Close ad

ثالث امرأة تترشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكى.. «كامالا هاريس» هل تنجح فيما فشلت فيه الأخريات ؟

17-8-2020 | 16:20
ثالث امرأة تترشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكى «كامالا هاريس هل تنجح فيما فشلت فيه الأخريات ؟السيناتور كامالا هاريس
فاطمة محمود مهدى

«المدافعة الشرسة عن الضعفاء وأحد أفضل من عملوا فى الخدمة العامة»...بهذه الكلمات وصف جو بايدن ،المرشح الديمقراطى للرئاسة الأمريكية، السيناتور كامالا هاريس عند إعلان اختيارها نائبة له فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر عقدها 3 نوفمبر المقبل. ويعد اختيار هاريس اختيارا تاريخيا لكونها أول امرأة صاحبة بشرة سمراء وذات جذور إفريقية وآسيوية تخوض الانتخابات على منصب رئاسى رفيع المستوى فى الولايات المتحدة .

موضوعات مقترحة

و نجحت سيدة الدوائر القضائية القوية - كما يطلق عليها - فى حسم المنافسة لمصلحتها لما لها من رصيد سياسى كبير يمكنها من خوض انتخابات قد تجعلها فى يوم من الأيام رئيس أمريكا الفعلى حال فوز بايدن فى الانتخابات، وهذا ما قاله بالفعل المرشح الديمقراطى حيث أعلن، أن الشخصية التى سيختارها لتولى منصب نائب الرئيس يجب أن تكون على توافق تام معه فى ما يتعلق بالفلسفة السياسية، وأن تكون مستعدة لتولى الرئاسة منذ اليوم الأول. وأوفى بايدن بتعهده باختيار امرأة على بطاقته الانتخابية نائبة له، واستجاب للضغوط المطالبة باختيار سيدة سمراء، بسبب الدور الكبير الذى لعبه الناخبون من أصل إفريقى فى فوزه بورقة الترشيح والاستفادة من الاحتجاجات العارمة ضد عنف الشرطة والعنصرية على مقتل جورج فلويد.

وتحققت التوقعات باختيار هاريس السيناتور عن ولاية كاليفورنيا، بعدما التقِط المصورون عبارات «موهوبة» و«احترام كبير لها» ولا تحمل ضغينة تحت اسم هاريس فى المفكرة التى كان يحملها بايدن بيده، وهو ما يؤكد أنها سوف تكلف بأدوار مهمة فى المعركة الانتخابية .

وهناك ثقة فى اختيارها بالرغم من رفض عدد من أعضاء الدائرة الداخلية لبايدن لها، لانتقادها لبايدن فى المناظرة التى جمعت بينهما فى 2019، وخاصة حول مواقفه من سياسات التمييز العنصرى فى السبعينيات، وعدم تعبيرها عن الندم بشكل كاف بعد انتقاده، كما حذروه من كونها مرشحة طموحة جدا.

وفى أول رد فعل لكامالا بعد اختيارها قالت:« جو بايدن قادر على توحيد الشعب الأمريكى لأنه أمضى حياته فى النضال من أجلنا، وعندما سيصبح رئيسا سيجعل أمريكا ترتقى إلى مستوى تطلّعاتنا»، فقد قامت كامالا بمجهود كبير لدعم بايدن. وبالرغم من كونها ترشحت للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020،لكنها انسحبت فى ديسمبر الماضى، وقالت لأنصارها في رسالة بالبريد الإلكترونى، إن حملتها الانتخابية لم تجد ببساطة الموارد التي تحتاجها للاستمرار وأنها ليست مليارديرة. ورد عليها الرئيس الأمريكى ترامب ساخرا: «يا للأسف.. سنفتقدكِ كامالا!». وردت عليه بقولها:«لا تقلق سيدى الرئيس. سألقاكم فى محاكمتكم » .

وبالرغم من هذا الاختلاف والخصومة الشرسة بينهما، فإن ترامب صرح منذ أيام بأن هاريس اختيار جيد، لبايدن إذا أصبحت نائبة له، ولكنه فى ذات الوقت قال إن بعض الرجال قد يشعرون بـالإهانة من تعهد المرشح الديمقراطى باختيار امرأة لمنصب نائب الرئيس فى الانتخابات الرئاسية، وحرص على التقليل من أهمية النائب قائلا: «الناس لا يصوتون لمنصب نائب الرئيس بتاتاً، يمكنك اختيار جورج واشنطن أو إبراهام لينكولن القادم من بين الأموات، إنهم ببساطة لا يصوتون لنائب الرئيس».

