Close ad

حسين خيري يكتب: الرقيب الصيني يفرض مقصه على هوليوود

23-11-2021 | 12:41

بدون مبالغة الصين تحدد حاليًا ما يراه المشاهد من أفلام في أي بقعة على الأرض، وأثبت ذلك في دراسته "جيمس تاجير" الباحث الأمريكي في صناعة السينما، وقال جيمس بالحرف الواحد: "إن الرقابة الصينية وصلت إلى قلب هوليوود، وتشكل الرؤية الفنية، وأن الحزب الشيوعي أصبح يضع معالم نوعية ما يشاهده العالم".

وتدرك الصين جيدًا أن هوليوود الذراع الفولاذي للقوى الناعمة الأمريكية، وبواسطة أدواتها استحوذت على خيال وعقول الجموع في أنحاء العالم، وكانت أحد الأعمدة الرئيسية في بناء شبكة العولمة العنكبوتية.

وعلى إثر ذلك نجح العديد من أغنى أثرياء الصين في عقد صفقات مع كبرى شركات إنتاج السينما الأمريكية، واشتروا مجموعة من أشهر استوديوهاتها، وتجتهد الصين في تطويع الرؤية الفنية الأمريكية على مقاس أفكارها ومعتقداتها.

ويظن الحزب الشيوعي الصيني أنه بمرور الوقت قد يتمكن من توجيه أضخم آلة ترفيهية في العالم طبقًا لأفكاره، فهل رجل الصين أحادي الرؤية ينجح في هذا؟ الإجابة: ليس كل ما يتمناه الصيني يدركه.

وفي المقابل.. أباطرة المال في الصين على يقين بضعف قدراتهم في صناعة ترفيه بهذه التقنية العالية في مجال السينما، ويعود تفوق السينما الأمريكية على نظائرها في الدول الأخرى إلى عدة عوامل بارزة، أهمها ما تملكه من عقول جبارة ذات خبرة عتيدة ومتوارثة عبر أجيال، منذ أن وضعت حجر الأساس لميلاد أول سينما في العالم.

والسر وراء طمع بكين في الهيمنة على هوليوود، هو إدراك صُناع السينما الأمريكية أن أرباح إنتاجها الفني من شباك تذاكر السينما الصينية يفوق ما يحصدوه من القارة الأمريكية، ونحن نتحدث الآن، تحتل الصين أكبر سوقٍ في العالم مشاهدة للأفلام السينمائية الأمريكية.

وفي سبيل ذلك يحاول منتجي هوليوود إرضاء الذوق الصيني، ويقبلون قسريًا الموافقة على شروط مقص الرقيب الصيني، الذي يضع ضوابطه على كل ما يشاهده المواطن في بلاده، ويرفض المحتوى غير الملائم لثقافة الصين، أو ما قد يسئ لتقاليد وعادات بلاده، ويعتبر الرقيب الصيني أن تخطي تلك المحاذير مساسًا بكرامة وشرف الأمة الصينية.

ولمزيد من التوضيح انخفضت مبيعات شباك تذاكر السينما في أمريكا الشمالية إلى 80%، وبمعنى آخر وصلت إلى 2.3 مليار دولار، وهو يعد أقل مبلغ تصل إليه السينما الأمريكية في 40 عامًا، ويصف خبراء الاقتصاد هذا الحال بأنه ضرب من الجنون أصاب مستثمري السينما الأمريكية.

حتى بوليوود الهندية لم تسلم من زحف الاستثمارات والتذاكر الصينية إلى عمق دارها، ووفقًا لبحث هندي متخصص يقر بتوغل تأثير بكين على صناعة الترفيه الهندي، وأظهر البحث الهندي مدى سيطرة الاستثمارات الصينية على رموز سينمائية كبيرة في بوليوود مثل شاروخان وكبير خالد، فضلًا عن وصول قوة تأثيرها على الهيئات التنظيمية لصناعة السينما الهندية.

وانتهى المطاف في الولايات المتحدة عقب الهجمة الشرسة الصينية على القوى الناعمة في العالم وخاصة في هوليوود بدعوة 18 نائبًا بمجلس النواب الأمريكي لضبط تدخل الاستثمارات الصينية في صناعة مدينة السحر السينمائي.

ويظل التنوع في الإنتاج الفكري والترفيهي الذي تتمتع به هوليوود سر تفوقها وتفردها وانتشارها على مستوى العالم، ومن خلال هذه المعادلة الصعبة سوف تفشل محاولات بكين في فرض مقص رقيبها، والمشاهد حول العالم يمثل الطرف الأقوى تأثيرًا في المعادلة.
Email: [email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة