تعد أزمة قوائم الانتظار إحدى أخطر المشكلات التي تهدد صحة المصريين، إذ إن هذه الأزمة تفاقمت خلال الفترة الماضية نتيجة قلة الأماكن بالمستشفيات ما جعل المرضى في قوائم انتظار تمتد لشهور عديدة حتى يحصلوا على الخدمة العلاجية.
ومن هنا، جاء مشروع التأمين الصحي الجديد، مستهدفًا هذه الأزمة بحلول عاجلة، تمنع قوائم الانتظار، وليوفر خدمة صحية آدمية للمواطنين عبر حزمة إجراءات واضحة وصارمة.
سبب الأزمة
قال الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق، في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، إن قوائم انتظار المرضى في المستشفيات "أزمة تواجه المجتمع وتؤثر على صحة أفراده"، ويرى السبب في وجودها "الكثير من (أشكال) القصور في القطاع الطبي، منها عدم تناسب القدرة الاستيعابية بالمستشفيات مع عدد المرضي، حيث إن عدد أسرّة العناية المركزة وغرف الرعاية نفسها أقل من عدد المرضى المراد علاجهم، وبالتالي لن يتمكن الجميع من إجراء العمليات الجراحية، فيضطر المستشفى إلى مطالبته بالانتظار حتى يتوافر سرير خال، وحينها يتواصل مع المريض ليأتي ويتم إجراء العملية المؤجلة، وهنا تتأثر حياة المريض، فقد تكون هناك حالات عاجلة لا تتحمل الانتظار، وتأجيل الجراحة يشكل خطورة عليها".
وأضاف أن "المستهلكات تتحكم في معدل العمليات" لافتًا إلى أن أسعار مستلزمات جراحة القلب،على سبيل المثال يصل فيها سعر الصمام الواحد إلى نحو 30 ألف جنيه، وجهاز الرئة الصناعية نحو 6 آلاف جنيه، والبالونه الأورطية نحو 25 ألفًا، بالإضافة إلى القوة البشرية تعاني من نقص شديد في بعض المستشفيات".
التأمين الصحي ينهي الأزمة
ويري أستاذ جراحة القلب أن تطبيق قانون التأمين الصحي سيضع نهاية لأزمة قوائم الانتظار، لما يوفره من تمويل، إلا أنه حذّر من "سوء استخدام هذا التمويل"، قائلًا إن "جميع المسئولين السابقين كانوا يولون اهتمامهم بالبناء والتشييد أكثر من توفير الأجهزة والآليات والقوة البشرية"، مضيفًا: "نهدر الكثير من الأموال المخصصة لتطوير القطاع الطبي بلا فائدة.. علينا الابتعاد عن المظاهر والاقتداء بالدول المتقدمة".
وأكد أن "المريض لم يكن مسئولية مؤسسة بعينها، وإنما هو مسئولية مجتمعية"، مطالبًا بضرورة الرقابة على تفعيل قانون التأمين الصحي والتطبيق الصحيح له، ومتابعة خطوات الحكومة في حل أزمة قوائم الانتظار والعمل لصالح الوطن والمواطن.
إستراتيجية لنهاية قوائم الانتظار
قامت الدولة باتخاذ خطوات نحو حل أزمة قوائم انتظار المرضى والعمل على إنهائها، للحفاظ على حياة مواطنيها، حيث تقوم وزارة الصحة هذه الفترة بتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الطبية المتاحة، وتوفير المستلزمات الطبية للجراحات المختلفة، فضلًا عن توفير القوى البشرية المدربة من أساتذة الجامعات واستشاريي وزارة الصحة، وفنيين وتمريض، والتعاون مع مستشفيات الجامعات المصرية، بالإضافة إلى أنه جار العمل على ميكنة قوائم الانتظار من أجل التوزيع العادل للمرضى على المستشفيات، وتدشين موقع إلكتروني لتسجيل بيانات المرضي المسجلين بقوائم الانتظار بالرقم القومي، لإعادة توزيعهم على المستشفيات ذات الكثافة الأقل، كما أنه سيتم استخدام الرقم القومي في عملية إدخال البيانات على الموقع الإلكتروني الجاري تدشينه، ومن ثم يتم التواصل مع المريض لتوزيعه على المستشفى الأقل كثافة، واتخاذ الإجراءات المناسبة لإجراء العملية اللازمة له ومن ثم إنهاء قوائم الانتظار.
الأعلى للجامعات يدفع بالإمكانيات والكوادر الشبابية
قال الدكتور حسام عبدالغفار، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلي للجامعات لشئون المستشفيات الجامعية، لـ"بوابة الأهرام": لدينا الإمكانيات البشرية والتجهيزية، ولكن بعض الأماكن تعاني عدم التشغيل الأمثل لها بسبب نقص المستلزمات الصحية، وعدم توافر القوة البشرية في بعض الأماكن.
وأضاف أن "هناك تعاونًا بين التعليم العالي ووزارة الصحة يجري الآن لإنهاء قوائم الانتظار في المستشفيات، وليس فقط التقليل منها"، مؤكدًا أنه يجري الآن التشغيل الأمثل للإمكانيات في الجامعات المصرية، قائلًا: "مستشفيات الجامعات ستوفر الإمكانيات والكوادر الشبابية".
الرئاسة تحدد: 6 شهور
وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاق المرحلة الأولى من المشروع القومي للتأمين الصحي، وتتضمن بعض الإجراءات والخطوات التنفيذية أولها القضاء على قوائم انتظار المرضى من المواطنين الذين يعانون الأمراض الخطيرة والحساسة، مثل أمراض القلب المفتوح والسكر وغيرها من الأمراض التي بحاجة لتدخلات جراحية، كما وضع الرئيس مدة زمنية 6 أشهر لأنهاء قوائم انتظار الأمراض الخطيرة، وأمر بمضاعفة الموارد المحددة لها لتكون صحة المواطنين بهذه التوجيهات في مقدمة اهتمامات الدولة.
البرلمان: هيئة مستقلة لمواجهة نقص الدواء
وقال الدكتور المعتز بالله النجار، أستاذ مساعد قسم العقاقير الطبية بكلية صيدلة جامعة دمنهور، وعضو مجلس النواب في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، إنه تقدم بأكثر من طلب إحاطة بشأن قوائم انتظار المرضى وضرورة إنهائها، لما فيها من خطورة على حياة المواطنين، "فليس من الإنسانية ألا يجد المريض مأوى لعلاجة بسبب افتقار المستشفى للإمكانيات أو الأطباء أو المستلزمات الطبية والعقاقير".
واقترح وجود هيئة مستقله لإدارة ملف الأدوية في مصر ومواجهة نقص العقاقير التي يترتب عليها تأجيل عمليات للمرضى، قائلًا:" وزارة الصحة لا تصلح لإدارة ملف الأدوية"، آملًا في إنهاء قوائم الانتظار في القريب العاجل، كما وجه بذلك الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأيضًا تفاعل المستشفيات الجامعية مع وزارة الصحة، والعمل معًا تحت مظلة واحدة لخدمة مصلحة المريض".