Close ad

"مدفع الحاجة فاطمة".. تقليد موروث يرجع للعصر المملوكي

15-5-2019 | 15:24
مدفع الحاجة فاطمة تقليد موروث يرجع للعصر المملوكيمدفع رمضان
شيماء شعبان

"مدفع رمضان" من أشهر الطقوس التي ارتبطت بشهر رمضان المعظم منذ أعوام بعيدة في كل أنحاء العالم الإسلامي، وكان مدفع رمضان يستخدم كإعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة عن هذا الموعد، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث يتم إطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس، معلنًا بداية الإفطار خلال شهر رمضان.

موضوعات مقترحة


في العصور الأولى للإسلام كان الأذان هو الوسيلة الوحيدة للإعلان عن الإفطار أو الإمساك في شهر رمضان، وكان يوجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أذانان قبيل الفجر؛ أحدهما للتنبيه للاستعداد للسحور وقيام الليل، والثاني للإمساك عن المفطرات والإعلام بدخول وقت صلاة الفجر، وربما لم تكن الحاجة داعيةً لاستخدام وسيلة أخرى لصِغَر المدن ومحدوديتها آنذاك.

مدفع الحاجة فاطمة
ويحكي أن المدفع ارتبط اسمه بـ"الحاجة فاطمة" ففي سنة 859 هجرية عندما توقف المدفع الذي أطلقه "خوش قدم" على سبيل التجربة عن الإطلاق ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع لكنهم لم يجدوه والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى الحاجة فاطمة ونقلت طلبهم للسلطان فوافق عليه، فأطلق الأهالي اسم الحاجة فاطمة على المدفع واستمر هذا حتى الآن.

6 مدافع
لقد كان في القاهرة حتى وقت قريب 6 مدافع موزعة على أربعة مواقع، اثنان في القلعة، واثنان في العباسية، وواحد في مصر الجديدة، وآخر في حلوان، تطلق كلها مرة واحدة من أماكن مختلفة بالقاهرة، حتى يسمعها كل سكانها وكانت هذه المدافع تخرج في صباح أول يوم من رمضان في سيارات المطافئ لتأخذ أماكنها المعروفة، ولم تكن هذه المدافع تخرج من مكانها إلا في خمس مناسبات وهى رمضان والمولد النبوي وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية وعيد الثورة، وكان خروجها في هذه المناسبات يتم في احتفال كبير حيث تحمل على سيارات تشدها الخيول، وكان يراعى دائما أن يكون هناك مدفعان في كل من القلعة والعباسية خوفا من تعطل أحدهما.

وتوقف مدفع الإفطار عن عمله لفترة، وكانت الجماهير تفطر على صوته المسجل في الإذاعة، إلا أنه عاد مرة أخرى بناء على أوامر وزير الداخلية أحمد رشدي الذي أمر بتشغيله ثانية، ومن المكان نفسه فوق سطح القلعة، طول أيام شهر رمضان وخلال أيام عيد الفطر أيضاً.

جدران القلعة
وقد اعترضت هيئة الآثار المصرية لأن المدفع يهز جدران القلعة، والمسجد، والمتاحف الموجودة في المكان، ووافقت وزارة الداخلية على نقله مرة أخرى من القلعة إلى جبل المقطم القريب أعلى القاهرة، مما يتيح لكل أبناء العاصمة الكبيرة سماعه، وحالياً يقبع مدفعان كبيران على هضبة المقطم للعمل بالتناوب خلال شهر رمضان، وأيام العيد، بينما لا يزال هناك ثالث يقبع أمام متحف الشرطة في منطقة القلعة، وقد انتقلت هذه العادة بإطلاق مدفع رمضان إلى الكثير من محافظات مصر لأنها تضفي البهجة على هذا الشهر الكريم، ويخصص لكل مدفع مجموعة من صف الضباط الأكفاء حتى لا تتقدم أو تتأخر الأوقات ويكون ذلك تحت إشراف الجهات الأمنية.

تجربة إطلاق
يروي الدكتور أيمن فؤاد سيد أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، أن هناك رواية عن ظهور مدفع الإفطار تقول إن والي مصر محمد علي الكبير كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة فانطلق صوت المدفع مدويًا في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه وطلبوا من الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور فوافق وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام، وهكذا استمر مدفع الإفطار عنصرًا أساسيًا في حياة المصريين الرمضانية، حتى إنهم يستمعون إليه يوميًا عبر أثير الإذاعة المصرية والتليفزيون.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: