في إطار التطور التكنولوجي الملحوظ في العالم هناك بعض المهن سيتم الاستغناء عنها، وقد ألف الكاتب الشهير بوغليانو مجموعة من الكتب التحفيزية، من بينها "الروبوتات قادمة: دليل نجاة الإنسان لتحقيق الأرباح في عصر الرقمنة"، وتشمل قائمته للمهن المهددة مهنا تعتبر آمنة حتى الآن، إذ تتطلب عمالة متعلمة ومدربة، مثل الطب والقانون، يعتقد الخبراء أن 50% من المهن المتوافرة حاليا ستصبح شيئا من الماضي بحلول عام 2030، في ظل الذكاء الصناعي الذي سيحدث تحولاً كبيرًا في طرق أداء المهن.
و يشير التقرير الذي أعدته شركتا " سي بي آر إي" و"جنيساس" الصينية إلى أن 50 % من المهن الموجودة اليوم سوف تختفي تماما بحلول عام 2030 حيث سيتحول الناس إلى امتهان المهن الأكثر إبداعًا وإنتاجية، واعتمد التقرير الذي جاء بعنوان" إلى الأمام سريعا 2030: مستقبل العمل وأماكن العمل" على مقابلات شخصية مع 200 من الخبراء وقيادات الأعمال والشباب من آسيا الباسفيكية وأوروبا وأمريكا الشمالية، وتأتي أبرز المهن ستنقرض خلال السنوات القادمة: "موظف حجز تذاكر السفر، موظف ساعي البريد، المدرسون، السائق الخاص، الطيارون، مراسلو الصحف، عمال المصانع، الوسطاء العقاريون، قارئو العدادات، المحاسبون والمحاليون الماليون، ويقول جوناثان غرودين، الباحث بشركة مايكروسوفت" ستحدث التقنية خلخلة في الوظائف ولكنها ستستحث المزيد من فرص العمل"، وسيحتاج عدد متنام من الوظائف في المستقبل إلى إبداع وذكاء ومهارات اجتماعية وقدرة لمواكبة الذكاء الصناعي، وسيمهد كل ذلك طريقًا للسعادة وتحقيق الذات للكثير من الناس، وفقًا للتقرير.
أما المهن التي لن تستطيع الحاسوبات والروبوتات أن تحل محل ممارسيها من البشر فهي: أطباء العظام، وعلماء الكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية، ومهندسو الإلكترونيات ما عدا مهندسي الحاسوبات، والدعاة والموجهون وعلماء الدين، والمشرفون بدور الإصلاح، والمديرون الفنيون، السينمائيون، وأطباء تقويم العظام، ومصممو الديكور الداخلي، والمخرجون والمنتجون السينمائيون، والمصورون، وخبراء العلاج الطبيعي، ومصممو الأزياء، ومهندسو المواد، وعلماء المواد، وخبراء النبات والتربة، وأطباء التشخيص العلاجي، والمهندسون المدنيون، وفنيو العلاج الطبيعي، والمعماريون، ومهندسو البيئة.
"بوابة الأهرام" تستعرض آراء الخبراء والمختصين في مجال التكنولوجيا لتوضيح كيف يمكن تطوير المهن المهددة بالإنقراض في ظل التطور التكنولوجي.
العنصر البشري
في البداية يقول الدكتور حمدي الليثي نائب رئيس غرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن التكنولوجيا الحديثة لن تقضي على بعض المهن أو اختفائها والقضاء على كم هائل من المواظفين، هذا الكلام ليس له أساس من الصحة ولكن لا يمكن إنكار أن هناك بعض المهن الرتيبة والتي تعتمد على الروتين هي ستختفي وهي المهن التي تتطلب عمل مكرر بنفس الأسلوب التي سوف يحل محلها "الربوت" والمهن الخاصة بالتكنولوجيا والاتصالات، فنحن من قبل تعرضنا لهذا الموقف عند دخول واستخدام الحاسب الآلي والذي اعتقد البعض أنه سوف ينافس العنصر البشري ويكون بديلا له ولكن قد حدث العكس، بل تم توفير وخلق فرص عمل بعد دخول الحاسب الآلي، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي له حدود وإمكانات؛ حيث إنه يساعد على زيادة الإنتاج، ولكن الجودة هناك فمثلا لذلك صناعات الأغذية على الرغم من أن الروبوت سوف نحتاج إلى العنصر البشري لما ورء هذه الروبوبات من برامج دفيفة وبرامج صيانة، ولكن علينا هنا تأهيل العنصر البشري، فمن الممكن أن يحدث تفلص لعمالة في مجال ولكنها سوف تزيد في مجال آخر مواكبة للتكنولوجيا.
