Close ad

نجلاء محفوظ تكتب: تربية الأطفال ونط الحبل

18-9-2021 | 09:44

أجبرت أم طفلتها البالغة ثلاثة عشر عامًا على نط الحبل ثلاثة آلاف مرة يوميًا.. أصيبت الطفلة بأضرار صحية فادحة بالمفاصل والنخاع الشوكي، المؤلم أن الأم "اختارت" تجاهل شكوى وصراخ الطفلة وتأكيدها أنها تتألم بشدة ولا تستطيع مواصلة النط واتهمتها بمحاولة التهرب والادعاء وواصلت الإجبار..

الأسوأ أن هذه الأم "الصينية" كانت تجبر ابنتها على نط الحبل "سعيًا" لزيادة طول الطفلة.. مع ملاحظة أن الطفلة ليست قصيرة جدًا، ولكن "طموح" الأم كان مبالغًا به، ومن المؤكد أنها اتبعت وسائل أخرى ولم تنجح قبل لجوئها لنط الحل؛ ولا شك أن الطفلة "المسكينة" كرهت نفسها وحياتها وتحتاج لعلاج نفسي كما تحتاج للعلاج الجسدي..

نكاد نسمع من يقول إن هذه الأم "استثناء" وتمثل حالة شاذة لا ينبغي التوقف عندها، والمؤكد أن ما فعلته يتكرر يوميًا بأساليب مختلفة وبنسب متفاوتة بالطبع؛ فنجد أمًا أو أبًا يجبر الطفل على ممارسة رياضات لا يحبها ليكون مثل ابن خالته أو ابن عمه الذي تفوق بها؛ وتجاهل "حقه" في اختيار رياضته..
 
وأم تصرخ بوجه طفلتها طوال الوقت لأنها سمراء أو ملامحها غير جميلة وتجبرها على أمور لا تحبها "وتلون" عمرها بالغضب من نفسها وبرفض شكلها وربما الشعور بسوء الحظ.؛ والأذكى مساعدتها بإيجابية بشراء ملابس تناسب لون بشرتها والاهتمام بأناقتها وبجمالها وبزرع الثقة بنفسها وبالابتسامة دائما، وبذا تمتلك "الجاذبية" وهي من أسرار الجمال.

يتعامل بعض الأهل مع بدانة الطفل أو الطفلة "بغلظة" وبقسوة ويرغمونهم على إنقاص الوزن "بسرعة" ليتخلص الأهل من الاستماع لنصائح الأصدقاء - من الجنسين - ولومهم لهم وكيف يتركون الطفل بهذا الوزن و..و..، ونود الرحمة بالبدين ومساعدته نفسيًا وغذائيًا على التخلص من البدانة بخطط واقعية ومرنة.

شكت لي أم - بمرارة شديدة - طفلتها التي تمارس رياضة وتتفوق بالتدريبات ويشيد بها المدرب، "وتنهار" بالمسابقات بعد نوبات من البكاء وتقلصات بالقولون!! وكوابيس تحرمها النوم لساعات جيدة لتتمكن من التركيز..

كانت الأم تنتفض غضبًا من "صغيرتها" وتصفها بأسوأ الصفات وتتهمها بأنها تريد حرمان "الأم" من مجهودها في تربيتها!! وعناء الاهتمام بتدريبها ودفع نفقات التدريب وقضاء الأوقات معها أثناء التدريب فضلا عن قيادتها السيارة ذهابا وإيابا و..و..!
 
انتظرت "بصبر" حتى انتهت الأم من غضبها العنيف؛ "وأجبرت" نفسي على الرد بهدوء وأكدت لها أن الطفلة يجب أن "تستمتع" بالرياضة؛ فهي "هواية" وليست مذاكرة، وحتى الأخيرة يجب ألا نحولها لعبء أو مسألة حياة أو موت أو كما قال أب لطفله معاتبًا على نقص درجاته عن أصحابه بأنه بلا كرامة وأنهم "سيدوسون" على رقبته بأحذيتهم مستقبلًا!!؛ والأفضل "ترغيبه" بالتفوق.
 
قلت للأم ترفقي بطفلتك؛ عمرها عشر سنوات، ومن الظلم تحميلها هذه المعاناة "جربي" التوقف عن تحميلها مسئولية التفوق بالمسابقات وامتنعي عن "عقابها" عندما لا تفوز؛ وثقي أنها بمرور الوقت ستتعامل مع المسابقات بما "يقترب" من تعاملها مع التدريبات؛ فتلتزم بالتعليمات "وتسعى" للإتقان بلا ضغوط عنيفة تنهكها وتحرمها من التركيز "لطغيان" الخوف منك ومن الإخفاق بينما بالمسابقات تضطرب وتخاف والخائف دوما يلقي بنفسه في الأخطاء..

ننسى أحيانا أن أطفالنا - من الجنسين - ليسوا قوالب صماء بلا رغبات وبلا أحلام نقوم - وحدنا - بتشكيلها وفقًا لرغباتنا وربما بما لم نحققه، ونريد أن يحققه أولادنا ثم نضع هذه القوالب بأفران شديدة الحرارة لتصبح كما نرغب تماما ولا يمكن لشيء تغييرها "لاحقا"؛ وهذا ما يفعله - مع الأسف - بعض الأهل من الجنسين عندما "يقررون" التعامل مع أطفالهم كأشياء يتحكمون في صنعها وليس "كبشر" يحق لهم الاختلاف بالأحلام والرغبات عن الأهل، فيتسببون في إيلامهم نفسيًا وإلحاق الهزائم بهم بالدراسة والهوايات؛ فلا أحد سيحقق "أفضل" ما يمكنه وهو تحت الضغط المتواصل..

نقر ونعترف بالحب الكبير والمميز الذي يكنه الأهل لأولادهم؛ وينشأ قبل ميلادهم وتتشكل أحلامهم في بذل أقصى الجهد لتوفير حياة رائعة وناجحة وسعيدة لهم "ومساعدتهم" لتجنب الخسائر - ما استطاعوا - وصنع أحسن الانتصارات وأقواها بكافة مجالات حياتهم، ونحترم ذلك كثيرا وندعمه ونشجعه؛ فقط ننبه للفروق بين ذلك وسحق شخصية الأطفال ومعاملتهم بقسوة ومطالبتهم بعدم ارتكاب الأخطاء وهو مطلب غير عادل وغير واقعي أيضا؛ فما زلنا نحن الكبار نخطئ والمهم الاعتراف بالخطأ وعدم تبريره "والتنبه" حتى لا نكرره وعدم الاستهانة به أو تقليل آثاره ومنع جلد الذات أو الانهيار بسببه أيضا؛ وهو ما يجب تعليمه لأطفالنا منذ الصغر.

نرفض إهمال الأطفال "وقبول" تخاذلهم عن النجاح ونكره ذلك لأنه يؤذيهم بالحاضر وبالمستقبل؛ فتتراجع إرادتهم ويعتادون فعل أقل ما يمكن ويصاحبهم الفشل بأنواعه طوال حياتهم.

نوصي "بمراقبة" طموحاتنا من أولادنا وهل نطمح لهم بالأقل - خوفًا - عليهم من تحمل الجهد وربما من التعرض للإحباطات، أو نبالغ بالتوقعات منهم فنضرهم بإشعارهم بالذنب دوما لأنهم لن يحققوها ليس لتكاسلهم؛ ولكن لأن أحدا لم يحقق الحد الأقصى بكافة تفاصيل حياته..

لا مفر من الاعتدال "ومحاسبة" النفس والترفق بهم وبأنفسنا؛ فالمبالغة تؤذي الجميع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة