبية، مما شجع الأسرة على إجراء القسطرة والتى تمت بنجاح ليعود عم فهمى لمنزله سعيدا.
نقلا عن صحيفة الأهرام