وذلك ليؤكد أن نائب الرئيس لن يؤثر على مجرى الانتخابات، وهو منطق يرفضه الديمقراطيون، على اعتبار أنه حال فوز بايدن فإن الحزب الديمقراطى هو من سيحكم البلاد من خلال الرئيس والنائب الذى قد يكون هو الرئيس الفعلى نظرا لتقدم سن بايدن 77عاما، وحالته الصحية التى جعلته يرى نفسه مرشحا انتقاليا ولن يسعى لولاية ثانية حال فوزه بالانتخابات.

«كامالا، ربما تكونين الأولى بين من ينجز أشياء كثيرة اعملى على ألا تكونى الأخيرة» هذه كانت نصيحة والدة هاريس خلال الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين. وأشارت هاريس (55 عاما) إلى أنها تعتمد على هذه النصيحة فى مشوار حياتها، ونائبة بايدن متزوجة من المحامى دوجلاس أمهوف ولم تنجب أولاد، وفى 2019 قدرت ثروة هاريس وزوجها نحو 58 مليون دولار.

هاريس الهندية من أصحاب البشرة السمراء، اعتادت منذ صغرها، على ارتياد كنيسة السود المعمدانية وأحد المعابد الهندوسية، وقد انفصل والداها عندما كانت فى السابعة من عمرها، ومنحت الأم شيمالا حضانة الطفلتين، وتعرضت هاريس للعنصرية منذ الصغر، فقد ذكرت أنه لم يكن من المسموح لأطفال الجيران أن يلعبوا معها ومع شقيقتها،لأنهن من أصحاب البشرة السمراء.

وانتقلت هاريس عندما بلغت الثانية عشرة من عمرها مع عائلتها من بركلى إلى مونتريال وتخرجت من المدرسة الثانوية عام 1981فى مقاطعة كيبك الكندية، والتحقت بعدها بجامعة هوارد في واشنطن، باختصاص الاقتصاد والعلوم السياسية، و انتُخبت لعضوية مجلس طلاب الفنون الليبرالية، وتظاهرت ضد الفصل العنصرى، وانضمت إلى المنظمة النسائية«ألفا كابا ألفا»، ثم عادت إلى كاليفورنيا، حيث حصلت عام 1989 على درجة الدكتوراه في القانون، وانضمت عام 1990 إلى نقابة المحامين، و انطلاقا من إيمانها بأن العالم بحاجة إلى مدعين عامين أكثر وعيًا اجتماعيًا، قررت هاريس البحث عن وظيفة تمكنها من تطبيق القانون، لأنها أرادت أن تكون موجودة على الطاولة حيث يتم اتخاذ القرارات، وعملت كنائب للمحامى العام في مقاطعة ألاميدا، وتخصصت فى محاكمات الاعتداء الجنسى على الأطفال، وقضايا الاتجار بالمخدرات وعنف العصابات.

وبدأت مشوارها السياسى منذ عام 1994 وقدمها ويلى براون رئيس جمعية ولاية كاليفورنيا إلى المجتمع السياسى، وعينها براون فى لجنة طعون التأمين ضد البطالة، ثم هيئة كاليفورنيا للرعاية الطبية، و ترقت فى عملها لتصل في عام 2004 إلى منصب محامي المقاطعة ثم انتخبت في عام 2010 بمنصب المدعي العام في كاليفورنيا، لتصبح أول امرأة وأول أمريكية من أصل هندى تصل لهذا المنصب.

واشتهرت بخطابها الذي ألقته في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام 2012 الذي رفع من مكانتها على مستوى البلاد، وسطع نجمها و أعلنت في عام 2015 ترشحها لمجلس الشيوخ، واهتمت بالإصلاحات في مجال الهجرة والعدالة الجنائية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وحماية حقوق المرأة الإنجابية، و فازت في الانتخابات عام 2016، وتشغل منذ عام 2017 منصب سيناتور عن ولاية كاليفورنيا في مجلس الشيوخ الأمريكى.

وعملت هاريس في اللجنتين القضائية والاستخبارات، وقد اشتهرت بأسلوبها القضائي في استجواب الشهود خلال جلسات الاستماع ، خاصة استجواب مرشحي ترامب في مجلس الشيوخ التي أثارت انتقادات من أعضاء المجلس من الجمهوريين.

واختيار هاريس، التى أكدت انها ستكون شريكا في البيت الأبيض بدلا من أن تكون منافساً على السلطة ،يجعلها ثالث امرأة تترشح لهذا المنصب حيث لم تُرشح قبلها سوى امرأتين فقط هما :جيرالدين فيرارو في عام 1984 مع الديمقراطي والتر مونديل، وسارة بالين في عام 2008 كنائبة للمرشح الجمهورى جون ماكين، والاثنين لم يحالفهما الحظ بالفوز.

وتشبه فيرارو كامالا فى كونها من الحزب الديمقراطى ، محامية وسياسية ونائبة فى مجلس النواب الأمريكى، كما انضمت إلى مكتب المدعي العام لمقاطعة كوينز عام 1974. واهتمت ايضا بالجرائم الجنسية وإساءة معاملة الأطفال والعنف المنزلى، كونها رئيس مكتب الضحايا الخاص . ركزت خلال عملها كنائبة في المجلس على إقرار التشريعات المنصفة للمرأة في مجالات الأجور والمعاشات التقاعدية . وفى عام 1984اختارها المرشح الرئاسى ونائب الرئيس السابق والتر مونديل لتكون مرشحته لمنصب نائب الرئيس فى سابقة كانت الأولى من نوعها ، وكانت فيرارو أمريكية إيطالية، وواجهت مصاعب حول ما أثير عن ثروتها وثروة زوجها رجل الأعمال وحملات التمويل وبياناتها الصادرة عن الكونجرس ، وتعرض مونديل وفيرارو لهزيمة ساحقة أمام الرئيس رونالد ريجان ونائبه جورج بوش الأب، ولم تتوقف مسيرة فيرارو السياسية بل حاولت الحصول على مقعد فى مجلس الشيوخ عن نيويورك عامى 1992و1998ولكنها لم توفق، وخلال إدارة الرئيس بيل كلينتون عينت سفيرة للولايات المتحدة في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، واستقالت من حملة هيلارى كلينتون الانتخابية 2008، إثر تلميحات عنصرية أدلت بها . وكانت فيرارو قد قالت «لو كان أوباما رجلا أبيضا لما وصل إلى حيث هو الآن، ولو كان امرأة من أى عرق لما وصلت إلى حيث هو الآن»، وعلى الرغم من أن كلينتون نأت بنفسها عن تلك التصريحات، فإن فيرارو لم تتراجع عنها. وانتهت مسيرتها كسياسية وصحفية وسيدة أعمال بوفاتها فى مارس 2011.

أما سارة بالين مرشحة الحزب الجمهورى في الانتخابات التي جاءت بباراك اوباما إلى البيت الأبيض في عام 2008، فهى أصغر وأول امرأة يتم انتخابها حاكمة لولاية ألاسكا عام 2006، ولقد رفضت بالين تحمل مسئولية هزيمة المرشح الجمهورى جون ماكين، واعتبارها عامل إعاقة، نظرا لمواقفها السياسية حيث إنها كان تدعو إلى انفصال ألاسكا عن الولايات المتحدة. بالإضافة إلى قولها إن الحروب التى تقوم بها أمريكا حروب مقدسة بأمر إلهى. كما أثار حمل ابنتها المراهقة خارج إطار الزواج استياء المحافظين ، وفى عام 2009 قدمت استقالتها من منصب حاكمة الاسكا دون ذكر أسباب ، لكنها ظلت شخصية سياسية بارزة، ، وفى عام 2016، كانت الداعم لدونالد ترامب الذي ناضل بقوة من أجل الفوز بتأييدها.

وترشيح كامالا للمنصب يرفع مكانة جيل الشباب لتولى مناصب قيادية داخل الحزب الديمقراطى، وخلفيتها متعددة الأعراق تكمل صورة بايدن كرمز لأمريكا المتغيرة، كما أنها تعمل بجد كبديل لبايدن في الأشهر الأخيرة، حيث شاركت في كل شيء بدءًا من أحداث السياسة الافتراضية مع الناخبين في المقاطعات المتأرجحة عبر الإنترنت، إلى جمع التبرعات للحملة، ويعد إصلاح العدالة الجنائية وتحسين الرعاية الصحية للأمريكيين السود والعمل على معالجة عدم المساواة في البلاد، ومكافحة العنصرية خاصة في ظل أزمة كورونا والركود الاقتصادي في البلاد، أهم المحاور التى تركز عليها لكسب ثقة الناخبين.

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة