Close ad
19-4-2021 | 22:16
الأهرام العربي نقلاً عن

لعبة تسعير المياه أكبر من خيال منفذيها، وأخطر من خيال مخططيها القدامى والجدد، لكنهم يتجاهلون عن عمد بأن مصر أصلد من حجر الديوريت.

قطع جريان النهر بسد أو سدود، أو ادعاء ملكية الماء كالنفط والغاز والمعادن، هو آخر الألعاب فى جراب الحواة، وأول الأفكار الشيطانية لتغيير قواعد المياه العذبة فى دنياهم الجديدة.

منذ أربعة عقود وهم يجهزون لهذه اللحظة الغامضة، بمؤتمرات دولية وتخطيط لتسعير وبيع المياه، والعمل على إشاعة حروب بين شركاء الأنهار، وأشقاء الجغرافيا.

مصر تعلم، وترى، وتسمع، لكنها لا تتجاهل، لا تهتز من عواصف مصنوعة، تتحرك بتوقيتها الوطنى الخالص، لا تتمايل مع الريح، لا تقع فى شراك الماكرين، لا تبكى على اللبن المسكوب.

لعبة الفوضى كانت ستارا من الدخان الكثيف لألعاب أكبر، ضمن هذه الألعاب جاءت حكاية ملكية المياه لدول المنابع وحدها، ولا ندرى ماذا سيحدث فى أنهار: الأمازون، والراين، والدانوب، وبراهما بوترا، والكونغو، والنيجر، وغيرها من الأنهار العابرة للحدود؟.. والمثل يقول: رب ضارة نافعة، فقصة سد النهضة كشفت الأصدقاء والأعداء والمحايدين.

فى هذه المسألة الوجودية لا جدال، ولا تبرير، ولا تقاعس، ولا حيــاد، فالوقوف على الحياد خيانة، والتبرير لشياطين الإنسان خيانة أعظم، ومساعدة هؤلاء الشياطين لأهداف قصيرة المدى ترقى إلى جرائم عظمى للإنسانية، وقد كتب الشاعر الفلسطينى محمود درويش ذات مرة: النيل لا ينسى.

مصر قلب الدنيا القديمة والجديدة لا تنسى ولا تتناسى، تتجلد، وتتأنى، وتنتظر حتى ينتهوا من كل ألاعيبهم الجهنمية، ثم تنقض فى توقيتها الخالص.

لا تتماهى عقارب ساعاتها مع ساعات الآخرين، تعرف عن حق، وعن علم، أن مسألة سد النهضة لم تولد اليوم، بل ولدت منذ أكثر من نصف قرن، يعتقد حاملوها فى بطونهم نتيجة زواج الشياطين، أن وقتهم حان لمخاض الولادة، وهو اعتقاد سيصل بهم إلى جحيم لم يحسبوا عواقبه بدقة.

هل يعرف المخططون القابعون فى أقاصى الدنيا، وتابعوهم حولنا وبيننا، أن النيل يجرى فى بلادنا منذ 25 مليون عام، هل يعرفون أن مصر أصلد من حجر الديوريت، ثانى أصلب الأحجار بعد أحجار الألماس، هل شاهدوا تمثالا مصنوعا من حجر الديوريت للملك العظيم خفرع جالسا وهو يبسط يديه.

يعجز أى نحات فى الدنيا القديمة أو الجديدة عن نحت مثل هذا الحجر الصلب، وقد حاولوا، لكنهم فشلوا، هل يعرفون أن عمره يعود إلى أكثر من 5 آلاف عام، هل شاهدوا الصقر حورس وهو يحميه من كل جانب، ترى أين كان أجداد هؤلاء المخططين الطارئين على الدنيا؟
الحمقى لا يعرفون ما الذى سيحدث فى اليوم التالى؟

اليوم التالى لن يكون كالذى قبله، جربوا فى التاريخ السحيق، والتاريخ الأوسط، والتاريخ الحديث، فشلت كل تجاربهم، هذه المرة تفتق خيالهم الجامح عن محاولة قطع شريان مصر الوحيد، لكنهم لا يتخيلون أن شرايينهم هم سوف تقطع مرة واحدة وإلى الأبد.

إغراء القوة أعماهم عن رؤية جوهر الحقيقة، وهى أن مصر جاءت لتبقى، كانت وستبقى لتنتصر، وأن القوة الطارئة عليهم من ثروة طبيعية، أو من غزو أو استلاب، أو نجاح فى حروب غير متكافئة، هى محض مصادفة لا تتكرر مع المصريين.

لم يدرك هؤلاء الشياطين أن الاقتراب المرتب من قدس أقداس المصريين يعنى الاقتراب من برق، ورعد، وصاعقة.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: