(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) الآية (٥٦) من سورة الأعراف، تعتبر الأرض الزراعية هى الامتداد الغذائى الحيوى للإنسان لا يحيا إلا به كحقه فى الحياة، وهى تعتبر من الركائز الأساسية لدول العالم فى أمنها القومى الغذائى لاحتواء تهديدات خطر المجاعة التي تواجها، فقد ألزمت الشريعة الإسلامية بالحفاظ على الأرض الزراعية وعدم استنزافها وتغيير طبيعتها بالتعدى الجائر عليها، بعد أن وهبها الله لكل كائن حى تمده بجميع احتياجاته وغاياته الضرورية، والمقاصد الشرعية هنا وجوب ملزم بالحفاظ على مصدر حياة الإنسان وأمنه الغذائى حتى يستطيع القيام بمصالح الدين والدنيا بالحفاظ على البيئة الزراعية ودفع الضرر عنها، بمواجهة التهديدات من الاستغلال السيء الذى يستخدمه بإفساد الحياة الزراعية، وزرع بدلاً منها غابات أسمنتية وقواعد خرسانية، دون ضوابط قانونية أو طريقة تنظيمية صحيحة يمكن من خلالها اتباع الوسائل السليمة ضد التحديات والمخاطر التى تهدد بفناء التربة الصالحة للزراعة.
وقد اقتضت سنة الله فى الأرض أن يكون الإنسان أعظم مخلوقاته، ليكون خليفته فيها بقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ) الآية (٣٠) من سورة البقرة، يكون الإنسان الذي اختاره الله بهذه المهمة العظيمة وهي تعمير الأرض والحفاظ عليها بزراعتها وزيادة مساحتها المزروعة، لرفع وتنوع إنتاجها حتى تصبو للوصول إليه من الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية، وبالتالى يتحقق الفائض من المواد الغذائية بعد أن تم توفير جميع احتياجات الإنسان منها،دون الجنوح والتعدى عليها بالتقطيع الجائر لها دون تخطيط سليم، مما يؤدى إلى استحالة زراعتها لكى تصبح عرضة للتصحر، وهذا ما ألزم به الدستور الإلهى بدعوة الناس لإعمال العقل وتحويل المناطق الصحراوية إلى جنات خضراء، ونزع منها الغابات الأسمنتية وتحويلها إلى غابات وأشجار تطرح ثمار خضراء.
وطبقاً للتكليف الإلهي في تعمير الأرض والسعي فيها، كان اهتمام الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية، أن يحقق التنمية الشاملة فى جميع المجالات ويعممها على جميع أنحاء البلاد حتى يتمكن من بناء الجمهورية الجديدة والنهوض بها، ومن خلال اتساع نطاق التنمية يمتد بإفتتاح سيادته، أكبر محطة لمعالجة مياه مصرف بحر البقر إلى جانب عدد من محطات التحلية بالفيديو كونفرانس، الرئيس السيسي يسعى لتوفير الخير والرخاء لشعب مصر بتعظيم الإنتاج الزراعى واستصلاح آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية لكى يتحقق النمو الاقتصادي ورفع مستوى معيشة المواطن، وعلى كل هذا الجهد على أساس تسخير وتوفير كل الإمكانيات وإنفاق 700 مليار جنيه لتوفير "حياة كريمة" للإنسان المصرى ثم تأتى التعديات الجائزه على الأراضى الزراعية تنسف كل ذلك، لقد أحس الرئيس بهول المأساة بترك هؤلاء يهدمون الأراضى بالتعدى عليها وعلى الترع والمصارف.
فلن تتحقق التنمية الشاملة فى ظل غياب وعى وغباء مطبق من كل شخص اعتدى دون وعى بالتفريط فى مستقبل أراضى الأجيال القادمة، لأن دعوة الرئيس السيسي للحفاظ على الأراضي الزراعية هى أسمى ما أبدعه؛ لأنها فى عقله ووجدانه لكى يغرسها في جذور جميع الأجيال الحاضرة والقادمة، لأن بفقدان المساحة المزروعة من هذه الأرض فقد المواطن جزءًا كبيرًا من أمنه الغذائي القومي، فكان قرار سيادته لإرداع هذا الخطر بأن تسرع الحكومة الخطى بإزالة كافة التعديات على الأراضى الزراعية والترع ومنشآت الرى خلال فترة زمنية ستة أشهر؛ لوقف الزحف والتعدى الجائر الذى يغير من طبيعتها، وهذا ما يعترض عليه سيادته من أجل الصالح العام، بل شدد على وقف الدعم من التموين والخبز لمن يتعدى على الأراضى الزراعية بعد حصر أسماء المعتدين لرفع الدعم عنهم.
وأهيب برجال الصحافة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى والأهلى، بالدعوة لحث المواطنين على أهمية الأرض الزراعية بالحفاظ عليها وتنميتها وعدم الاعتداء عليها لأنها ترتبط بجذور عميقة من الأجداد، فهى ملك كل الأجيال فحق كل جيل أن يلتزم بالمحافظة عليها، لأن الحفاظ عليها يكون من أجل المصلحة العامة للوطن والمواطن وليس من أجل المصلحة الخاصة، وإذا كان هناك تعارض وقع بين هذه المصالح فيجب التضحية بالأخيرة من أجل الوطن والمواطن فمن أجل ذلك كانت مقولة الرئيس السيسي الشهيرة "متضيعوش شقانا".