Close ad

الحل ليس في الإقالة

28-3-2021 | 02:27
الأهرام المسائي نقلاً عن

اعتدنا دومًا أن يطالب البعض عقب أى حادثة بإقالة المسئول، والقليل فقط من يبحث عن الأسباب، فـ 99 % من حل أى مشكلة معرفة ما أسبابها، فحادث اصطدام قطارى سوهاج ليس الأول من نوعه، فلنعود قليلًا للخلف إلى عام 2018، ونتذكر حادث انقلاب عربات من القطار الإسبانى رقم «986»، القادم من القاهرة باتجاه محافظة قنا، فى محطة «المرازيق» بمدينة البدرشين فى محافظة الجيزة، وجاء السبب حينها بأنه خطأ فى التحويلة، أيضًا حادث تصادم قطارى إمبابة فى يوليو عام 2012، وقطارى الفيوم فى نوفمبر 2012 كان للسبب نفسه، بخلاف حادث قطارى البحيرة! فضلًا عن حادث انقلاب عربات من مترو المرج لنفس السبب، أيضًا تلقيت العديد من الاستغاثات من أهالى الإسكندرية، بسبب غياب المسئولين عن التحويلة الخاصة بالترام، مما أدى إلى لعب الأطفال فى التحويلة، مما قد ينتج عنه العديد من الحوادث! فلا أحد يستطيع أن ينكر التقدم الهائل لمنظومة السكك الحديدية فى عهد كامل الوزير.

ولكن تظل المشكلة الأساسية فى تهالك البنية التحتية بخلاف غياب الأمان الكافى فى مراكز التحكم والتحويلة، فعند بحثى عن مكان التحكم فى التحويلة وجدت أنه مكان يستطيع أى شخص التواجد فيه رغم أنه من المفترض أن هذا المكان لا يستطيع أحد الوصول إليه، مثله مثل مكان سائق القطار، فلا أحد يستطيع الدخول إلى المكان المخصص للسائق.

أتذكر أيضًا فى شهر ديسمبر 2020 كنت بالقطار المباشر من إسكندرية للقاهرة المزمع تحركه الساعة الثامنة والوصول الساعة العاشرة والنصف، إلا أنى وجدت السائق كل فترة يتوقف، وعند سؤالى هل هناك مشكلة فى القطار كانت الإجابة أن السائقين «عاملين إضراب»!! ووصلت القاهرة فى ذلك اليوم الساعة الثالثة عصرًا! وبرغم الاستغاثة والتواصل مع هيئة السكك الحديدية وإرسال العديد من الشكاوى إلا أنى شعرت أن الجميع متواطئ! ولم يهمه السائق أن هناك من يعانى من حالات مرضية من الممكن أن تذهب روحه نتيجة مكوثه العديد من الساعات التى تعدت حينها الـ 7 ساعات، وأيضًا رحلات أخرى استغرقت الـ 12 ساعة!

فالتطور فى الكيان البشرى داخل منظومة السكك الحديدية قبل تطور السكك الحديدية ككيان معنوي! وإلا سوف يذهب هباء ما حدث من تطور، وما تم تكبده من مليارات فى سبيل التطور سوف يذهب فى غمضة عين، كما حدث فى كل حوادث السكك الحديدية!.

فخطأ التحويلة، السبب الرئيسى وراء حوادث القطارات فى مصر منذ سنوات، ألم يدق جرس الإنذار للهيئة العامة للسكك الحديدية لإيجاد حل جذرى، حتى لا تكرر هذه الكارثة؟، ناهيك عن الإهمال والخطأ البشرى وضعف فى الآلات وتهالك البنية التحتية! بخلاف عدم انضباط العامل البشرى من الأسباب الرئيسية أيضًا!

وكان من المفترض أن الوزارة أعلنت عام 2018 عن إعداد خطة عاجلة وشاملة لتطوير مرفق السكة الحديد بتكلفة 56 مليار جنيه حتى عام 2022، وتشمل تحديث كهربة إشارات خطوط السكة الحديد بتكلفة 12.4 مليار جنيه، وإجراء أعمال تجديدات وصيانة السكة الحديدية، ومن المستهدف التجديد الشامل لـ1200 كم سكة بتكلفة إجمالية 6 مليارات جنيه، كما سيتم تحديث وحدة التحكم المركزى ونظم الاتصالات، ونحن فى عام 2021، ولم تتوقف الحوادث المتكررة والمتشابهة! فمليارات يتم صرفها فى تحديث منظومة السكك الحديدية، ويتم خسارتها فى ثانية! لأن الأسباب الرئيسية للمشكلة ما تزال متواجدة ولم يتم حلها!

وعقب حادث قطارى إسكندرية، والذى حدث بسبب إهمال السائق وعقب ذلك تم الإعلان عن التحرى والكشف الطبى على السائقين، والتأكد من عدم تعاطيهم أى نوع من أنواع المخدرات، وسيتم التحرى والدقة فى اختيار العاملين، ولكن جميع الحوادث تؤكد عكس ذلك!

فقد ذكر حمدى برغوث خبير النقل الدولى واللوجيستيات سابقًا، أن هيئة السكك الحديدية «منهارة» فليس هناك قطار واحد مجهز بنسبة 100%، كما أن الورش وقطع الغيار تحتاج إلى إحلال وصيانة.

وذكر مسبقًا الدكتور أسامة عقيل، خبير النقل، أن مرفق السكك الحديدية «منهار تمامًا»، وأن أى عملية إصلاح ستكون بلا جدوي!
فبعد معرفة الأسباب الرئيسية وراء الحوادث المتكررة، التى يذهب جراءها أرواح العديد من الأبرياء فلا بد من الإسراع فى حل تلك المشاكل الرئيسية، وعدم التهاون فى عقاب كل من يثبت تورطه فى الحوادث المتكررة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وسواء أكان الحادث عن عمد أو نتيجة إهمال وخطأ فالنتيجة واحدة وهي ذهاب أرواح العديد من المواطنين الأبرياء وخسارة الدولة أيضًا المليارات، واحتياج الدولة إلى مليارات أخرى لإزالة آثار الحادث!

وفى النهاية كل تلك المليارات لن تستطيع استرجاع أرواح المواطنين، الذين لا يقدرون بالمليارات، رحم الله جميع ضحايا قطارى سوهاج.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: