Close ad

عبير فؤاد تكتب: طلعت حرب.. الفرق بين التاجر والبطل

24-11-2021 | 17:20

في مثل هذا اليوم ولد رائد الاقتصاد المصري "محمد طلعت حرب" يوم ٢٥ نوفمبر عام ١٨٦٧.. هو مؤسس بنك مصر وشركاته.. لم يكن طلعت حرب (رجل أعمال) بالمعنى المتعارف عليه في عصره ولا في العصر الحديث.

إن تعريف رجل الأعمال هو الرجل الذي يعمل بالتجارة، ويكون شاغله الشاغل وهدفه الرئيسي هو المادة، لذلك بعض رجال الأعمال قد يضحي بالمثاليات من أجل المادة، ومنهم من يضحي حتى بالوطن، لكن الزعيم "طلعت حرب" كان يبحث عن المادة من أجل تحرير الوطن، والفرق شاسع بين التاجر والبطل.
 
في علم الأرقام.. مولود ٢٥ نوفمبر لديه شخصية متكاملة تجعله عاطفيا ومفكرا في آن واحد، يملك موهبة في تحليل كل شخص وكل صغيرة وكبيرة، ويميزه ذلك ببصيرة غريبة.. ينتمي "طلعت حرب" لبرج القوس وهو أحد الأبراج المتبدلة، رمز القوس في دائرة البروج هو "القنطور".. القنطور هو كائن خرافي يوصف في الأساطير بأن نصفه الأعلى إنسان ونصفه الآخر فرس، ويوجد رسم للقنطور على سقف معبد "دندرة" في مدينة "قنا" ماسكا قوسه وموجها سهامه نحو أهدافه العالية في السماء.

ذلك القنطور هو الشخص القوس المنقسم لشخصين.. الشخص الأول يدعوه للمثاليات الإنسانية، والشخص الآخر يدفعه للوصول بقوة السهم، وسرعة الفرس لأهدافه المادية.

إن جانب المثاليات الإنسانية، والعاطفة هي التي صنعت "طلعت حرب" العاشق لوطنه "مصر"، هذه العاطفة هي التي دفعته لوضع اسم "مصر" على أكثر من عشرين شركة أقامها من أرباح بنك "مصر"، شركة "مصر" للغزل والنسيج، واستوديو "مصر"، و"مصر للطيران"، الخ.. هذه العاطفة هي التي جعلته يحلم برخاء مصر، أما الجانب الآخر من شخصيته فهو الجانب المادي والواقعي، وذلك ما يدفعه لإعمال العقل من أجل تحقيق أحلامه ومثالياته، هذا الحس المادي هو الذي جعله يعرف مبكرا أن الاستقلال الاقتصادي هو أساس الاستقلال السياسي، لقد كان يؤمن بأن المطالبة بالاستقلال يجب أن تكون مدعومة بقدرة حقيقية على الاستقلال، وليس بالمظاهرات والشعارات، ومن أقواله: "ماذا يكون حالنا.. ولا كبريتة يمكننا صنعها لنوقد بها نارنا، ولا إبرة لنخيط بها ملبسنا، ولا فابريكا ننسج بها غزلنا، ولا مركب أو سفينة نستحضر بها ما يلزمنا من البلاد الأجنبية، كل ذلك علينا عمله تمهيدا لاستقلالنا"!

كما أن المعرفة هي الهدف الأسمى لدى مولود القوس، هو الفارس الجريء المحب للمعرفة، فقد كان "طلعت حرب" يؤمن بأن التقدم لا يتم إلا إذا ازدهرت الثقافة، واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة، بمنتهى الجرأة وبروح مبادرة غريبة قام بتأسيس شركة "مصر" للتمثيل والسينما عام 1925، ثم "استوديو مصر" عام 1935 بغرض إنتاج أفلام مصرية.. من أقواله: "أننا نعمل بقوة اعتقادية وهي أن السينما صرح عصري للتعليم لا غنى لمصر عن استخدامه في إرشاد سواد الناس"، هذا هو رجل الأعمال المستقل والمستنير، والمؤمن بأن استقلالية الدول وتقدمها لا يتحقق إلا بالعمل والمعرفة، وبالارتقاء بثقافة الشعوب.

لقد خرج "طلعت حرب" عن المألوف في عصره من أجل عمل طفرة حضارية وجمالية ترفع اسم وطنه عاليا في السماء، لكن أحيانا يصبح الخروج عن المألوف تفننا في القبح! إذ ليس كل خروج عن المألوف جميلا.. فالخروج عن المألوف لتقديم شيء عظيم يؤدي للتطور، والخروج عن المألوف لتقديم شيء قبيح يؤدي للتدهور،.لو لم يكن الهدف نبيلا فلا معنى لأي ريادة أعمال أو أفكار.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة