انتشار الكباري الجديدة في كل ربوع مصر له فوائد ظاهرة للعيان أهمها تيسير الانتقالات والقضاء على بؤر الزحام ويتم استخدام أسفلها في بعض المناطق كمواقف للسيارات أو لإنشاء محال ومقاهٍ لخدمة المارة، ولكن لهذه المنشآت العملاقة فائدة أخرى لا يدركها الكثيرون برغم أهميتها وهو ضبط إيقاع العمل في المجتمع ومعدلات الإنجاز اليومية.
ولنشرح رؤيتنا بالتفصيل؛ المجتمعات الزراعية التي تستغرق فيها دورة الإنتاج شهورًا طويلة من بداية الغرس وحتى الحصاد يكون إيقاع الحياة فيها بطيئًا متناسبًا مع طبيعة العمل، وبالتالي فالدقيقة والساعة واليوم لا قيمة لها، على عكس المجتمعات الصناعية التي تتسارع فيها دورة العمل، ويكون هناك جديد كل لحظة.
وفي المقابل فإن إيقاع العمل في مجتمعات الموظفين يتأثر بعوامل عديدة من بينها الفترة التي يقضيها في التنقل بين منزله وعمله فإن كانت طويلة (ساعتين مثلا) فإن إيقاع عمله يكون بطيئًا متناسبًا مع فترة الانتقال، لأنها ستكون دائمًا المرجعية لتحديد طبيعة الإيقاع باقي اليوم، وإن كانت 10 دقائق - مثلا - فإن معدلات الإنجاز مرشحة للزيادة إذا توافرت العوامل الأخرى المساعدة (جهاز كومبيوتر مثلا).
وبالتالي فإن ربط العاصمة الإدارية بشبكة طرق متطورة تساعد الموظفين والمتعاملين على الوصول لمكان العمل بسرعة كبيرة سيكون له تأثير إيجابي على فاعلية المنظومة الإدارية للدولة، خاصة أن العاصمة مصممة وفقًا لأعلى المعايير التكنولوجية بما يوفر للموظفين قدرات كبيرة على الإنجاز.
الكباري والأنفاق والقطارات السريعة ليست فقط وسائل مواصلات.. إنها وسائل لأسلوب حياة جديدة في مصر.