فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى، وعلى صفحات «الأهرام» العريقة، كتبت أول تحقيق صحفى عن منظمات حقوق الإنسان، وكان عنوانه «دكاكين حقوق الإنسان» وبمجرد صدور الجورنال انهالت الاتصالات على الصحيفة ومسئوليها مع تقديم شكاوى ضدى عن هذه الجرأة التى وصفت بها تلك المنظمات فى التحقيق الصحفى الذى حمل آراء الكثير من مسئولى هذه المنظمات منهم من توفاه الله أو ضمن الهاربين خارج البلاد والمساندين للعصابة الإرهابية ـ وقتها كتبت هذا الوصف عليهم، لما رأيته وعشت عدة أيام فى مقار هذه المنظمات، ومع صغار موظفيها، وما أطلعت عليه من تقارير كانوا يقدمونها لى بأنفسهم.
ولم تكن تلك المنظمات فى ذلك الوقت معروفة مثل الوقت الحالى، بل كانت فى بداية عملها الحقوقى، وبالطبع لا يمكن اتهام كل من يعمل فى هذا المجال بالعمل ضد الدولة ومؤسساتها، فلدينا 48 ألف منظمة وجمعية أهلية، تعمل لمصلحة الناس، وتقدم خدمات تصل للبسطاء، وفى قطاعات منها التعليم وخدمة المجتمع، وتتبقى عدة منظمات تحوم دوما الشبهات حول العاملين بها، نتيجة للادوار القذرة التى يقومون بها، فهؤلاء لا تعنيهم الشعوب أو مصالحها، ولكنهم يبحثون عن انتفاخ جيوبهم بالمال الحرام، الذى يكتنزونه نظير تقاريرهم الفاسدة، والتى تستهدف فى المقام الأول كيفية تحريك المجتمع الدولى، وكل المعادين لمصر لاستخدام هذه التقارير السوداء فى التدخل السافر فى شئوننا الداخلية.
وتمر السنوات ويظهر للمجتمع أن هذه المنظمات السوداء عبارة عن دكاكين، تقدم بضاعتها الفاسدة لمن يدفع لها، وتجهز هذه البضاعة بناء على طلب من يشترى هذه التقارير العفنة، وفهم الناس حقيقة هذه المنظمات ومن يديرونها، فلا تجد هذا الممول صاحب دكان حقوق الإنسان، يكتب تقريرا يذكر فيه شيئا إيجابيا واحدا عن مصر، التى يحمل لها ولشعبها العداء، فهو يناصر كل من يتآمر عليها، ويساعدهم سواء كان مصريا هاربا فى الداخل والخارج، وتمتد جرائمه لمنظمات ثبت بالدليل أنها لا تبغى خيرا لمصر، بل تستهدفها فى المحافل والإعلام الدولى، فلم تمسك واحدا من هؤلاء الممولين المشبوهين متلبسين بالحديث فى تقرير أو حتى تويتة عن حق الإنسان المصرى فى تغيير حياته للأفضل، وعلى سبيل المثال لا الحصر هذا المشروع القومى الكبير الذى يستهدف قرى ونجوع وكنوز مصر والذى يستفيد منه أكثر من نصف سكان المحروسة من كل شيء المياه والصرف الصحى والطرق والمدارس ومراكز الشباب والكهرباء والبنية التحتية مع تغطية وتبطين الترع، 500 مليار جنيه ستتحملها الدولة للإنفاق على واحد من أهم المشروعات التى يستفيد منها سكان الريف للمرة الأولى فى تاريخهم لحل مشاكلهم المزمنة التى كانوا يشكون منها دائما، ومع انتهاء هذا المشروع المخطط له ثلاث سنوات فقط، تستطيع الدولة أن تعلن للكل أنها بالفعل ترعى حق الإنسان المصرى فى حياته، وأن يعيش حياة كريمة كان يتمناها، ويبحث عنها، وحق الأطفال والشباب أن يجدوا قراهم ونجوعهم أفضل مما هى عليه الآن، يجدون طريقا مرصوفا ومدرسة وكوب ماء نظيفا ووحدة صحية تعالجهم، وكل الخدمات الطبيعية، التى يحتاجها الإنسان.
للاسف يظل ملف حقوق الإنسان يستخدم فى مساراته السياسية، وتستغله بعض الدول لتحقيق مطالب بعينها فى حين أنها لا تلتفت لحق الإنسان الطبيعى الذى يريد الحياة الكريمة، ولا يعنيه سوى توفير متطلباته من مسكن ومأكل وغيرهما، وما نتابعه خلال تلك المرحلة يكشف لنا الدور الحقير الذى تلعبه دكاكين النصب والاحتيال فى تشويه الأوضاع الداخلية المصرية، بل فبركة وقائع والزعم بحدوثها فى مصر بهدف تحقيق مآربهم باستهداف المصالح العليا للوطن، ما تقوم به الدولة المصرية من تنمية فى كل بقعة من أرضنا الطيبة هو العنوان الحقيقى لمعنى رعاية حق الإنسان فى حياة كريمة يستحقها.