Close ad

السؤال الصعب عن سمير غانم!

29-5-2021 | 00:08

كان السؤال رغم بساطته مدخلًا لعشرات الأسئلة، وباعثًا على أن أفكر مليًا في الإجابة، لماذا لم تكن للفنان سمير غانم طيلة حياته أية عداوات، أو حروب وصراعات على مكاسب ومناصب؟!

السؤال طرحه الإعلامي أحمد عبد العظيم في حلقة خاصة عن الراحل سمير غانم، أعدها الزميل محمد عمران، بالفضائية المصرية، والتي شرفت أن أكون ضيفها، بدون تفكير كانت الإجابة، لأنه لم يسع إلى أن يصبح ديكتاتورًا في عمله، لم ينشئ لنفسه مسرحًا، أو مهرجانًا، أو إمبراطورية فنية، عاش متسامحًا، بسيطًا، وعندما سألوه عن لحظة الحزن التي عانى منها كثيرًا قال إنها لحظات، وبدأها بلحظة وفاة شقيقه "سيد" عندما ذهب لعلاجه من مرض الكلى في الخارج، وفشلت عملية زراعتها، فعادا معًا في طائرة واحدة، هو يجلس في مقاعد الركاب وشقيقه في صندوق بالطائرة، والأخرى عندما فقد صديق عمره غسان مطر.

كم كان سمير غانم بسيطًا ودودًا مهذبًا في علاقاته بالآخرين، محبًا لأسرته، لمن حوله، ومن ثم كانت العبارة التي تحولت إلى بوست انتشر على صفحات السوشيال ميديا بعد رحيله "لأول مرة تعمل حاجة تزعلنا منك يا سمورة"، من رددوها محبون لفنان بث في قلوبهم البهجة.

فكم من شخص في حياتنا يسعى إلى بث البهجة، تلك كانت الأسئلة التي طرحتها على نفسي وأنا على باب ماسبيرو بعد أن انتهى تسجيل الحلقة، فلماذا هذا التكالب على الدنيا، على المناصب، على تشويه صورة الآخرين، أن نكره بدون حساب.. هل فكرنا لماذا كل هذا الحب لفنان ودعنا ونحن ما زلنا نتابع ظهوره الإعلاني وهو يوزع علينا البهجة..!

فى بداية الثمانينيات كان لنا صديق في الثانوية العامة، بمحافظة أسيوط، عرفت منه أنه من أسرة سمير غانم، من قرية عرب الأطاولة، ودار بيننا حديث عن الأسرة، وعلاقته به، قال إنه لم يره، لأنه ترك القرية مع أسرته التي تنقلت بحكم مهنة والده ضابط الشرطة من أسيوط، إلى بني سويف، ثم الفيوم، والتي تركها سمير بعد تعذر استمراره في كلية الشرطة بالقاهرة، ألحقه والده بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، لكن ما عرفته هو إن كل عائلته عرفت بأنها تسعى دائما للصلح بين العائلات الأخرى، وهو سر رغبة والد سمير في إلحاق كل أبنائه بالشرطة؛ حيث إن شقيقه حسام أطال الله عمره لواء شرطة.

صداقات سمير غانم التي كونها منذ أن بدأ مسيرته تؤكد طيبة قلبه، أول من ارتبط بصداقة معه طالب كلية الطب، عادل نصيف الذي هاجر إلى أمريكا بعد سنوات من العمل مع المخرج محمد سالم، ثم وحيد سيف، الذي كان مقررًا أن يكون معه هو ونصيف ثلاثي أضواء المسرح، لكن القدر شاء أن تكتمل بجورج سيدهم، والضيف فيما بعد، وقد يكون رحيل "الضيف أحمد" في السبعينيات أول من أثقل قلب سمير غانم، فهو من أصر على أن يلحقه بالفرقة رغم تردد محمد سالم، وبعد رحيله لم ير سمير في أي ممن تقدموا للفرقة من المواهب الشابة من يشغل مكانته فقرر أن يكتفي بالعمل هو وجورج حتى حدث الانفصال بعد "أهلا يا دكتور"، ولم يكن سمير رحمه الله في خصام مع جورج سيدهم، بل هو كما قال ذات مرة "لم أستطع رؤيته في حالته الأخيرة"، وكانت دلال عبدالعزيز شفاها الله حريصة على سد هذا الغياب بزيارات متكررة لجورج سيدهم.

رحل سمير غانم، وليتنا نفكر كثيرًا، كيف يمكن أن نتصالح مع أنفسنا، فلا تصبح الدنيا كل همنا، وتصبح صناعة العداوات حرفة يجيد البعض امتهانها!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: