Close ad

فن التسامح (1-3)

3-6-2021 | 04:37

لم يكن الموقف ينم عن الضيق فقط؛ ولكنه أخذ في الاضطراب بشكل رأيته غير طبيعي؛ فالسير عبر الطرق وما قد يصادفه الناس من مواقف فجائية مربكة؛ أمر ليس بجديد.

كأن تقف سيارة أمامك بدون مقدمات؛ لأنك غير متوقع توفقها قد يحدث تصادم أو انحراف بسيارتك لتفادي التصادم؛ وهكذا يمكن الاستطراد في عرض كثير من المواقف التي قد تسبب بعض الإزعاج لعدد غير قليل من الناس.

لكني أتوقف عند مشهد رأيته عجيبًا وغريبًا؛ سيارة ميكروباص وجدتها تنحرف باتجاه سيارة صغيرة بشكل عنيف للغاية؛ وكأنها تريد صدامها؛ والسيارة الصغيرة تبتعد عنها بشكل واضح.

عندها توقف الشارع؛ وكنت قريبًا بدرجة جعلتني أعي سبب تلك الرعونة؛ فقائد السيارة الصغيرة يبدو أنه قطع الطريق على السيارة الأكبر؛ بشكل أزعج قائدها؛ فقرر ألا يتركه دون أن يعاقبه بطريقته؛ وكان المشهد الذي رويته سابقًا.

قد يبدو المشهد عاديًا؛ لا يستدعي التوقف؛ ولكنه كاشفًا لفكر وثقافة البعض الذين تربوا على عدم التسامح تحت مزاعم متعددة؛ منها أن هذا حق لا يجب التفريط فيه؛ والحقيقة الراسخة؛ أن هذا حق يراد به باطل، لأننا لا نعرف سبب ارتكاب الخطأ؛ هل كان عن عمد؛ أو دون قصد؟

فإن كان عن عمد؛ فنحن أمام خيارين؛ الأول قدرتك على رد اعتبارك؛ إذا امتلكتها؛ وتنازلت طوعًا؛ فأنت الأرقى خلقًا؛ وتصرفًا؛ أما إذا أردت أن تثبت لنفسك أنك تستطيع أن ترد اعتبارك فهذا حقك لا خلاف على ذلك.

أما إذا كان الخطأ عن دون تعمد؛ وللحقيقة؛ في الغالب يصعٌب التمييز؛ فالعفو من شيم الكبار؛ وهنا أتمنى مراجعة بعض قناعاتنا التي ترسخت لدى قطاع من الناس؛ بضرورة التحفز لرد الخطأ؛ بأي شكل؛ دون النظر للنتائج المحتملة.

ورويدًا رويدًا؛ نحينا التسامح جانبًا؛ حتى نسيناه؛ من يسير بالطرق يشاهد حالات من التعصب والضيق لم اعتد مشاهدتها من قبل؛ وحاولت جاهدًا أن أعرف السبب وفشلت؛ فدائمًا هناك توتر يسود تصرفات عدد كبير من الناس؛ برغم أن الدولة تجتهد بدرجة مبهرة في تنظيم المرور؛ وكذلك العمل على تسليس الاختناقات المروية بأشكال مختلفة منها التوسعة؛ كما يحدث على الطريق الدائري؛ أو من خلال كباري تلغي فكرة التقاطعات .. إلخ.

ومع ذلك حالات التوتر أرى أنها تتزايد؛ وأرى أن فكرة التسامح تتوارى؛ قد تكون تلك المشاهد سبيلًا للمعرفة؛ بما يؤدي إلى شعوري بالانزعاج؛ وبت لا أعرف هل هذا الشعور خاص بي وحدي أم يصادف أن يشعر به غيري.

وللحديث بقية، نستكملها في مقال آخر إن شاء الله.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.