المهن الروتينية
وتوضح الدكترة ماريان روفائيل عضو مجلس النواب، نحن في حاجة ماسة إلى معرفة المهن التي سوف تختفي، حتى تكون لدينا جاهزية لتدريب الكوادر لمواكبة هذا التطور التكنولوجي وخلق فرص عمل لما يستجد من مهن ووظائف نظرًا للتطور التكنولوجي، مشيرة إلى أن هناك ما يقرب من 45% من الوظائف سوف تحتفي خلال العشرة أعوام القادمة وغالبا سوف تكون المهن الروتينية حتى السواقة ذاتها سوف تختفي، فهناك 20 مليون سائق على مستوى العالم عليهم أن يبحثوا عن وظيفة أخرى وذلك لعمل السيارات بالروبوت وقد تنم ذلك بالفعل في بعض الدول، فضلا عن الميكنة الزراعية والتي سينتج عنها الاستغناء عن العنصر البشري، كذلك الحجوزات السياحية والتي تتم بالفعل الآن بالحجز الإلكتروني دون تدخل للعنصر البشري؛ حيث يمكننا الآن حجز تذاكر الطيران والإقامة بالفنادق عن طريق الإنترنت دون الحاجة المسبقة للعنصر البشري، كذلك المعاملات البنكية، والطيارين العسكريين، لذلك يجب علينا أن نركز على إعداد كوادر للمهن المستقبلية الناتجة عن إدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
التحول الرقمي
ومن جانبه، يقول النائب عبد الفتاح أمين، أمين سر لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أكد أن التحول الرقمي لا يعني الاستغناء عن الموظفين فسوف يتم نقل 50 ألف موظف للعاصمة الإدارية الجديدة، لافتًا إلى هناك تدريب للموظفين على التكنولوجيا الحديثة والرقمية فهنماك عجز في بعض الوزارات وهناك أيضا زيادة للأعداد الموظفين في وزارات أخرى لذلك كان اتجاة الدولة إلى تدريب العمالة وسد العجز في بعض الوزارات، فضلا عن أن ذلك سوف يزيد من دخل الموظف، حيث إن هناك 5.5 مليون موظف بالجهاز الإداري للدولة طبقا للإحصائيات.
وأكد النائب عبد الفتاح أمين، أن اتجاه الدولة للتحول الرقمي وإدخال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي منذ فنة وقد تم الإعلان عنه فعليا في منتدي شباب العالم الأخير والذي حضرته الربوت "صوفيا"، فهناك الكثير من دول العالم قد سبقتنا في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وذلك لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي، مشددًا على ضرورة إعداد كوادر مدربة للقيام بهذه الأعملا بشكل علمي مدروس فمصر دولة كبيرة ولها تاريخ لذلك كان يجب علينا أن نخطو بهذه الخطوات نحو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي سيخدم الدولة والمواطنين.
الثورة التكنولوجية الخامسة
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور سيد قاسم استشاري الصحة المالية والتطوير المؤسسي، يعيش العالم في ظل الثورة التكنولوجية الخامسة، والثورة الصناعية الرابعة والتي تعد مرحلة تحول عظمى وسيكون من نتاج التحول الرقمي هو عالم رقمي، مواطن رقمي، موظف رقمي، ولقد لوحظ بأن العالم أنفق ما يقرب من 3.1 تريليون دولار من إجمالى إقتصاد العالم ٨٠ تريليون دولار بعام ٢٠١٩ فقط على نهضه التحول الرقمي، مؤكدًا أن شكل العالم سيختلف، أيضا شكل التعامل والتفاعل سيختلف، كذلك شكل أساليب الإنتاج وشكل المنتجات سيختلف، فبين أصحاب المهن الحالية و ثورة التحول الرقمي، نؤكد بأنهم سيواجهون فجوة معلوماتية وتكنولوجية وستكون أمامهم تحديات كبيرة، فضلا عن أنهم سيواجهون خطر فقدان وظائفهم وهذا ليس نتاج نقص في الطلب على منتجات مؤسساتهم، ولكن لأن عملهم ومهنتهم سيتم حوسبتها وستقوم بها التكنولوجيا بدلا من العنصر البشري.
وأضاف، في ظل غياب المهارات التقنية والعلمية بين صفوف الشباب سيعد من أهم أسباب ارتفاع مؤشر البطالة الفترة القادمة المصاحبة لثورة التحول الرقمي، لافتًا إلى أن التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني يحدان من العراقيل التي تعوق الشباب من الالتحاق بالعمل، فيوجد عدة مهن مهددة بالانقراض فى ظل التحول الرقمي منها"الطيار المدنى والحربي، الصراف البنكي، التسويق، المحاسب، الأطباء في تخصصات العلاج بالليزر، خدمات البريد.
مواكبة التغير
وعن كيفية الحفاظ على المهن المهددة بالانقراض في ظل الثورة الرقمية، يرى الدكتور سيد قاسم، في ظل التحول الرقمي بالقطاعات المختلفة تحتاج إلى شخص مبدع وقادر على التفكير والعمل بشكل إبداعي وابتكاري وذو رؤية متفاعلة ومواكبة للتغيير التكنولوجي ومحاكاة للتحول الرقمي، مضيفًا أن الثورة التكنولوجية الخامسة والثورة الصناعية الرابعة ستقضي على ما يقرب من 60% من الوظائف والمهن التقليدية الحالية ولكن أيضا ستعمل على خلق ما يقرب من وظائف جديدة، لذا على الجميع أن يعلم بأنه في القريب سيواجه تحديات ثورة التحول الرقمي.