تعتبر حوادث قطارات السكك الحديدية، هي من أهم المشكلات في مصر، وأشهرها حادث قطار الصعيد وحادث قطار الإسكندرية القاهرة الذي وقع عند قرية أبيس وقطار محطة رمسيس، وأن هذه الحوادث عندما تظهر بهذه المأساة على قضبان السكك الحديدية، سواءً كان بسقوط عربات القطار أو حتى بجنوح القطار عن مساره عن شريط القضبان الحديدية وأشهر مثال لذلك قطار كفر الدوار الذي نجم عنه مئات القتلى إلى جانب الأضرار الجسيمة التي وقعت بالمباني والأملاك العامة والخاصة جراء هذا الحادث المدمر، أو كما حدث بداية الألفية بنشوب حريق بقطار الصعيد.
وأمام هذه الكوارث من الإهمال وتكرار المأساة، شهدت سكك حديد مصر دماء جديدة على القضبان، بسقوط ٤ ع ربات وخروجها عنه إثر انقلاب قطار قرب مدينة بنها المتجه من القاهرة إلى المنصورة، وقد أسفر هذا الحادث عن استشهاد ١١ مواطنا وإصابة ما يقرب من ٩٨ آخرين، ويضاف هذا إلى مسلسل كوارث حوادث القطارات، التي لم يجف دماء شهداء حادث تصادم قطاري سوهاج منذ أقل من شهر عندما كتبت عنه في هذا المكان، وقد وقع الحادث في ٢٣ مارس الماضي بالإضافة إلى حادث قطار محافظة الشرقية بخروج عرباته عن القضبان منذ أيام قليلة ماضية.
وقد انتابت الشكوك الجميع بخصوص هذه الكوارث التي لم ننته من كارثة حتى تضاف إلى سجل الكوارث كارثة أخرى، فكيف نفادي هذه الكوارث قبل أن تأتي بفواجعها البشرية ومردوداتها الاقتصادية، جراء هذه الأحداث التي أصبحت تدخل في شكل الجرائم، نتيجة الإهمال والتسيب سواءً كان المتسبب موظفًا عامًا من المسئولين عن قيادة القطارات بإهماله عن الأعمال المكلف بها، أو بتناول العقاقير المخدرة التي تؤثر على العقل أثناء القيادة، أو عن طريق جرائم إرهابية يلجأ إليها الجماعات المتطرفة؛ سواءٌ كانت عن طريق أفرادها أو فصيل منها، يهدف إلى الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة وأمن المجتمع للخطر، وتعريض حياة الأفراد للخطر وإلحاق الضرر بالمنشآت العامة والاقتصادية في الدولة، فإن لرجال الشرطة دورًا كبيرًا ومهمًا في اكتشاف هذه الجرائم بالعدوان والغدر على أرواح المواطنين والمنشآت العامة والخاصة، وتقديم الجاني إلى العدالة الجنائية، طبقًا للجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل المنصوص عليها في قانون العقوبات.
فلابد من وجود رؤية إستراتيجية للأمن بالتعاون مع الفنيين وسائقي القطارات لضمان سير القطارات وراكبيها، وتفادي الأخطاء التي تسببت في أخطار حوادث القطارات، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في تقليص وتخفيف هذه الحوادث وتراجع نسب حدوثها، لأن حوادث القطارات أصبحت تعد مشكلة أساسية الآن في مصر، لما تخلفه من كوارث بشرية وتدمير للبنية الاقتصادية، فلابد من الاهتمام بالبحث والتطوير العلمي السليم باستخدام نظم المعلومات الحديثة، بإجراءات المعالجة الوقائية حتى لا تتكرر حوادث السكك الحديدية.
وإن هذه الحوادث تشكل أزمة تسعى الحكومة لمواجهة آثارها المدمرة على الأفراد والعربات بثقلها المادي والمعنوى، بعد أن شهدت عقودًا مضت من الإهمال في عهد حكومات سابقة، فقد تبنت الحكومة خطط وبرامج للتطوير والصيانة وتحديث العربات، واتخاذ إجراءات السلامة حفاظًا على سلامة حياة الإنسان والممتلكات لأنهم المقوم الأساسي للنهضة الاقتصادية والاجتماعية، ولا يغيب دور الصحافة والإعلام للتوجيه والنصح والإرشاد للتوعية ونقد السلبيات من أجل المصلحة العامة للوطن وسلامة وأمن المواطن في نفسه، بتحديث المنظومة الإلكترونية لجميع مزلقنات السكك الحديدية وعدم استخدام الطريقة اليدوية مع وجود فرد من أفراد الشرطة يتميز بسلامة التركيز أثناء عمله المكلف به.
ثم لأبد من الكشف الدوري على سائقي القطارات للتأكد من عدم تناوله أي حبوب مخدرة أثناء القياده، لأن السائق هو أهم عنصر فعال في قيادة القطار، فلابد من الكشف على سلامة عقله ومدى إدراكه للحواس بالتركيز أثناء القيادة؛ لأنه يتحمل مسئولية أرواح بشرية، ولا نغفل دور الأمن الوطني بالتحري عن كل سائق أو أي فني يتولى العمليات الميكانيكية وصيانتها في القطارات، من عدم انضمامه إلى أي فصيل من جماعات الإسلام السياسي أو حتى قريب له من الدرجة الأولى، ولابد من الاهتمام بعنصر الأمان في "بلف الخطر" في القطارات حتى لا تصل إليه أي يد آثمة تريد النيل من سلامة الأرواح.
لأن كل يد شريرة تريد العبث في هذا البلف الذي يعد المسبب الرئيسي في أكثر حوادث القطارات، فلابد من استخدام البحث العلمي والتطوير لتحسين أداء كفاءة هذه المعدات الفنية التي تتركز وقوع الحوادث نتيجة الإهمال بترك هذه الأجزاء الميكانيكية للعبث بدلا من صيانتها وتحديثها بشكل مستمر حتى لا تكون هذه الحوادث جواز سفر لخروج كل وزير نقل من الوزارة.