Close ad

ضريبة الدخل والفصل بين السلطات

24-2-2021 | 17:21
الأهرام اليومي نقلاً عن

ان إعفاء المكافآت الممنوحة لأعضاء البرلمان من ضريبة الدخل يأتى أساسا لرغبة المشرع فى الفصل بين السلطات.. جاء ذلك التصريح على لسان وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، اثناء مناقشة مشروع لائحة مجلس الشيوخ. بل وتساءلت احدى العضوات، وهى ايضا عضوة بلجنة الخطة والموازنة، عما اذا كان الخضوع لضريبة الدخل يعنى المساس باستقلال المجلس وخضوعه للسلطة التنفيذية ام لا؟. وهنا يصبح التساؤل هل الفصل بين السلطات يعنى عدم الخضوع للضريبة؟

الدستور المصرى أوضح ان السلطات تكمن فى السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، والسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية والحكومة باعتبارها الهيئة التنفيذية والادارية العليا للدولة، واخيرا السلطة القضائية ممثلة فى القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الاخرى. فاذا ما أخذنا بالمنهج السابق فيصبح من حق هؤلاء جميعا،باستثناء السلطة التنفيذية، الاعفاء من الضرائب. وهو غير دقيق على الإطلاق ويخل بمبدأ العدالة الضريبية التى هى أساس الضرائب وغيرها من تكاليف المالية العامة” كما نصت على ذلك الفقرة الأولى من الدستور المصري في المادة 38، والتى تشير وبحق الى ان العدالة هى جوهر النظام الضريبي في المجتمع. وهكذا ينبغى أن تكون العدالة الضريبية مضموناً لمحتوى النظام الضريبي وغاية يتوخاها ويتعيّن تبعاً لذلك أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها، بمختلف صورها محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، كما أشارت وبحق المحكمة الدستورية في أحد أحكامها الأخيرة.والعدالة هى تساوى عبء الضريبة على جميع دافعي الضرائب وبحسب طاقة الفرد على الدفع.

ويدور الحديث عن نوعين من العدالة، العدالة الرأسية بما يعنى دفع الضرائب بناءً على قدرة الفرد، فهى تفترض أن الأشخاص ذوى الظروف المتمايزة في القدرة على الدفع يجب أن يدفعوا مقادير مختلفة من الضرائب، والعدالة الأفقية وتفترض أن الأفراد ذوى المقدار المتساوي من القدرة على الدفع يتحملون أعباء ضريبية متساوية أي المعاملة المتساوية لذوى الظروف الاقتصادية.

ولهذا فاذا كان مجلس النواب قد قام بإلغاء هذا الإعفاء فى مشروع لائحة الشيوخ فينبغى ايضا وبنفس المنهج إلغاء الفقرة الاولى من المادة 428 فى لائحته الداخلية. ويرتبط بهذه المسألة المادة (103) من الدستور، والتى نصت على تفرغ عضو المجلس لمهام العضوية، ونظرا لعدم الالتزام بهذا النص، فان البعض يحصل على رواتب اومكافآت من جهة عمله الاصلية، بالاضافة الى مكأفاة المجلس. وهنا يصبح التساؤل هو هل ستطبق المادة 11 من قانون الضرائب على مكافآت الاعضاء، وحينها يتم خصم 10% مقطوعة دون تخفيض لمواجهة التكاليف، ودون إجراء اى خصم آخر بما فى ذلك الشريحة التى لايستحق عليها ضريبة، ام ستعامل على انها مصدر الدخل الاساسى وهنا تصبح الاشكالية فى الاموال التى يحصل عليها العضو من عمله خارج المجلس؟

وفى هذا السياق تثار مشكلة أخرى تتعلق بالحد الأقصى، فمن حيث الشكل أشار مجلس النواب الى الحد الأقصى للاجور، بينما القانون رقم 63 لسنة 2014 يتحدث عن الحد الأقصى للدخول، وشتان الفارق بينهما. وكان الاجدى بالمجلس مراعاة هذه التفرقة فى الصياغة. اما من حيث الموضوع فانه يوجد عدة مستويات للحد الاقصى اولها ما يتعلق بالقانون رقم 63 لسنة 2014 وهو 42 الف جنيه وثانيهما يتعلق بقانون ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021 رقم 85 لسنة 2020 المادة الثالثة عشرة والتى اشارت الى ان صافى الحد الاقصى للدخول يساوى خمسة وثلاثين مثل الحد الادنى للدرجة السادسة فى بداية التعيين والذى يتقرر بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء، والذى تقرر بـ 2000 جنيه، اى ان صافى الحد الاقصى اصبح سبعين ألفا فأيهما سيطبق على الأعضاء!!

بل والأهم من كل ماسبق التفرقة التى تمت فى المعاملة بين رئيس مجلس النواب ووكيليه الذين يحصلون على مكافات لاتزيد على الحد الاقصى للاجور( وفقا للمادة 428 من لائحة النواب الصادرة بالقانون رقم 1 لسنة 2016)، بينما رئيس مجلس الشيوخ سيحصل على مجموع ما يتقاضاه رئيس الوزراء، وهو مايعادل صافيه الحد الاقصى للاجور! وبعبارة اخرى فالاول سيحصل على الاجمالى دون خصم الضريبة بينما الثانى سيحصل على الاجمالى بعد خصم الضريبة، فهل يجوز الاختلاف رئيسى الشيوخ والنواب على مكافأة اعلى من رئيس مجلس الوزراء رغم تشابه المهام؟. اما فما يتعلق بالفصل بين السلطات، فقد تكفل الدستور والقانون بذلك بمنح بعض الجهات موازنة البند الواحد، اى تعطى لها اعتمادات إجمالية يتم التصرف فيها دون التقيد بتقسيمات الأبواب المنصوص عليها فى الموازنة لضمان عدم تغول السلطة التنفيذية عليها، ومراعاة الفصل بين السلطات مع الأخذ بالحسبان انها ليست موازنات مستقلة، ولكنها توضع بندا واحدا في الموازنة،ووفقا لموازنات كبند واحد، وهو مايحقق للجهات الممنوحة لها الاستقلالية فى إنشاء الدرجات وشغل هياكلها التنظيمية وشئونها المختلفة وذلك مثل المحكمة الدستورية العليا.إن الجهات التي نص عليها الدستور كموازنة بند واحد هي القوات المسلحة لاعتبارات الامن القومي والمحكمة الدستورية العليا فقط دون غيرهما من الجهات بينما نص قانون الموازنة العامة رقم 53 لسنة 1973 والمعدل بالقانون رقم 87 لسنة 2005 في مادته العاشرة على أن تكون موازنة الهيئات القضائية والجهات المعاونة لها، من الموازنات ذات البند الواحد، بالإضافة الي كل من مجلسي الشعب والشورى (اللذين اصبحا النواب والشيوخ) والقوات المسلحة والجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز المدعى الاشتراكي (قبل إلغائه أيضا).

وهو ما يتطلب إعادة النظر في هذه المادة والاكتفاء بما نص عليه الدستور، أما باقي الجهات فيجب إعادتها الي التقسيم التقليدي وإلغاء حصولها على موازنة البند الواحد لضمان تلافي السلبيات السابقةلكل ما سبق يصبح من الضرورى اعادة النظر فى مجمل هذه القوانين بغية جعلها متسقة مع الهدف منها، وربطها جميعا بقانون الحد الاقصى للدخول مع ادخال التعديلات اللازمة عليه، فضلا عن ضرورة اسراع مجلس النواب بتعديل لائحته وإلغاء الاعفاء المتمتع به مكآفات الأعضاء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (3)

أوضحنا خلال المقالين السابقين أهمية الاستثمار فى صناعة الرياضة ودوره فى التنمية المجتمعية عموما والبشرية على وجه الخصوص، واصبح التساؤل الى اى مدى تعاملت

كأس العالم لليد والاستثمار في الرياضة (2)

أشرنا في المقال السابق الى أهمية وضع الرياضة فى خدمة التنمية البشرية بغية جعلها إحدى الأدوات المساهمة فى رفع كفاءة الأفراد والمساهمة فى تطوير الإنسان وهو

مجلس الشيوخ وموازنة البند الواحد

مجلس الشيوخ وموازنة البند الواحد