في عام 1887م اطلع أعضاء القومسيون العالي لوزارة الداخلية علي محضر رقم 25 الصادر من قومسيون أشقياء مديرية البحيرة والخاص باتهام محمد عمر زيدان وأشقائه علي عمر زيدان، وعوض عمر زيدان بالشقاوة والإجرام.
موضوعات مقترحة
وتظهر وثيقة قومسيون الأشقياء العالي لوزارة الداخلية سير التحقيقات التي اتخذها قومسيون أشقياء مديرية البحيرة في إصابة زوجة رجل مهم في دولة الخديو توفيق منذ أكثر من 130 سنة بعد وقوعها تحت قبضة الاحتلال الانجليزي بمدة 5 سنوات.
في البداية قام شخص وصفته الشرطة أنه مجهول بتقديم بلاغ في الأشقاء الثلاثة، مؤكدًا علي اتخاذهم أسلوب السطو كاللصوص بل قام الشخص المجهول، كما ادعي محضر الشرطة المحررة بنمرة 6 أنهم كانوا شاهدين لواقعة إطلاق أعيرة نارية علي زوجة ناظر الغربية بعزبة شنديد التابعة لمركز إيتاي البارود بالبحيرة.
يقول أحمد الشقيري الباحث التاريخي لــ"بوابة الأهرام" إن زوجة ناظر الغربية كانت متواجدة بعزبة شديد التابعة لمديرية البحيرة آنذاك حيث تم توجيه أعيرة نارية عليها مما أدي لإصابته بإصابات بالغة كما تحدد وثيقة القومسيون، لافتًا إلى أن الوثيقة لاتحدد الأسباب التي دعت لتوجيه إطلاق أعيرة نارية عليها والتعمد لإصابتها.
وأضاف ولأنها زوجة رجل مسئول ومهم في دولة الخديو توفيق، فقد كان علي الشرطة أن تكثف مجهوداتها لضبط الجناة، لافتًا إلى أن الشرطة بعد تقديم البلاغ من قبل الشخص المجهول قامت بالتحفظ علي أولاد زيدان الثلاثة والذين كانوا يقيمون بقرية كنيسة أورين.
تطرح الوثيقة عدة أسئلة لماذا تم إلقاء القبض علي أولاد زيدان من خلال تقديم شخص مجهول لبلاغ في الشرطة ؟ ولماذا صممت الشرطة أن تجعل ذلك الشخص مجهولا وأن تتحرك من خلال ادعاءاته ؟ بل لماذا أراد الجاني الحقيقي قتل زوجة ناظر الغربية؟ وهل كان يريد الجاني الانتقام من زوجها الذي يتولي منصب مهم في الدولة أم كان يريد الانتقام منها شخصيًا لأسباب لانعرفها؟ ولم تقم الوثيقة المدونة بالكشف عن اسبابها؟
اتهم الشخص المجهول أولاد زيدان بأنهم قطاع طرق ويعيشون في منزل شخص يدعي سيد دياب مؤكدًا أن منزل سيد دياب به مخزن أسلحة كما أكد أن لهم سطوة علي اللصوص الكبار وأنهم كانوا موجودين بواقعة إطلاق أعيرة نارية علي زوجة ناظر الغربية التي حدثت بعزبة شنديد، كما اتهم الشخص المجهول محمد عمر زيدان بإطلاق الأعيرة النارية علي زوجة ناظر الغربية وإصابتها إصابة بالغة مؤكدا أن عدم العثور علي أسلحة في منزلهم يرجع لكونهم لايتخذونه سكنًا لهم.
يؤكد الشقيري أن مديرية الغربية التي كان يتولي فيها زوج المرأة المصابة منصب الناظر شهدت، حوادث شغب وفوضى وانفلاتًا أمنيًا، التي افتعلها مدير الغربية، إبراهيم أدهم باشا، في عام 1882م بالاتفاق مع مدير المنوفية، حسن بك فهمي، ضد الثورة العرابية، ومساندته للاحتلال الإنجليزي حيث عاشت الغربية في فوضي عارمة بأمر من المديرين المتواطئين مع الإنجليز، وسلطة الخديو لإفشال الثورة العرابية.
أدي فشل الثورة العرابية إلي تشرد المعارضين وقامت الحكومة بمطاردة المعارضين لها في النجوع والقري كما عاشت مصر أزمة اقتصادية طاحنة أدي لكثرة السرقات وحوادث القتل بطول البلاد وعرضها كما قام الإنجليز بتسريح الجيش والاستيلاء علي مؤسسات الدولة المصرية ومنها جهاز الشرطة.
وأضاف الشقيري أن عقب قيام الشخص المجهول بتقديم البلاغ قام مأمور مركز شرطة شبراخيت بتفتيش منزل سيد دياب الذي ادعا الشخص المجهول أن ولاد زيدان يقومون في الاجتماعات فيه ويقومون بتخبئة الأسلحة النارية المتعددة فيه مضيفًا أن مأمور مركز شرطة شبراخيت أكد في تقريره أنه لم يعثر علي أي أسلحة بمنزل سيد دياب بل قام مشايخ بلاد الناحية في الشهادة بحقه وحق أخوته مؤكدين أنهم يمتازون بحسن الأخلاق.
لماذا صمم الشخص المجهول علي اتهام أولاد زيدان ؟ أسئلة لاتجبنا عنها الوثيقة التي أكدت أنه تم إلقاء القبض عليهم بعد بلاغ المجهول حيث تم استجوابهم فأنكروا أن تكون لهم أي صلة بأطلاق الأعيرة النارية علي زوجة ناظر الغربية بل قام قومسيون أشقياء مديرية البحيرة باستخراج سجل لهم فاكتشف بعدم أي وجود سوابق لهم لا سرقة ولا قتل كما تأكد قومسيون أشقياء مديرية البحيرة أن الشخص المجهول الذي حرر محضرا في أولاد زيدان ادعاءاته كاذبة وغير صحيحة.
يضيف الشقيري، أن قومسيون أشقياء مديرية البحيرة حين تأكد من براءة أولاد زيدان وكذب ادعاءات الشخص المجهول الذي قدم بلاغا في الشرطة ضدهم قام ببراءتهم من كافة التهم وهذا ماصدق عليه أعضاء قومسيون أشقياء وزارة الداخلية العالي في جلسة 2 مايو من عام 1887م.
ولكن يبقي السؤال من الذي أطلق الأعيرة النارية علي زوجة ناظر الغربية أحد الرجال المهمين في دولة الخديو توفيق في حقبة الاحتلال الانجليزي لمصر، بل من هو ذلك الشخص المجهول الذي قدم ادعاءات كاذبة وصدقته الشرطة بل قامت بإخفاء كافة بياناته؟.