Close ad
30-3-2021 | 12:31

بعد مجهود شاق وخارق، انفرجت أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس بأيد مصرية خالصة، خلال وقت قياسي، وتنفس العالم الصعداء، فور إعلان النبأ السار، بعد أيام صعبة تنازعته خلالها الهواجس والمخاوف، حول مصير السفينة العالقة التي أوقفت الحركة في المجرى الملاحي الحيوي للتجارة العالمية، وتسببت في تعطيل مرور مئات السفن المحملة بالبضائع والنفط والغاز.

نجح المصريون باقتدار في اختبار مصيري تابعه الجميع داخل مصر وخارجها بشغف يفوق الوصف، واجتازوه بكفاءة يستحقون عليها الثناء والإشادة البالغة، وقدموا درسًا عمليًا مشهودًا أظهروا وبرهنوا فيه على قدراتهم وكفاءتهم الفائقة الفذة، وأنهم أهل للتحدي والمواجهة، مهما كان حجمه وصعوبته وتعقيداته، فإرادتهم فولاذية بالمعنى الشامل والحرفي للكلمة، وذاك تقرير حالة واقعية وليس على سبيل المبالغة اللفظية، أو شعارات جوفاء صماء بلا سند يعززها.

ويحق لنا أن نبتهج ونزهو بما حققناه وفعلناه في قناة السويس، وأن نوجه اللوم الشديد وعبارات التقريع لبعض مواطنينا الذين، وبكل أسف، لم يكونوا على قدر الحدث والمسئولية الوطنية بانجرافهم بدون وعي ولا بصيرة خلف حملات التشكيك والسخرية والاستهزاء، بعد وقوع الحادث، ولم يلتفتوا إلى ما كانت تورده كبريات وسائل الإعلام الدولية صباحًا ومساءٍ وحمل تبرئة كاملة موثقة بالأدلة لساحة مصر ومرشديها، وأنه لا غنى عن قناة السويس كشريان أساسي للتجارة العالمية.

إن الذين انساقوا وراء قنوات وشائعات وترهات جماعة الإخوان الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي لم يكتفوا بدعم أجندة الكارهين لمصر وتقدمها ومصالحها العليا، لكنهم أيضًا نزعوا عن أنفسهم باختيارهم المحض والحر رداء الوطنية، ففي الشدائد والمحن تظهر المعادن الحقيقية، ومَن يقف حقًا وفعليًا إلى جانب الوطن ومَن يطعنه في ظهره.

وعلى كل حال، فإن الذين تكالبوا على الدولة المصرية، وأبدوا الشماتة فيها، عقب حادثي السفينة العالقة واصطدام قطاري سوهاج، خرجوا عن الصف الوطني، وانحازوا لأعداء الوطن، وفضلا عن ذلك فقد خاب رهانهم وتقديرهم، لأن رصيد الثقة في الدولة المصرية وقياداتها السياسية والتنفيذية كان أكبر بكثير من قوافل التشويه والمعلومات المغلوطة التي روجوها بكثافة، منذ اللحظات الأولي.

وسأقولها قولا واحدًا لا رجعة فيه، هو أن ثقتنا في الدولة المصرية وقيادتها السياسية في محلها تمامًا ولن تهتز أبدًا، لكونها لم تأت من فراغ ومبنية على قواعد راسخة وشواهد صلبة ماثلة أمام أعيننا، لماذا؟

الحوادث القريبة والبعيدة تؤكد مدى حرص الدولة المصرية على المصالح العليا للبلاد وللمواطنين، وأنها لا تالو وسعًا ولا جهدًا في المحافظة عليها والدفاع عنها، والدفع بالبلد للأمام وتطويره بكل ما أوتيت من قوة وعزيمة، لإيمانها بأن المصري يستحق دائمًا الأفضل، وتود تعويضه ما فاته إبان العقود الماضية، وبالذات على الصعيد الخدمي، الذي ظل مهملًا طويلًا.

علاوة على ذلك، فإنها تعلي من مبدأ الثواب والعقاب، الذي ظل غائبًا ردحًا من الزمن، وأنه لا أحد فوق الحساب والمساءلة، أيا كان مركزه وموضعه، ورأينا في فاجعة قطاري سوهاج الأليمة كيف تحركت الدولة وأجهزتها التنفيذية سريعًا وكانت موجودة في مكان الحادث تباشر التحقيقات منه، وتطمئن على توفير الرعاية القصوى للمصابين وأسرهم، وأكدت عبر كل مستوياتها، وفي مقدمتهم الرئيس السيسي أن المخطئ سينال عقابه بدون تباطؤ.

ومن قبلها تأكدنا من صواب ودقة توجهات ومواقف الدولة المصرية في أزمات مستحكمة تهدد أمننا القومي، مثل الحرب على الإرهاب، والأزمة الليبية، وملف العلاقات الشائكة مع تركيا، وسد النهضة، بالإضافة للقرارات المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية وتحديث البنية التحتية والتخلص من آفة العشوائيات والمناطق الخطرة، واتباعها نهج المصارحة والمكاشفة مع الرأي العام، وتلك جوانب ضاعفت من الثقة في القيادة المصرية.

وفي خطواتها ومواقفها فإن الدولة المصرية تقدم دومًا نماذج يحتذى بها إقليميًا ودوليًا، وتكون على قدر الحدث وتدرس أبعاده ومآلاته جيدًا بحسابات دقيقة وموزونة بميزان حساس، مثلما شاهدنا في واقعة السفينة الجانحة، وبأفعالها على أرض الواقع فإنها تخرس ألسنة الحاقدين والشامتين والمتآمرين وتكشف بجلاء أغراضهم الخبيثة الرامية لإعاقة مسيرة مصر التنموية، وطموحاتها وتطلعاتها المستقبلية.

ميزة الأزمات، بخلاف الدروس المستخلصة منها، وتصحيح الأخطاء، فإنها تظهر الخبيث من الطيب، والوطني والخائن والعميل.

إن مَن يكيدون لمصر لا يدركون صلابة شعبها وبأسه، وأنه قادر على الإبهار وتحقيق ما يراه كثيرون مستحيلًا بعيد المنال، وأنه غير قابل للانكسار ولا يهرب منِ معاركه وتحدياته، ويتغلب عليها ويخرج منها دائمًا مظفرًا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: