Close ad

مكتبة الإسكندرية والتنوير الثقافي

4-4-2021 | 15:03
الأهرام المسائي نقلاً عن

 مكتبة الإسكندرية ذات الصرح الثقافي الهائل منبر العلم والعلماء، فمن يتأمل شعار المكتبة يجد أنه يتكون من ثلاثة عناصر: قرص شمس غير مكتمل، مياه البحر، الفنار، وكأنه يعبر عن روح المدينة الساحلية المشرقة والتاريخية.
 
البعض يعتقد أن مكتبة الإسكندرية للقراءة والاطلاع فقط، ولكن على أرض الواقع تلعب دورًا مهمًا في التصدي فكريًا للقضايا المعاصرة كالإرهاب أي تقاوم الإرهاب الفكري وأيضًا النفسي من خلال ما يتم عقده بصفة دورية من ندوات وأيضًا حفلات تهتم بالفن الهادف بجميع أنواعه، ومن جانب آخر تنير الفكر للمشروعات القومية التي تتم في مصر ولا يعلم عنها الكثير مثل سلسلة مؤتمرات مصر تتغير، والصعيد يتغير ليلقي الضوء على المشروعات التي تتم داخل صعيد مصر واستكمال المشروع القومي لحياة كريمة، فهي بمثابة قوة ناعمة لمصر، بخلاف أنها لعبت دورًا محوريًا في تأسيس أكبر مكتبة رقمية عالمية، والتي أطلقتها من باريس منظمة اليونسكو بالتعاون مع مكتبة الكونجرس وجهات علمية أخرى تتيح لمستخدميها من خلالها الاطلاع على كنوز العالم المعرفية عبر الأرشيف الإلكتروني الذي يتضمن مقتنيات أكثر من 30 مؤسسة عالمية، وجاء ذلك من خلال التعاون بين مكتبة الإسكندرية ومكتبة الكونجرس وأسهمت المكتبة بإضافة كتاب وصف مصر للمكتبة الرقمية العالمية.
 
من يتجول داخل المكتبة لا يكفيه يوم واحد ليتأمل الإبداع بداخلها، فتجد متحفًا وأيضًا مخطوطات ووثائق نادرة من الشرق للغرب، ويضم هذا الصرح الثقافي مكتبة تتسع لأكثر من ثمانية ملايين كتاب، ست مكتبات متخصصة، ثلاثة متاحف، سبعة مراكز بحثية، معرضين دائمين، ست قاعات لمعارض فنية متنوعة، قبة سماوية، قاعة استكشاف ومركزًا للمؤتمرات، كما يوجد قسم الكتب النادرة يضم مجموعة ثرية من الكتب التي يصعب الوصول إليها، ويوجد بالقسم أكثر من 15.000 كتاب نادر، بالإضافة إلى كتب مقدمة إلى كبار الشخصيات، مكتبة الخرائط تضم أكثر من 7000 خريطة تغطي جميع أنحاء العالم، كما يوجد قسم نوبل، قسم خاص بالحاصلين على جائزة نوبل منذ عام 1901 حتى الآن، حيث يحتوي على السيرة الذاتية لكل شخصية، قسم الميكروفيلم يجمع الوثائق والمطبوعات النادرة في شكل ميكروفيلم، فيحافظ عليها مهما يطل الزمان.
 
كما ترجع شهرة مكتبة الإسكندرية القديمة طبقًا لما قرأته، أنها أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم؛ حيث إن مكتبات المعابد الفرعونية كانت خاصة بالكهنة فقط، كما حوت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمي والالتقاء الثقافي الفكري بعلوم الشرق وعلوم الغرب فهي نموذج للعولمة الثقافية القديمة التي أنتجت الحضارة الهلينستية، كما أن القائمين عليها فرضوا على كل عالم يدرس بها أن يودع بها نسخة من مؤلفاته، ولأنها أيضًا كانت في معقل العلم ومعقل البردي وأدوات كتابة مصر؛ حيث جمع بها ما كان في مكتبات المعابد المصرية.
 
بالإضافة إلى أن المكتبة اهتمت بالجانب الإنساني ومنحت حق المعرفة والإطلاع للجميع فاهتمت بذوي القدرات الخاصة، فبداخل المكتبة 7 مكتبات متخصصة وهي مكتبة المكفوفين، ومكتبة المواد السمعية والبصرية، مكتبة الأطفال، ومكتبة النشء، ومكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة.
 
فمكتبة الإسكندرية ليست مجرد مكتبة، وإنما هي مجمع ثقافي، واستطاعت في فترة وجيزة، منافسة الأقسام العلمية داخل المكتبات العالمية، حتى إن الباحثين، على مستوى دول العالم، باتوا يأتون إليها للاطلاع على وثائق ومخطوطات عربية وأجنبية نادرة، انفردت المكتبة وحدها بالعثور عليها والاحتفاظ بها.
 
كما أن ترتيب مكتبة الإسكندرية من حيث العراقة والجمال يأتي السادس طبقًا لما أصدرته «ناشيونال جيوجرافيك»، كما أنها ثاني أكبر مكتبة فرانكفونية بعد مكتبة نيويورك في العالم؛ حيث قدمت فرنسا في أكبر صفقة ثقافية في تاريخ المكتبات هدية تصل إلى نصف مليون كتاب باللغة الفرنسية في عدة موضوعات مختلفة (علوم - آداب - تاريخ - جغرافيا - إنثربولوجيا) إلى مكتبة الإسكندرية، كما أيضًا تكون مكتبة الإسكندرية بهذا الإهداء المكتبة الرئيسية الأساسية للكتاب الفرنسي للشرق الأوسط والقارة الإفريقية، فأصبحت مكتبة الإسكندرية نافذة للعالم على مصر، ونافذة مصر على العالم.
 
عضو مجلس النواب

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة